فاز الرئيس محمد ولد عبد العزيز في مأمورية رئاسية أولى في الانتخابات الرئاسية التي تمخضت عن اتفاق دكار الذي تم توقيعه يوم 04/06/2009 بقصر المؤتمرات بالعاصمة نواكشوط بين أطراف المشهد السياسي،
تلك الانتخابات التي جرى شوطها الأول يوم 18 يوليو 2009 ونجح فيها بنسبة زادت على 52% من الأصوات المعبر عنها.
مع بداية هذه المأمورية انطلقت الصفقات المريبة من عقالها، وبدأت تمنح - بشكل علني -على أساس من الزبونية قل نظيره (صفقة مطار نواكشوط الدولي نموذجا)، ثم بدأت الاتفاقات الثنائية تكشف المستور من استنزاف النظام لثروة موريتانيا وهو ما أظهرته اتفاقية الصيد المشهورة التي منحت لشركة وهمية في الصين حق استنزاف ثروتنا السمكية على مدى خمس وعشرين عاما قادما.
توالت الأحداث وتنوعت المشاهد وجاء اتهام النائب الفرنسي مانويل نوير للرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز برعاية وتجارة المخدرات في منطقة الساحل رغم أنه اعتذر عن توجيه هذه التهمة في الأسابيع القليلة الماضية. إلا أن أثره القيمي والأخلاقي لا زال وسيظل قائما.
وتأتي الفضائح لتسرح وتمرح في كل أجهزة الدولة وقطاعاتها فمن قطاع الشؤون الإسلامية (صفقات الحج المريبة) إلى قطاع التجهيز والنقل الذي تباع فيه الروح البشرية بمبلغ لا يتجاوز 65.000 أوقية (والمتاجرة برخص السياقة علنيا) إلى قطاع الصيد والاقتصاد البحري (اتفاقية الصيد المذكورة أعلاه) إلى قطاع المعادن (منح رخص التنقيب على أساس القرابة الاجتماعية والولاء السياسي) التي نشرت وثائقها يوم 19/04/2014.
تأتي هذه الفضائح إذن لتبرهن أنه لا توجد أسس محاسبة سليمة توقف المعتدي عند حده . بل إن كل شيء هنا معروض بالمزاد لمن يبعث برسائل الولاء - خفية الدلالة أو جليتها- إلى الحكومة .
هذه الممارسات تولد انطباعا متزايد أن الاصطفاف السياسي وحده هو ما يمنح الحصانة أو يوفر الأجواء المناسبة لإنزال العقوبة بحق المعارضين أو منح ما يكفي من الاطمئنان للموالين.
لا شك أن الفترة الرئاسية القادمة ستكون الفضائح فيها أكثر تنوعا وأشمل انتشارا. خاصة في ظل المؤشرات التي منحتنا إياها الفترة الأولى التي توشك على الانقضاء.
نحن في هذه الأيام مقبلون على فترة رئاسية جديدة بدأت ملامح التحضير لها جارية، فهل سيمنح الموريتانيون ثقتهم لمن فعل بهم مثل هذه الأفاعيل؟
أعتقد ذلك لسبب بسيط هو أن المنتفعين من هذا النظام هم المتحكمون في رقاب أغلب القوى الناخبة خاصة في داخل البلاد، بينما يوجه النظام جل اهتماماته لمضايقة النخبة الشبابية المثقفة ومحاصرتها في أرزاقها بغية إجبارها على الخضوع والخنوع. وهو ما نحج بعضه لكن الفشل كان نصيبه في بعضه الآخر.
ختاما: نحن في بلد يعلن ساسته العمل بسياسة "كن في صفنا ولا تبالي" وهي السياسة التي تدمر القيم وتستهدف الأخلاق وتدفع بالأحرار إلى رفع أصواتهم قائلين: "لن نكون في جانب من دمر الاقتصاد ووفر وسائل العبث بثروات الوطن. بل ودفع به إلى طريق الانهيار".