كنت كغيري من الموريتانيين أضع آمالا كبيرة على أعلى هيئة دستورية وطنية أراد لها المشرع حين انشئت ان تكون مرجعا قانونيا مهمته الأولى والأخيرة حماية الدستور كعقد اجتماعي وافق عليه الموريتانيون لتسيير شؤونهم وحماية مسارهم الديمقراطي كمرجع أعلى للفصل عند التقاضي ،
والتأويل حين الاختلاف في تفسير النصوص ، ولم اكن اعول على الصلاحيات الكبيرة التي منحها المشرع لهذه الهيئة بقصد استقلاليتها عن السلطة التنفيذية بقدر ما كنت اعول على ضمائر اعضاء المجلس واستقامتهم كما كان من المفترض ان يكون .
لكنني وللأسف اكتشفت انني كنت رومانسيا وحالما اكثر من اللازم ، فالنسبية حقيقة دنيوية لا مناص من الإقرار بوجودها والتعامل معها بشيء من الواقعية ، لاسيما في المنكب البرزخي حيث يكثر السراب ، ويتحول الصَّيِّبُ في لحظة إلى ريح عاصف لا تبقي ولا تذر ، وإلا فكيف للمجلس الدستوري أن يقبل ملف ترشح بيرام ويعتبره مستوفيا لكل الشروط القانونية ؟ ! أليس من سخرية الأقدار أن يصير من استهزأ بأمة بأسرها واحرق مقدساتها وسب علماءها الأحياء وتوعد الأموات بالبول على قبورهم وهو زيادة على ذلك خريج سجون مدان في اكثر من قضية ولا يزال يحتفل كل سنة بيوم المحرقة المقدس كما يقول ، أنى له أن يصبح في لحظة من الزمن الديمقراطي المخادع مرشحا رئاسيا مقبولا لدى مجلسنا الدستوري الموقر ؟؟؟ !!!
لا ليس مجرد مرشح فحسب بل يشترط ويهدد ويتوعد بالانسحاب ، ألا يعطينا ذلك فكرة عن سبب ترشح بيرام ومن كان خلف قبول ملفه من المجلس الدستوري المحترم ؟؟
إن الاهانة التي تلقاها الشعب الموريتاني من مجلسه الدستوري الموقر بقبول ترشح بيرام ينبغي أن تنسيه الإهانة التي وجهها له بيرام حين احرق كتبه وسب علمائه واستهان بمقدساته ، وشتان ما بين إساءة فرد او منظمة تعمل خارج الإطار القانوني وإساءة هيئة أنشأتها الأمة من أجل حماية قانونها وصيانة دستورها .
ثم همسة أخيرة في أذن المجلس الدستوري الحقيقي فخامة القيادة الوطنية ، أعتقد أن هذا هو بيرام الذي خرجت لنا امام القصر الرمادي في تلك العشية الصاخبة وقد تنكبت قوسك ولبست لامتك وأزبدت وأرعدت وتوعدت ووعدت ، أم ان ذلك وعدا من وعود المأمورية السابقة دار مع لدَّاته واستقر في مزبلة التاريخ وبرام اليوم يملأ فراغا مهما ويلعب دورا محوريا في مسرحية الزعيم والكومبارس ؟
نعم سيدي لك ذلك فأنت اليوم منها بمحل القطب من الرحى ينحدر عنك السيل ولا يرقى اليك الطير ، لكن تذكر دائما أننا لسنا شعبا غبيا وان تغابينا أحيانا ، وأنها لو دامت لغيرك لما وصلت إليك ، والسلام على من اتبع الهدى .