المشظوفي و حشاد، أية مفارقة ؟! / محمد عبد الله ولد ابَّابه

"أُحبك يا شعب"، بتعبير المناضل التــُّونِسي حَشَّـادْ، وأزيد بيتا من الشعر فأقول: وأشفق عليك  أيها الشعب الموريتاني النائم.
نعم، أشفق عليك لأنك وللأسف لا دور لك، بكل صراحة، في واقعك، وحتى ولو تهيأت ألف فرصة وفرصة لذلك.

فقبل 52 عاما وفي عام 1952 بالضبط اغتالت "اليد الحمراء"، التي كانت تعمل لصالح الاستخبارات الفرنسية، المناضلَ التونسي فرحات حشاد، فأحدث الأمر ضجيجا في العالم ككل، ولم تقتصر تداعيات الاغتيال على تونس، بل إن قطرات دم الشهيد شكلت وقود الشعلة الثورية التي أضاءت للشعوب الافريقية الدروب نحو الإستقلال، حين وجدت هذه الشعوب نفسها أمام نموذج صارخ من خبْث الاستعمار الفرنسي، فكان الاستقلال.
فالثورة المسلحة التي قامت في تونس والمغرب للمطالبة بالإستقلال، لم تكن في البداية إلا مظاهرة ضد اغتيال فرحات حشاد.
وقبل سنتين لقي محمد ولد المشظوفي حتفه على أيدي أفراد من حرس بلاده، أثناء حمايتهم لمسؤولي شركة أجنبية، هي شركة نحاس موريتانيا M C M ، فتركنا، حتى الآن، دمه الزكي  ضائعا، دون أن نسير  في طريق الوفاء للرجل، من خلال المُضِي قدما في  المطالبة بكرامة العامل الموريتاني من خلال المطالبة بتأميم الشركة وطرد الأجانب الذين تهون، على حرسنا الوطني،  دماؤنا في سبيل حمايتهم، في وقت يمارسون فيه أبشع أساليب الاستعمار بحقنا تحت يافطة الاتفاقيات "الاستعمارية".
هذا الرجل يجب أن نتخذه رمزا للنضال الحديث، يجب أن نذكره في عيد العمال، وفي ذكرى وفاته، وبمناسبة وبدون مناسبة.
من العار أن نتركه دمه يسيل في القاع، من العار أن يُطلَّ دمه، من العار أن نتركه لوحده. هذا انتحار جماعي تحت تأثير العجز عن تحقيق الذات.
هل أصبح الشعب الموريتاني ميتا الى هذا الحد؟ هل أصبح الدم الموريتاني رخيصا الى هذا المستوى؟   هل نتوقع أن نحظى بالاحترام بعد هذا الصمت المذل؟
إن موريتانيا التي يتندر العالم على الطريقة التي نالت بها الاستقلال، لابد أن تقدم تضحيات على الصعيدين: السياسي والاجتماعي، وإلا فإنها لن تحظى باحترام الشعوب المماثلة التي قدمت الغالي والنفوس في سبيل تحقيق "الذات الجمعوية".
فعلى الصعيد الاجتماعي لابد من المطالبة بتأميم الشركات المنجمية والسعي فورا الى التصنيع وإيجاد الوسائل الكفيلة بذلك. قد يكون الأمر كبيرا الآن، ولكنه صغير حين يكون "تحدي" التصنيع،  و"الاستجابة للتحدي" بتعبير اتْــيوُنــْبِـي، (نظرية التحدي والاستجابة للتحدي)  حين نطرد هذه الشركات المتعددة الجنسيات فإننا سنـُوجد البديل المُصَنَّــع.
وعلى الصعيد السياسي لابد أن ينجز الشعب الموريتاني ثورته، ضد الأقلية  العسكرية التي تتولى مقاليد الحكم، سبيلا إلى تحقيق الديمقراطية، التي يكون الشعب فيها هو مصدر السلطة، و هو الرقيب الجمعوي على الحاكم، و هو من بيده عصا العقاب: الرفض الانتخابي.
ولكي يثبت الشعب الموريتاني حنكته وعمق رؤيته فانه مدعو الى رَمْي عصفورين بحجر واحد. إنه مدعو إلى الانطلاق من الاجتماعي الى السياسي. مدعو للوفاء للمشظوفي تماما كما وفى التونسيون لفرحات حشاد فنالوا الاستقلال وحرروا اقتصادهم فطردوا العمالة الفرنسية سنة 1956 والتي كان يبلغ عددها آنذاك 12 الف عامل.
أَمِنَ الحتمي، الذي لا مناص عنه، أن نظل نـُسَام الخسفَ من قبل شركات تتمالأ مع الثلة الحاكمة في الاجحاف بحق شعب بأكمله ونهب خيراته؟ أين الكرامة الانسانية التي تتفق عليها كل الشرائع والنظم البشرية؟ و "إلى أين يا تائهين" ؟ وإلى متى نحن نائمون؟.
انتبهوا ، "فابعثوا أحدكم بورقكم هذه" الى مدينة الثورة، ستجدون أنكم غرباء: في الجزائر بلد المليون شهيد، وفي تونس مهد الثورة، وفي ليبيا عمر المختار التي انهت للتَّـو ثورتها، وفي المغرب الذي يسير ليحذوَّ حذوَ الثورة في ابريطانيا (ثورة الملك والشعب).
غرباء في السينغال الذي تعتبر ديمقراطيته محط َّ اعجاب العالم. غرباء في مالي التي اجهضت الانقلاب جهارا نهارا، رغم الظروف الصعبة.
"إنكم غرباء حتى عن أنفسكم" بتعبير جبران خليل جبران. انتفضوا أيها الغرباء ثوروا لتصنعوا المستحيل وقاطعوا الشعر(وِسَامُكم الفخري الوحيد) ريثما تعودون، فــ"إنَّمَا النَّشِيدُ عَلَى المَسَرَّة"!! 

1. مايو 2014 - 22:01

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا