تشهد معارضة الرحيل التي طالبت بإسقاط النظام في فترة الهيجان العربي منذ
تلك الفترة إنتكاسات عنيفة على مختلف المستويات مما جعلها تعيش على وقع
التناقض و التخبط في الوقت الذي يمسك النظام بالعصا من الوسط و يأخذ
بزمام المبادرة في حشر معارضيه و تكديسهم في منسقيات و منتديات لا تقدم و
لا تؤخر في الشأن الديمقراطي.
معارضة الرحيل المنهكة بويلات العجز تعاني من لهفتها لإحتواء كل
المتسللين من جبهة النظام المتهم بالفساد , بالإضافة لتركبتها المشبوهة
أصلا , حيث أنه من التناقض بمكان أن يطالب إعلي ولد محمد فال ضمن منسقية
المعارضة برحيل محمد ولد عبد العزيز , ذلك أن ولد محمد فال هو الصندوق
الأسود و عصا الحديد التي كان ولد الطايع يضرب بها ظهور معارضيه من حلفاء
ولد محمد فال اليوم , كما أن إستقبال المنسقية بحفاوة للدكتور المنبوذ
حكوميا الشيخ المختار و لد حرمة و الذي ظل سيفا مسلطا على رقاب زعامات
المنسقية ردحا من الزمن يعتبر ترديا فاضحا و الأمثلة لا حصر لها........
مقاطعة المنتدى للإنتخابات الرئاسية قرار إنهزامي إنبطاحي , و مُتَفَهمٌ
جدا خاصة إذا ما علمنا ان المنتدى عبارة عن حزمة غير متجانسة من
المتناقضات الفكرية و الأديولوجية ذات المشارب و المصالح و الطموحات
المتعارضة و المتصارعة.
قرار المقاطعة ليس قرارا شجاعا في هذه المرحلة بقدر ما هو قراري حتمي
هروبي , لأن المعارضة بصورة عامة لم تستطع خلال السنوات الماضية خلق موقف
جدي توافقي حول ترحيل النظام بوسائل متزنة و عقلانية , فمنذ التحريض على
الإطاحة بالنظام تحت ضغط الصيف العربي فقدت أحزاب الرحيل الكثير من
بريقها لتكون الإنتخابات التشريعية الماضية بعد ذلك حاسمة في إتضاح
الرؤية حول طموح الحزب الأكثر تهورا و إندفاعا و الذي قاد المنسقية من
أجل الكفر باللعبة الديمقراطية التي آمن بها الجميع من قبل.
المنتدى ليس متجانسا و لا منسجما حتى يمكنه التوافق على مرشح موحد , و لو
أن أحد زعماء الأحزاب المنضوية تحت لوائه يعتقد أنه سيتحصل على نتيجة
مشرفة على الأقل في الإنتخابات الرئاسية لما تردد في الترشح و لضرب عرض
الحائط بكل العهود و المواثيق كما حدث من قبل , لكن و للأسف الشديد لا
أمل لأي كائن من تلك الكائنات في البقاء على قيد الحياة أثناء الحملة
الإنتخابية و بالتالي أعلنوا فوز الرئيس ولد عبد العزيز قبل إنطلاق
السباق.