دأب مجتمعنا ردحا من الزمن على ثقافة تعتمد في أسسها على الإيمان العميق ـ الذي يقتضي العمل ـ بعقلية التمايزالطبقي والتفاضل بين البشر تفاضل يقوم على إعتماد المكانة في البنية الإجتماعية المتصرف فيها كمعيار أساسي ناهيك عن المبالغة في إعتماد معياري اللون والقبيلة
حيث ظل المجتمع الى عهد قريب ـ أو لايزال بعضه ـ يؤمن بأن القبيلة الفلانية أكبر من حيث المبدأ من القبيلة الفلانية والأسرة الفلانية "أغلظ " من الأسرة الفلانية والفخذ الفلاني لايجوز بأي حال من الأحوال أن يتزاوج أفراده مع أفراد الفخذ الفلاني وغير ذلك من التفاهات لأن ميزة ـ حتي لاأقول قيمة ـ الكبر هذه مرتبطة في نظرهم بإسم القبيلة أو الفخذ أوالشريحة أو حتي الأسرة التي تدعيها وليس بالضرورة مرتبطة بأداء أو إستحقاق مكتسب , وإنما " ولد الصالحين الا عادلك حمار ـ أكرمكم الله ـ لاتركبو " كما هو موجود في موروثنا الشعبي , ناسين أو متجاهلين أن ولد الصالحين بين قوسين إذا أصبح حمارا ـ أكرمكم الله ـ وتعامل بمقتضي ذلك وجب إمتطاؤه والتعامل معه إنطلاقا من أن قيمة كل امرء في ما يحسنه ... إذ لم يحل صلاح نوح عليه السلام ونبوته ودعوته والصبر على الأذاء في سبيلها دون إغراق إبنه ولم يحل عظم مكانة النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم عند ربه من موت عمه أبي طالب على الكفر ولم يحل صلاح أنبياء الله نوح ولوط الذين وصفهما القرآن بنفس الصفة (الصلاح ) من عذاب زوجتيهما فضرب الله للذين كفروا امرأتا نوح ولوط كانتا تحت عبدين من عبادنا صالحين فخانتاهما فلم يغنيا عنهما من الله شئ .... لكن صلاحنا بين قوسين في مجتمعنا يبدو أنه أطول صلاحية وأقدر على التعدي الى أبنائنا ولو أضحو ا وشغلهم الشاغل هو سرقة السيارات وإغتصاب البريئات ونشر الرذيلة في سن المراهقة وإذا تقدم العمر وتجاوز الى سن الرشد كانت سرقة المال العام والضلوع في الفساد المالي والإداري في مؤسسات الدولة والسباق المحموم نحو الحصول على أكبر كم من الإستفادة من ممتلكاتها وإمتيازاتها بحق أو بغير حق ... ورغم ذلك كله يظل أولاد الصالحين في مجتمعنا " صالحين وتوف " وتظل عقلية التفاضل الموروث والذي لا دخل لسلوك الفرد ومسؤولياته فيه تعشش في عقول غالبية أبناء مجتمعنا للأسف رغم التمظهر الزائف بتحكيم قيم الإسلام ـ التي مر معنا كيف أنها جردت الإبن المباشر ـ وليس الذي تفصل بينه وبين أبيه سلسلة طويلة قد تفقد بعض حلقاتها ويصعب إن لم أقل يستحيل الربط بينها وبين منتهي السلسلة أو الجد الأسطوري لها ـ كيف أنها جردت الإبن من صلاح أبيه بعد عدم توفر شروط إستحقاق الصلاح فيه بل وحتي التحلل من قيم العدل والاقرار بالمساواة بين بني البشر ناهيك عن شركاء الدين والوطن والعرق والنسب في أصل الحقيقة ـ إذا ما نحينا الإدعاءات جانبا ـ فطبيعتنا في مجتمع البيظان للأسف هي إحاطة الأمورة بهالات وخلق الأبهات وجعل من الحبة قبة ... ورغم ما يعكسه التمسك بمثل هذه العقليات البائدة والسلوكيات المقيتة من إمعان أصحابها وحملتها والمروجين لها والمؤمنين بها والمشككين في تفاهتها وسقوطها في بحور التخلف والرجعية والفشل الذريع في القدرة على التكيف مع قيم الإسلام السمح والمدنية اللبقة والبعد كل البعد عن النضج والوعي الا أن بعض الشر أهون من بعض وبعض التخلف والرجعية أهون من بعض حيث يمكن ـ وبصعوبة ـ التغاضي عن حديث بل وإعتقاد بعض الشيوخ الذين لم يعد لهم كبير دور ولاتأثير قوي في مجريات الحياة اليوم في مثل هذه العقليات التي نتحدث عنها رغم أنه ينبغي أن تبذل كل الجهود حتي لايسمح لهذه الأفكار التي تدعو للتعالي بغير حق وتكرس لإحتقار المسلم وتنمي مرض الكبر في قلوب شباب المسلمين أن تتجاوز جيل حامليها.....
لكن الذي يدعو لمزيد من الأسف ومما يضاعف الخوف على مستقبل مجتمعنا ويبعث للجزم على أنه فشل فشلا ذريعا ـ أعني الغالبية فهنا ك لاشك إستثناءات ـ في تجسيد روح الإسلام السمح الذي طالما تغنينا بحملنا لمشعله وفي قيم المدنية والرقي التي غالبا ما تمظهرنا بمعالمها , لكن يبدو أن كل ذلك للأسف لم يكتب له أن يتجاوز المظهر الى الجوهر بعد
ففي الأشهر القليلة الماضية وصلتني ـ ومن مصادر موثوق بها ـ ثلال حالات تعكس مستوي تمسك غالبية أبناء مجتمعنا بتلك العقليات المتخلفة الرجعية والتي لاأساس لها من الصحة ولايقبل بها ذو عقل غير معطل عن العمل , لدرجة أن مسؤولين رفيعي المستوي في الدولة تصرفوا بإملاءات تلك العقليات البدوية وفي أماكن عمومية وفي أوقات الدوام وأمام الملأ سأذكر أصحاب هذه التصرفات بأسمائهم وصفاتهم تبيانا للحق وغيرة على الوطن ورغبة في فضح سلوك التخلف وحملة الأفكار البائدة ودعوة لتعرية كل من يتصف ويتصرف وفق إملاءات العقليات المتخلفة من مسؤولي الدولة وسحب رخص تمثيلها منهم فلا يحق لمن لاتزال تعشش في ذهنه عقليات البداوة ومجتمعات السيبة أن يمثل سوي نفسه وأفكاره الرجعية
أما الحالات المؤسفة فهي :
أولا
مع وزيرة الثقافة والشباب والرياضة سابقا السيدة لالة بنت الشريف التي نقل عنها بعض جلسائها إبان توليها الوزارة وتحديدا بعد إنتهاء الإنتخابات البلدية الماضية أنه دخل عليها إحد أعضاء الحزب الذي ترأسه حزب الحراك الشبابي ليستوضح منها أمور تخص مصير ملف مالي في الحزب وميزانية الحملة فكما نقل عنها بعض جلسائها القلائل أنها إستشاطت غضبا في وجه الرجل قائلة " وخظو ذ لمعيلم عن وجه " ـ وواصلت في العبارات النابية التي أصون قلمي عن كتابتها والتي تعبر عن إزدراء شريحة ومكون من مكونات مجتمع الوطن الذي يفترض أن تسهرالسيدة الوزيرة على مصالح مواطنينه بمختلف ألوانهم ومنحدراتهم الإجتماعية دون تمييز ناهيك عن إحتقارهم ـ وصرخت في وجه الرجل الذي تبين لاحقا أنه لاينتمي لشريحة لمعلمين نهائيا ولكن السيدة الوزيرة لم تحبذ التحقيق في مسار الملف المالي وإستشاطت غضبا من الرجل فأرادت رد الإساءة والإزعاج فبحثت في مخزونها الثقافي بشكل سريح فلم تجد سوي ماتحتفظ به ذاكرتها من ضرورة إحتقار وإزدراء هذه الشريحة (شريحة لمعلمين )فردت بالعبارات التي ذكرت وزيادة ... وكل ينفق مما عنده , أرجو أن لا ننسي أن الكلام والتصرف صادر من وزيرة الثقافة والشباب والرياضة آن ذاك ورئيسة حزب سياسي السيدة لالة بنت الشريف
أما الحالة الثانية :
فهي مع مديرة المكتب الوطني للسياحة O N T السيدة خادجة بنت الدوة والتي لديها هي الأخري قرارشخصي حاسم حريصة كل الحرص على تطبيقه والغريب في الأمر والمضحك هو أن قرار السيدة المديرة خادجة بنت الدوة يحظر على أبناء شريحة لمعلمين وكل من لديه قرابة بشريحة لمعلمين دخول مكتبها قبل منتصف النهار تطيرا فهم نذر شؤم كما تراهم وقد حرصت على تطبيق قرارها بالفعل وهي بإختصار " ماتشوف لمعلمين مع الصباح " ولاتستقبلهم حتي ولو تعلق الأمر بمهام ومسؤوليات العمل
أما الحالة الثالثة :
فهي الحادثة الأخيرة التي حدثت الأسبوع الماضي وتحديدا يوم الإثنين الموافق 05ـ 05ـ 2014 مع أسرة من شريجة لمعلمين تسكن مقاطعة عرفات عند تقاطع لكبيد حيث زارها الحاكم المساعد لحاكم مقاطعة عرفات للبت في نزاع بين أسرة أهل لمصيدف وأسرأخري تجاورها على قطعة الأرض التي يملك أهل لمصيدف منذ زمن بعيد ووفق رواية شهود فإن الحاكم أمر بمنح القطعة الأرضية للأسرة الأخري وأمربإعطاء أسرة أهل مصيدف قطعة بديلة في الترحيل فرفضت النساء وإمتنعن عن قبول قرار الحاكم وطلبن من الحاكم المساعد محمد محمود ولد عبد الله أن يتراجع عن قرار إنتزاع قطعتهن فأجابهن قائلا أنه لايتكلم مع النساء فأتوني برجال إن كان لمعلمين فيهم رجال ـ في سابقة إصرار منه على إزدراء هذه الشريحة والتشكيك في عدالة عدولهم بل ورجولة كل أبناء شريحة لمعلمين والجزم على أنهم ليسوا من أبناء صالحين موريتانيا ـ ثم تدخل والد الأسرة الشيخ الهرم وعبر عن رفضه لإنتزاع قطعته وأخد في تبيان أدلة إمتلاكه للقطعة الأرضية موضحا أحقيته في البقاء فرد عليه الحاكم المساعد لحاكم مقاطعة عرفات السيد محمد محمود ولد عبد الله قائلا " آن مانتكلم مع لمعلمين بيهم ال روخيين وآن شريف من تنواجيو و لايالل نتكلم مع لمعلمين ووزير الداخلية الحالي إبن عمي " إعتقادا منه أنه أكبر من لمعلمين حسبا ونسبا ولاينبغي أن يبادلهم الحديث ترفعا وإستعلاء علي شريحة لمعلمين وأن وزير الداخلية الحالي إبن عمه فهو إذن فوق القانون ... لتنتهي القصة بصفعة السيد الحاكم من قبل الشيخ الهرم الذي أمر بحبسه هو ومن وجد من أبنائه ... وظل الشيخ الهرم حبيسا هو وإبنه وزوج إبنته الى أن تدخلت مساعي ذات طابع قبلي عملت في جو يلفه الغموض والتحوير لتنتهي بالإفراج عن الجماعة ولكن كل الذي أعرفه هو أن الإفراج لن يتم الا بأساليب الإهانة والإحتقار الذي تعودت شريحة لمعلمين أن تعاملها القبيلة بيه والذي تجلي في الضغط على أسرة اهل لمصيدف لتسجل إعتذارها للحاكم المساعد محمد محمود ولد عبد الله ويكذبوا بذلك تصريح المنسق العام لحراك لمعلمين الذي رفض فيه هذ الأسلوب المتخلف وإعتبره إهانة لشريحة بأكملها وهو كذلك بالفعل , ليكون إصتصدار إعتذار من أهل لمصيدف للحاكم المساعد ونشره في بعض وسائل الإعلام هو الطريق الأمثل لحفظ ماء الوجه ... لكن الذي يحفظ ماء الوجه ويعكس عراقة المنبع ويترجم تمام الوعي والمستوي العلمي هو الرقي في الأخلاق والمعاملات ونصاعة الفكر والعقليات ونظافة القلب من أدران أمراض القلون وإملاء الشياطين فالشيطان هو من يستعلي بغير حق .... وليس في إستغلال ضعف الضعفاء والإدعاءات والتمظهر ومحاولة النيل من مكانة الآخر فذلك كله أقرب الى العقد والأمراض النفسية التي تعكس إعتراء النقص لكل ماسبق ذكره منه الى إدعاؤه ...
قد يخيل للقارئ الكريم أنني أبغي من وراء قص هذه الأحداث التعريض ببعض المذكورين هنا ... كلا فوالله ما كان لحملة مثل هذه الأفكار المتخلفة أن يحظو بإهتمام قلمي البتة ولن يكونوا كذلك أبدا
غير أن ما أقصده من كتابة هذ المقال هو لفت إنتباه القارئ الكريم الى ما تعكسه هذه التصرفات العنصرية المتخلفة التي لم يفلح القعود على مقاعد بعض من مستويات التعليم لأصحابها ولا تقلد مهام محترمة في الدولة في تنظيف عقلياتهم وسلوكهم من أدران التفكير البدوي الرجعي العنصري الجاهلي المتخلف ... والدعوة الي التخلي عن مثل هذا السلوك القاتل في حق أصحابه قبل أن ينال من المستهدفين به كما أريد له فهيهات هيهات فالعصر لم يعد عصر التغني بأمجاد لاناقة للفرد فيها ولاجمل فذلك الزمن وقيمه ومعاييره العرجاء الي غيرما رجعة قد ولى ولن نقبل ـ كشباب غيورين على هذ الوطن وحريصين على تماسكه وإعتماده قيم الموضوعية في التعامل مع الناس فيه ـ أن يعود فكن إبن من شئت ـ أقول أو كن لا أبا لك لايهم ـ وإكتسب أدبا يغنيك مضمونه عن النسب , إن الفتي من يقول هاأنا ذا ليس الفتي من يقول كان أبي