بعد أن فشل حوار اللحظة الأخيرة في تحقيق أهداف الحكومة من ورائه وامتناع جميع مكونات منتدي الديمقراطية والوحدة عن الخروج علي مشروع المعارضة الوطنية ،أصبحت الخيارات محدودة أمام أحزاب المعاهدة وكان لابد من أن تتفرق في اتجاهين متباينين ،
لكنهما يتناسبان مع طبيعة كل حزب وأهدافه وطموح شخصياته ،فكان توجه بيجل مفهوما ومنسجما مع خياراته الإستراتيجية ، أما الزعيم مسعود فقد كان قراره مرتبكا وموقف حزبه ضبابي مع أنه لم يجرؤ علي مسايرة حليفه في الحوار السابق مع النظام وتمسك بخطه المعارض الذي كاد يسلبه منه خصومه المشاكسين في إيرا .. فهل يعني قرار التحالف مقاطعة الرآسيات عودته إلي موقفه الأول من الانقلاب علي الشرعية؟ وهل يعد ترشح أنصار ولد الطايع مع كبير حراسه "ائتلاف انقلابي جديد"؟
كان من المرجح مشاركة حزب التحالف من خلال أحد نشطائه (كما صرح هو نفسه)من أجل رفع الحرج عن الزعيم الذي يعيش ظروفا صعبة بسبب نتائج حزبه في المهزلة الانتخابية الأخيرة وعلاقاته المتشابكة مع ولد عبد العزيز (علي نحو يثير التساؤل خاصة مع كثرة اللقاءات). لكن قرار الحزب بمقاطعة الرآسيات القادمة بشروط محددة وقابلة للتنفيذ، يثير الشكوك حول أسباب القرار وأبعاده.
هل هي بداية لقطيعة مع نظام طالما وصفه الزعيم بالإنقلاب ووو...؟أم أنها إعادة تموقع في الساحة السياسية، هدفها الابتعاد قليلا عن حزبي الوئام والصواب ؟
من الواضح أن التحالف منزعج من تقدم الوئام عليه في الانتخابات البرلمانية والبلدية كما أن درجة قرب الزعيم بيجل وتجانسه مع النظام أشد بروزا وتأثيرا علي علاقة الحزبين بالنظام ..ويأتي سعي برام للترشح مدعوما (خفية من النظام) ليزيد الطين بلا ،ويدفع بالزعيم إلي قرار مشوش يعلن فيه الحزب عدم توافقه مع المعارضة المقاطعة في مطالبها الجوهرية (رحيل النظام) والتقائه مع النظام فيما سماه بيان حزب التحالف بتنفيذ نتائج الحوار.. وهو حوار - للمفارقة - لم يسمح للحزب بالترشح في الانتخابات الرآسة!
مهما يكن من أمر فإن خطوة الزعيم مسعود بعدم الترشح لانتخابات هزلية تشارك فيها أطراف انقلابية هو موقف جيد يعبر عن "بقية أخلاق" وشيء من الوعي المعارض لدي حزب التحالف وزعيمه ورمزه التاريخي السيد مسعود ولد بولخير..
لكن هل يرتب النظام أوراقه الرآسية علي قاعدة تسثني التحالف والمعارضة معا ؟ إن أبرز من ترشحوا لرآسيات 2014م هم رجال ونساء عرفوا جميعا بالولاء التام لنظام معاوية ولد الطايع،بل إنهم كانوا الأقرب منه طيلة سنوات عهده "المجيدة"أو "البائدة" حسب التعبير – لا فرق- فمن كان بالأمس حارس ولد الطايع الأقرب والأكثر استماتة في الدفاع عنه ،أصبح اليوم منافسا أولا لوزير ماليته ونائبة مدير ديوانه وشخصيات مهمة أخري في بلاطه ...
إن ائتلافا انقلابيا جديدا في طور التشكل قوامه المحافظة علي روح نظام ولد الطايع وتطبيقاته السلطوية، وفبركاته الإعلامية ،وتلفيقاته الديمقراطية ،وحتي منهجه في الولوج إلي الشعبية .إلا أن ما يميز هذا التحالف الجديد هو نهمه الشديد وحرصه الواضح علي الهيمنة علي مقدرات الشعب الفقير وتكديسها في صناديق خاصة(الخزينة الوطنية سابقا) يباهي بها رأس النظام خصومه ويصرفها علي نفسه ومن والاه ويمنعها عن بقية الشعب ومن عارضه...