كشكول الأزمات / محمد محفوظ المختار

بالإعلان الصادر المنتدى الوطني للديمقراطية والوحدة صباح اليوم الأحد 04/05/2014 القاضي بمقاطعته لانتخابات 21 يونيو  المقبل تكون بلادنا على موعد مع حلقة من مسلسل متجدد يسمى "التأزيم".

 تفتح الأبواب مشرعة على مسالك متعددة لنوع آخر من المحظورات التي كان من الممكن تفاديها.
منذ عقدين من الزمن كانت موريتانيا تعيش على وقع أزمة اقتصادية متفاقمة هي انعكاس لتدني الرواتب في القطاعين العام والخاص، مما كان له انعكاس مباشر على القوة الشرائية للمواطنين. كما أن انتشار البطالة بين الشباب زاد من حدة تلك الأزمة التي تطورت بشكل تراكمي إلى أن وصلنا إلى شفير الهاوية في السنوات الخمس الأخيرة بفعل السياسات الارتجالية والغير معقلنة للحكومات التي تعاقبت على البلد بعد الانقلاب الذي قاده الرئيس الحالي محمد ولد عبد العزيز في أغسطس 2008.
أصبح المواطن الموريتاني يسرح في حقل من الضياع  والتيه لا يرى أفقا لنهايته؛ خاصة مع الارتفاع المستمر للأسعار والذي يتم تحت مجهر الحكومة الفاحص الذي يجعلها ترى من خلاله حجم المصاعب التي يتعرض لها المواطن عين اليقين دون أن تحرك ساكنا. وكأنها بذلك تتفرج على حلقة من مسلسل كوميدي لا تعدوا المآسي التي تتخلله سوى كونها مطلبا دراميا من أجل إخراج المشهد مكتمل الجوانب.
والشيء ذاته ينطبق على الأزمة الاجتماعية التي كان ولا يزال المجتمع  يعيشها، بفعل التهميش والظلم والغبن الاجتماعي والاقتصادي لفئات كثيرة من أبنائه،  تلك الأزمة التي طبخت على نار هادئة بفعل سياسة الحكومة وتجاهلها للمتضررين منها، وخاصة القوى العاملة ضعيفة الدخل والتي هي المتضرر الأول والأخير من سياسة التجاهل والتصامم التي تطبقها الحكومة الحالية إزاء المشاكل المتراكمة التي تعيشها. و يبدو أن الحكومة تصر على أن تظل متفرجة أمام هذا المشكل الذي تمثل تطوراته خطرا على البنية الاجتماعية للمجتمع، وكأنها لا تعلم أن للمظلوم قوة الصولة وإن كانت عليه حدة الجولة.
ويأتي رفض الحكومة لأي حوار سياسي جاد ليزيد الصورة قتامة والمشهد ضبابية مما يجعل الأمر ينذر بخطر مستطير، وهو الأمر الذي يبدوا أن الحكومة الحالية لا تستشعره أو هي غير معنية به، ولعل تعنتها ورفضها لأي سبيل يمكن أن يفتح المجال أمام حوار وطني يناقش مجمل هذه المشاكل هو أبرز تجليات ذلك.
جاء ذلك التعنت ليعطي انطباعا مقنعا أن الحكومة الحالية غير معنية بحل مشاكل البلد؛ وبالتالي ليست مهتمة بما قد يترتب عليها - لا قدر الله - من تطورات هي بالتأكيد نتاج لسياساتها وممارساتها وبالتالي هي المسؤولة عنها.
إذن نحن في بلد يعيش كشكولا من الأزمات يعضد بعضها بعضا ويغذي بعضها كلها، وتسحب البلاد معها إلى الهاوية بفعل ارتجال حكومتنا وغطرسة قادتها وتجاهلهم لنداء الضمير الذي يبدو أنه أصبح في خبر كان.
وكنصيحة: على الحكومة أن تعلم أن الانفراج السياسي هو مفتاح التنمية الحقة،  وأن الحور السياسي هو السبيل الوحيد نحو  الحل، وأن التوافق الوطني هو السلم الحقيقي نحو بناء مواطن صالح يعي واجباته كما يعرف حقوقه، وأن أي تنازل تقدمه من أجل حوار جاد ومسؤول وجامع سيكون في صالح الوطن أولا وأخيرا، عليها أن تستشعر ذلك وأن تعي أن حجم الأزمة التي وضعت البلاد فيها برفضها للحور السياسي وتجاهلها للمطالب الشعبية ذات البعد الاقتصادي والاجتماعي.
عليها أن تتحمل كامل مسؤوليتها في تعاملها مع مشاكل البلد أمام المواطن والتاريخ الذين هما الحكم الأول والأخير. مستحضرة في ذلك بقية وازع ديني وأخلاقي وقيمي، متخذة بذلك قرارات "مؤلمة" وخيارات "صعبة" من أجل بدء حوار شامل وجامع يطرح "جميع اهتمامات الوطن" على طاولة النقاش دون خطوط حمراء بغية إيجاد حلول ناجعة تخرج الوطن من عنق الزجاجة، وتمنح المواطن أملا حقيقيا في عيش كريم يحلم به ويستحقه.

4. مايو 2014 - 14:17

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا