يقول الرئيس مسعود ولد بلخير في منبر حر تحت شعار: (موريتانيا أولا) الصفحة 22.
(هكذا منذ أن عرفتني، وباستمرار، وإن أية صورة مغايرة هي محض فبركة ملفقة،
وبالتالي مفتراة أريد بها المس من شرفي وكرامتي، وهو ما لا يجب ترجمته على أنه رفض مني للصفح عن كل الذين وجدوا متنفسا في إيذائي وسبي.
وإني لأشهد الله وأشهد كل الناس أنني سمحت وصفحت عن كل من آذاني وسبني، وكما أكدت في العديد من المناسبات، فإن حبي لبلدي، وبغضي الحدسي لكل ما يمس من شرفه وكرامته أو يضر بمصالحه، ليس بحال من الأحوال، مرادفا لرفض أو كراهية الآخر).
هكذا أنت كما عهدناك أيها الطود الشامخ، يا عاشق الوطن، يا وردة الغد المنير، يا فجر الحرية، تلك شيمة قرأناها في صفحات مجدك المتلألئ (الصفح والعفو عند المقدرة) ألست أنت القائل: (من فعل لي فعلا سيئا أنساه، ومن فعل لي فعلا طيبا لا أنساه) تلك شيمة لا يجحدها إلا مكابر، حينما تبارى الكل في التحامل عليك في عهد كان سبك فيه صيدا ثمينا، وكانوا ينتظرون منك ردة فعل تتناسب مع شناعة الفعل نفسه حينما عبث بهم الدهر لكنك رديت عليهم بأنهم لا تثريب عليهم لأن ذاكرتك لا تستعيد إلا الحب والياسمين (اذهبوا فأنتم الطلقاء).
ففي 14/03/2002 كنت في كلية الآداب والعلوم الإنسانية في نقاش ساخن حول شخصكم الكريم، وقد شنف أسماعي شباب من شريحة البيظان من مختلف التوجهات بعبارات نابية أبسطها كلمة (رئيسك عنصري) وكان مضمون كلامهم يحمل حقدا يتطاير من ألفاظهم، وكانت ردودي عليهم لا تخلو من قسوة مع محاولة التماسك، وحينما احتدم النقاش وارتفعت الأصوات كانت إدارة الجامعة أكثر رحمة بي حينما وجهت التعليمات بإيقاف ذلك النقاش الذي كاد أن يفقدني صوابي.
وقد قمت بعد ذلك بزيارة لمنزل الرئيس مسعود للسلام عليه ففوجئت بثلاثة نسوة من شريحة البيظان ولما سألت عنهن قيل لي بأنهن تمكثن في المنزل منذ 20 يوما لم أرتح لذلك أبدا وتذكرت ذلك النقاش وما شابه من سب من قبل بني جلدة هاته النسوة، فلم أتمالك نفسي وقررت مغادرة المنزل فورا وقلت لماذا يسقي هؤلاء شربة ماء ولكنني لم أكن لأفهم ذلك البعد الإنساني المفعم بحب كل شيء في هذا الوطن، إنه حقا شنقيطي أصيل، فلا عجب إن هو أصفح عن قوم لم يلاقي منهم سوى ما عظم وتفاقم من سيء الأفعال والأقوال.
فيمكن القول إن جمع الشتات، وتكريس المحبة بين الموريتانيين وأواصر جسور التلاقي بين بياض العين وسوادها، هو بعد إنساني لا يدركه إلا من كان ذو شأن عظيم في الحفاظ على كلمة (السواء) في هذا البلد.
وهكذا بقيت أنا العبد المسكين إلى الله عاجزا عن فهم ما يريد أن يصل إليه هذا المناضل حتى وجدت بأم عيني هذا الزعيم ينتزع الحب من قلوب قوم كانوا يبغضونه حتى النخاء وأيقنت أن هذا القبس لا يعدو جزء من تراكمات ملؤها، الحب، والحلم، والتسامح، والوطنية، حينها فهمت أنه بإمكان، التسامح، والمحبة، والإنسانية الصادقة، والدفع بالتي هي أحسن أن تجعل الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم (هو قتلني وأنا وليته).