المتطرفون لا يمثلون الحراطين / محمد ولد إبراهيم

  ليس غريبا على مجتمع متعدد الأعراق مختلف الألسنة والعقائد أن تظل فيه نيران الفتن العرقية و الطائفية و العنصرية مشتعلة ليبقى متروكا  كفريسة سهلة للنعرات و العصبيات الجاهلية، لكن الغريب هو

 أن المجتمع الموريتاني الذي تعايش منذ القرون الماضية على المحبة والسلام والعافية و الأمن في هذا البلد المتعدد الأسماء : بلاد الشناقطة وبلاد التكرور وبلاد الملثمين... إلخ أن يكون مهددا في صميم وحدته بفعل بعض الخطابات المتطرفة.
ومما لاشك فيه أننا نحن الموريتانيين شئنا أم أبينا أهل عافية و اعتدال في الأمور كلها و لسنا ميالين إلى التطرف و الغلو كما أننا لسنا في الوقت نفسه متساهلين في أمور ديننا الحنيف، هكذا عرفنا الآخرون و سيكتشفه أولئك يوما ما.
وككل مجتمع يستحيل أن يخلو من مخلفات الماضي التي تنغص في بعض الحالات حاضره و تشوش في حالات أخرى على مستقبله، رغم محاولاته الجادة في التغلب عليها بشتى الطرق و الوسائل المشروعة و الموضوعية،مع أن الدولة الموريتانية قطعت بلا شك أشواطا لا بأس بها لمحو آثار الاسترقاق رغم أن الطريق ما زال طويلا و الكل مجمع على ضرورة معالجة هذه القضية العادلة التي لا نريدها أن تظل قيدا يشدنا إلى الماضي و تشل حركتنا نحو المستقبل.
  إلا أنه في الوقت نفسه بدأت تبرز شيئا فشيئا دعايات مغرضة تستهدف في محاولة يائسة أخرى النيل من وحدتنا الوطنية وذلك عبر استهداف أحد مكونات هذا الشعب وهم العرب (البيضان والحراطين) إمعانا في تفتيت الوحدة الوطنية و تهديد السلم الأهلي.
إن ما يقوم به المتطرفون من بث لأفكار مضللة و دعايات مشينة و أفعال غير مسؤولة لا يصدقها إلا الذين في قلوبهم مرض العنصرية و الحقد غير المبرر، يتطلب منا جميعا الوقوف صفا واحدا من أجل التصدي لهؤلاء المتطرفين الذين يشكلون خطرا متصاعدا على وحدتنا الوطنية و سلمنا الأهلي.
إن الوازع الديني يفرض علينا اجتناب الفتن و ترك الخلافات، كما أن الواجب الوطني يملي علينا الدفاع عن وحدة البلد و استقراره وحماية المجتمع من المخاطر التي تواجهه و التصدي لكل خطاب متطرف من شأنه تهديد وحدتنا الوطنية في الصميم و زعزعة استقرارنا وسلمنا الأهلي. فالفتنة نائمة لعن الله من أيقظها.
إن نبش مخلفات ماضينا لتأزيم حاضرنا وتدمير مستقبلنا لن يستفيد منه إلا أعداء هذا البلد الذين لا يتمنون له الخير بعد أن ظل آمنا مستقرا وسط محيط عصفت بدوله المجاورة فتن وحروب سببها الأساسي هو العبث بوحدتها الوطنية و سلمها الأهلي سواء كان مصدره من الداخل أو الخارج.
و على هذا الأساس فإنني أدعو كل من لديه قضية عادلة أو يدعي أنها كذلك على الأقل أن يعرضها على الرأي العام بطريقة تليق بعدالة هذه القضية و يكون هدفه الأول هو كسب الأنصار بالتي هي أحسن و ليس خلق الأعداء بقبيح القول و ساقط الكلام.
ولاشك أن الرأي العام الوطني سيطرحها للنقاش في الصالونات ووسائل الإعلام المنتشرة يوما بعد يوم و ستنال هذه القضية حظها من النقد و التمحيص فليس كل ما يلمع ذهبا كما يقول المثل.
و في الأخير لابد من التذكير أن تقبل الرأي البناء و التمسك به يبقى أصعب دائما من التقاط الرأي الهدام و التشدق به فالهدم بطبيعة الحال أيسر من البناء.

29. أبريل 2014 - 0:11

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا