حينما صاح أحد زعماء المعارضة قائلا لقد خُدعنا ظننتها ستكون المرة الأولى والأخيرة التي سيقولها هذا المعارض الفذ، هذا المعارض المفوه الذي لا يشق له غبار، اليوم يبدو أن الحديث الشريف « لاَ يُلْدَغُ الْمُؤْمِنُ مِنْ جُحْرٍ وَاحِدٍ مَرَّتَيْنِ » لا تنطبق عليه هو وأصدقاءه المخدوعين سلفا والمخدوعين مستقبلا إن شاء الله.
كالعادة، لمَّا يجد النظام نفسه محشورا في زاوية ضيقة يهرع دون تردد إلى ملعبه الذي يجيد اللعب فيه بامتياز، إنه ملعب المعارضة أو بالأحرى منقذة الأحكام العسكرية من عنق الزجاجة كلما استدعى الأمر ذلك، إن بشكل فردي تارة أوبشكل جماعي تارة أخرى.
تلك الوضعية هي التي يعيشها النظام الآن في ظل إقدامه على مسرحية هزلية سبق التخطيط لمشاهدها كلها ولم يبق إلا الممثلين وبما أن الموالاة صارت مستهلكة لدى النظام أو انتهت صلاحيتها ما دام بعضها قد استسلم للأمر الواقع وسلم بانتهاء صلاحيته ، فإن النظام صار يبحث عن آخرين أكثر إقناعا من الموالاة وأقدر على لعب الدور بشكل أفضل، هذا الدور الذي قام به حزب تواصل في المسرحية الماضية وإن لم يقنع ولم يقتنع هو نفسه، إلا أنه أعطى النظام القوة لقطع خطوة إلى الأمام على الرغم من ندمه الجزئي إن جاز التعبير، وتصريحه بأن النظام قد زور ولعب في النتائج بالشكل الذي يريد عبر هيئة الإخراج المكلفة بذلك (اللجنة المستغَلة للإنتخابات). وفي سعيه لإيجاد هذا الشريك الساذج ليس له من حل إلا الدخول مع المعارضة " المشرّعة " في حوار معروف النتائج.
أُعلن إذا عن بدأ الحوار بين نظام الجنرال وحبيبته الموسمية ، إلا أن هذا الحب لم يجد بعد طريقه إلى قلب أحدهما بالشكل الذي يجعلهما يتفقان على عقد قرانها على منصة مبنية على آلام المواطنين و أمالهم الخائبة دوما ووليمة معدة من أموالهم المحرمة، يقدم النظام شوكة وتقدم المعارضة وردة لعلها تُرضي النظام ويقبل بشروطها (المقدم) ، إلا أن النظام يعتمد على هيام حبيبته ومتأكد أنه ستُقبل شروطه هو في نهاية المطاف ليلعب لعبته المعهودة وتبقى المعارضة أو المنتدى - سمه ما شئت- تقلب كفيها كما حدث قبل فترة وجيزة وهي من الخائبين.
لنعد بالذاكرة إلى الماضي القريب ، إلى اتفاق داكار ، إلى حيث تنادى الطرفان ليعقدا اتفاقا هللا له على حد سواء ، لكن وكما هو معروف خرج النظام غانما وخرجت المعارضة تقلب كفيها كأن شيئا لم يكن وقالت حينها لقد خَدعنا نظام الجنرال ولم يلتزم بما اتفقنا عليه ولن تتكرر ثانية، لكن مالذي تغير الآن؟ نفس الظروف ، نفس عنق الزجاجة ، والنظام يلجأ لكم أيضا وهو أقوى مما كان، فالأم الحنون (فرنسا) راضية عنه وليس في حاجة إلا لديكور و أنتم كما عودتمونا – حفظكم الله- على استعداد للعب هذا الدور (الكومبارس).
أنتم إذا تدركون الحاجة الماسة إليكم ، ولكنكم تخفقون دائما في استغلالها حتى تبدون كاللاعب الثانوي وتصبون على أنفسكم جام غضب من كان يرى في زوال هذا النظام فرجا لطالما انتظره، وبذلك تحكمون على أنفسكم بالفشل وتعطون النظام فرصة لتشتيتكم بخلافاتكم السقيمة ، وليس دخول مسعود تحت الظل إلا أحد تلك التجليات وليس تواصل ودوره التجميلي في المرة الماضية (المهزلة الإنتخابية) إلا شكلا من أشكال التشرذم الناتج عن الصراع الأيديلوجي المستورد مع حزب اتحاد قوى التقدم والتكتل وبذلك ذهبت قوتكم أدراج الرياح و إلى الأبد، لذلك فلا تتعبوا أنفسكم وتتعبونا، أنتم داخلون ومشاركون في المهزلة فانتهزوا الفرصة وحافظوا على طاقتكم المهدورة منذ مدة طويلة ولتعقدوا هذا القِران الممل ولتنتهوا من الكذب على أنفسكم ولتعلموا جيدا أنكم واقعون لا محالة في حفرة كبيرة من إعداد الحفَّار بطبيعة الحال.