لا يمكنني ان اكون ضد انصاف أي شريحة اجتماعية معينة ... و اعتبر المطالبة بحقوق أي شريحة اجتماعية واجب المجتمع بكامله و لا يخص تلك الشريحة المغبونة بذاتها ... و ارى أن اي تجاهل لحقوق الغير تصرف متخلف و غريب على المجتمع المسلم و المسالم ... !
لكنني في المقابل أكره المتاجرة بقضايا المجتمع و استغلال الفرص من قبل (متمصلحين) يزعم البعض انهم (حقوقيون و مناضلون) للعبور الى مصالحهم الشخصية عبر المصالح الجماعية للشرائح المظلومة.
تتناقل الانباء هذه الايام و بتناقض كبير قضية (مسيرة لحراطيــن)، و تختلف تلك الأنباء حول كواليس تلك المسيرة و طبيعة الجهات المشاركة فيها بصفة (خفية او معلنة) و عن شحنات قوية و متنوعة زوِّد بها المنظمون لتلك المسيرة بطرق (مباشرة و غير مباشرة) ... كلها امور جعلت روائح (العنصرية و الغلو و التطرف و التمصلح و الانتهازية) تفوح من تلك القضية السياسية بامتياز !.
و هكذا تلوح المؤشرات الى ان هذه المسيرة مجرد وجه من وجوه التمظهر السياسي لجهات معينة و هو ما يجعلها تخرج عن المنحى المراد منها اصلا و تسير في اتجاه آخر على غرار سابقاتها.
المجتمع الموريتاني كباقي مجتمعات العالم شهد تعثرات في مجال حقوق الانسان لكن متى كان ذلك؟ و هل يعقل أن تتوقف عجلة النمو و تدور الى الخلف (كما يريد لها البعض) من اجل نقاش امور لم تعد مطروحة في وقتنا الحاضر؟
هل سنقبل كمجتمع واعي و ديمقراطي ان يظل شغلنا الشاغل هو نبش الماضي (بريبة فاضحة) من اجل عرقلة الحاضر و افشال المستقبل؟ و هل سدت كل الأبواب امام بعض الجهات السياسية ولم يبق لها غير باب (ركوب امواج) قضايا المجتمع؟ !!
لا اعتقد ان الأمر يحتاج الى تفكير عميق فالإجابة على هذه التساؤلات بسيطة جدا، لاننا بكل اعتزاز نعيش جو حرية تسمح بنقاش كل القضايا و بكل اريحية و هدوء ... و ليست هناك أي شريحة مغبونة بذاتها، لكن نعم هناك تقصير في دور الدولة في تأدية خدماتها المقدمة للمجتمع بكل فصائله، هناك اخفاقات طبيعية تشهدها كل الدول و لا يمكن بأي حال من الأحوال ان تحوزها شريحة لنفسها بل ان اضرار تلك الاخفاقات تطال الجميع.
لكن هناك جهات سياسية لها اهدافها المعلنة و مستعدة لكل شيء مقابل تحقيق تلك الأهداف و هي في كثير من حالها تتشدق بخدمة المجتمع و الدفاع عن حقه.
و على هذا الأساس فإني اوجه نداءا الى كل الرشداء من لحراطين و من غيرهم من مجتمعنا الطيب أن يتركوا الأمور في مجرياتها الطبيعية و ان يستشعروا قيم الوحدة الوطنية التي تملي علينا نبذ التفرقة و الانشقاق و الطائفية و تفرض علينا الاحساس بالتماسك و التآخي و قيم المجتمع الواحد الذي ينصف فيه المظلوم من قبل كل فرد سواء كان من شريحة ام من شريحة اخرى من مجتمعه.
كما ادعو الجميع الى التوقف عن توظيف قضايا المجتمع في مصالحه الشخصية لأن هذا في حد ذاته ظلم بين و يتنافى مع الانصاف.