في اليوم العالمي لحيوانات التجارب.. ماذا عن البشر أيضا؟! / محمدُّ سالم ابن جدُّ

يصادف الرابع  والعشرون من إبريل كل عام اليوم العالمي للتعاطف مع حيوانات التجارب؛ وهو أحد ابتكارات العقلية الغربية المرهفة جدا.. إلى حد التماهي والاندماج مع الكائنات الحيوانية من رتب أدنى!

طبعا أنا أنادي بالرفق بالحيوان، لأن ديني دين الرأفة والرحمة، وربي –جل شأنه- الرؤوف الرحيم، ونبيي –صلى الله عليه وسلم- نبي الرحمة، ويؤثر عنه قوله: «إن الله كتب الإحسان على كل شيء فإذا قتلتم فأحسنوا الْقِتْلَةَ وإذا ذبحتم فأحسنوا الذِّبْحة وليُحِدَّ أحدكم شفرته وليرح ذبيحته» (رواه أبو داود (2432) والترمذي (1329) والنسائي (4329) وابن حبان (5982، 5983).. وغيرهم.) وقصة المرأة التي عذبت في هرة ربطتها معروفة.. (روى حديثها البخاري (3071) ومسلم (4951) والنسائي (1465).. وغيرهم.) ولكن الإنسان – عندي- يأتي قبل الحيوان.
أنا إذن وسائر المسلمين نتبنى الرفق بكل محتوى العالم؛ إيمانا منا بأنا علاقتنا به علاقة ائتمان لا تمليك في الغالب الأعم.. وحين نتبنى ذلك فليس تقليدا منا للغير؛ وإنما هو جزء أصيل من ديننا الحنيف الذي يمنع الظلم والفساد في الأرض وإهلاك الحرث والنسل بغير حق شرعي.
بيد أن احتفالنا باليوم العالمي للتعاطف مع الحيوانات ينبغي أن يظل مؤجلا حتى إشعار آخر.. فنحن مشغولون بالبشر الذين يسقطون ضحايا أحدث ما توصل إليه فلاسفة الإبادة وكهنة التدمير والتخريب؛ في وسط إفريقيا، وسوريا، ومصر، وفلسطين، وأفغانستان، والعراق، والسودان، والبوسنة، والصين، والشيشان، وميانمار.. والقائمة طويلة.
باختصار: لا وقت لدينا للاهتمام بالحيوان الآن على الأقل.
لقد طال عجبي من هذا الحس المرهف الشاذ الذي يتعاطف مع الحيوان ويتغاضى عن الإنسان (حتى لا أقول شيئا آخر) فبسلاح مَنْ يقَتَّل البشر هنا وهناك؟ وبمال مَنْ يبطش الحكام والمحاربون والدخلاء؟ وبحماية مَنْ يحظى أعداء الحضارة والوجود والحياة والإنسانية؟
هل من شفاء لهذا الْحَوَل المفرط في نظرة الغرب لكي يرى المدينة قبل الغابة ويهتم بالضحايا وفق أولوية منطقية تمليها المعاناة البشرية في العصر المعيش؟!
إنـها مفارقة بدأت بذرتـها تنمو في ذهني قبل ثلاثين سنة حين أصدر الرئيس الأمريكي الأسبق رونالد ريغان كتابا عن حقوق الحيوان وصون "كرامته" في وقت كانت جيوشه تبيد البشر –وليس الحيوان- في ليبيا ولبنان وفلسطين.. وقد أصبحت البذرة الآن شجرة ضخمة "تحجب الغابة"!
ما أغرب هذا المنطق وما أحوجه إلى السلامة!!

26. أبريل 2014 - 8:39

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا