الجيش الموريتاني يقود العملية السياسية منذ أن استولت اللجنة العسكرية للإنقاذ الوطني علي مقاليد الحكم في البلاد صبيحة العاشر من يوليو1978م ومنذ ذلك التاريخ تعاقب علي سدة الحكم :
قادة الجيوش والكتائب المسلحة والألوية وأصبحوا وزراء ومدراء وولاة وحكاما ورؤساء أحزاب وناشطين سياسيين .وأصبحنا اليوم أمام طرفين سياسيين متخاصمين يقودهما قادة عسكريون (رئيس منتدي الديمقراطية والوحدة والرئيس الحالي ) ولم يعد في الإمكان الفصل بين السياسة والجيش ، مما يستوجب إيجاد حل قائم علي معادلة ديمقراطية يكون الحسم فيها داخل ثكنات الجيش..! .فهل تكون صناديق اقتراع الجيش هي السبيل الوحيد لإحداث التغيير ..مثل ما كانت دباباته هي المخلص من كل الأنظمة؟
أصدر الرئيس الموريتاني مرسوما يقضى باستدعاء هيئة الناخبين من أجل انتخاب رئيس الجمهورية ، طبقا للترتيبات المعلنة:(المادة الأولى"- تدعى هيئة الناخبين يوم السبت 21 يونيو 2014، وفي حالة شوط ثان يوم السبت 5 يوليو 2014 من اجل انتخاب رئيس الجمهورية - يصوت أفراد القوات المسلحة وقوات الأمن المسجلين على اللائحة الانتخابية يوم الجمعة 20 يونيو 2014 وفي حالة شوط ثان، الجمعة 4 يوليو 2014 ).
إن قراءة سريعة لما جاء في المرسوم تكشف عن ناخبين رئيسين :
- أفراد القوات المسلحة وقوات الأمن الذين يقترعون في اليوم الأول
و-الشعب بكل أطيافه الذي يقترع في اليوم التالي لاقتراع الجيش .
فمن الواضح إذا أننا أمام مستويات من النتائج .
المستوي الأول: يمثل خيار الجيش والثاني يمثل خيار الشعب ...وانطلاقا من ذلك ومادام الجيش هو الممسك الوحيد بالسلطة وهو جزء من الشعب بكل أطيافه، يعيش واقعه ويحس آلامه وآماله ، فإنه يصبح من الوارد الاستنتاج التالي :
لماذا لا نجرب الاحتكام إلي صناديق اقتراع الجيش ؟
إن هذه الفكرة لاتبدوا منطقية أوجدية ومع ذلك فهي تختزل جوانب من الحقيقة السياسية القائمة .. فإذا تأملنا جليا الممارسة السياسية هذه الأيام علي جميع المستويات فإننا سنخرج بمايلي:
- الجيش هو المتحكم في الدولة ووظائفها ومؤسساتها وجميع مرافقها
- قادة الجيش هم من يمتلك الثروة والمال والقطع الأرضية وكل خيرات البلاد
- أبرز من يمارسون السياسة إما قادة عسكريون أو ضباط سابقون أو متقاعدون
إن كل تلك الأمور تدفعنا إلي التفكير مليا في مخرج من الأزمة الحالية من داخل المؤسسة الحاكمة والقادرة علي إحداث التغيير ..
إن زعماء المعارضة الوطنية (أكلوا يوم أكل الثور الأبيض) ولم يعد بمقدورهم منازلة النظام بالطرق القديمة في المحاولات السابقة، فكل حيل المعارضة استهلكت وجميع نقاط قوتها تراجعت .
إن صناديق اقتراع الجيش قد تمثل الأمل الحقيقي للشعب الموريتاني عندما يجري الاقتراع فيها بحيادية وشفافية وسيكون وقعها علي الجنرالات أقوي من تصويت الشعب كله لصالحه ..
لقد جربنا تصويت الجيش في الانتخابات البلدية والبرلمانية والذي جاء في أغليه في غير صالح حزب الرئيس ، مما يبعث برسائل مفادها أن ناخبة الجيش أكثر معارضة من ناخبة الشعب ، لذلك لاينبغي أن يعول عليها الجنرلات كثيرا ,,فهل يمكن أن نطالب المعارضة والنظام بالاحتكام لصناديق اقتراع الجيش وأن يقبل الجميع بالنتائج!.. مجرد تساؤل ؟