للإصلاح كلمة موجهة لبعض رؤساء الدول الإسلامية / محمدو بن البار

كلمة الإصلاح هذه المرة ستتوجه إلى رؤساء بعض الدول الإسلامية لتعرف عن طريق جوابهم عن كلمة دائما يدلون بها للصحافة مع أنهم مسلمون وفي صحوة كاملة من عقولهم .
فهؤلاء الرؤساء المسلمون يردون دائما على الصحافة في قضيتين :

 أنا أشك أنهم يستطيعون بردهما لقاء الله ولابد أن يلقوه ليس بينهم وبينه حجاب بل كل واحد منهم يسأله بمفرده .
وأول هاتين القضيتين هي قول بعضهم عند تصريحه للصحافة : لن نسمح ما دمت في مأموريتي بقبول حزب ذي طابع ديني .
والقضية الثانية هي قول بعضهم : لن نقبل أي أحد يهمه الخلط  بين الدين والسياسة .
ومن هنا على المسلم سمع هذا التصريح  أن يناقش مع أي رئيس مسلم هذا القول  ما معناه عنده  .
فالأولى المتعلقة بالأحزاب"فمن المعروف أن الأحزاب شرعت لها قوانين تحدد قبولها وقوانين أخرى تحدد المخالفـة التي تقتضي حلها وهذه القوانين لا تحدد نوع الدين غير المقبول في الأحزاب" .
فالمفروض أن الدول الإسلامية لا يرأسها إلا مسلمون والإسلام ينص أنه هو الدين الناطق في الدنيا نيابة عن الله المعبود وحده وهو هذا القرآن الذي يتلى آناء الليل وأطراف النهار وفيه قوله تعالى :(( إن الدين عند الله الإسلام )) بتعريف المسند والمسند إليه القاضي بحصر الدين في الإسلام كل الإسلام بمعنى أن من يرفض الدين يرفض الإسلام .
ولذا فإن ديباجة الدستور الموريتاني تقول : " الإسلام دين الشعب والدولة " .
وإذا كان على المسلم أن يلـتمس لهؤلاء الرؤساء معنى يجعل رفضهم للطابع الديني في الحزب لا يعنى رفضهم للإسلام أصلا فلابد حينـئذ أن نبحث عن تصرفات أمر بها الدين إلا أن الرؤساء لا يرضونها أن تكون في الأحزاب ومع ذلك لا يخرجهم عدم الرضي هذا عن الإسلام .
وهذه الاحتمالات هي :
أولا : التسمية : وهي أن لا يكون في اسم الحزب ما يدل على كلمة ظاهرة تشعر بأن صاحبها مهتم بالإسلام والمعروف أن جميع الأحزاب ابتعدت بتسميتها عن وجود ذلك الظن بها بل بعضها أصبح يصرح بأن إقامة الحدود الشرعية إن مكنه الله من الحكم ليست بأولوية عنده حتى تكون من ضمن جميع الحياة التي يحكم فيها الإسلام .
ثانيا : أن يكون الحزب إذا أراد أحد من منتسبيه الكلام أن يقول بسم الله الرحمن الرحيم كما أمره الإسلام بذلك ، فهذه العبارة تدل على أنه ذي طابع ديني وغير مقبول لأجل ذلك مع أن بعضا من الأحزاب يسمي الله عـند أول كلامه .
ثالثا : أن يكون أعضاء جميع الحزب يحلقون لحاهم فترك  قيادات الحزب لحاهم دون حلق توحي بدين الحزب ، إلا أن موريتانيا قل فيها حزب إلا ويوجد فيه رجل أو رجلين تاركين لحاهم من الحلق .
رابعا : أن يشاهد بعض من لجان الحزب يجمعون التبرعات المختلفة أنواعها ويقسمونها على الفقراء واليتامى أو ينشؤون الهيآت الخيرية لنفس الغرض وذلك يدل على أنه ذو  طابع ديني .
وهذا  النوع نشاهد القيام به في نفس الوقت من الحكومة التي يكون على رأسها أحد هؤلاء الرؤساء الذين لا يقبلون في مأموريتهم الدين في الحزب ومع ذلك يبحثون عن التبرعات بمختـلف أنواعها  ويوزعون المأكولات مجانيا على الفقراء .
خامسا : هل الطابع الديني غير المقبول أن يكون الحزب يهنئ ويعزي الشعوب الإسلامية خاصة ولا يفعل ذلك لغير الدول الإسلامية وهذا يعد تدينا غير مقبول .
سادسا: هل معنى هذا الدين غير المرضي في الحزب هو أن يكون الحزب حريصا على الصلاة في الجماعة سواء كانت من التزم أفراده أو فعلها جماعة ساعة عمله أو غير ذلك  وكثير من الأحزاب حريصون على الصلاة في الجماعة .
وعلى العموم فعلى أي رئيس مسلم يصرح أنه لن يـقبل في مأموريته حزب ذي طابع ديني أن يبين هذا النوع من الدين الذي لا يرضى به لأن الدين كما قدمنا تـقال للإسلام والحال أنه هو مسلم .
أما القضية الثانية التي يصرح بها الرؤساء بأنهم لا يقبلون في مأموريتهم من لا يفرق بين الدين والسياسة ، فمن هنا على أي مسلم أن يسأل هذا الرئيس عن معنى الدين عنده وما معنى السياسة كذلك .
فإذا كان الدين لا يعنى إلا تحركات المسلم في عمل معين مأمور به من طرف ربه إذا أسند إليه في الدنيا وسيجازى عليه إذا أحسن فيه وسيواخذه إذا خان فيه ،والأعمال في الجميع  لابد فيه من النية للعمل لوجه الله وإلا فسيكون حسابا عسيرا  على صاحبه سواء كان دينا أو سياسيا كما يفرق  البعض بينهما .
والنظر في كل هذه الأعمال لا يكون إلا في الآخرة الذي يؤمن المسلم سواء كان رئيسا أو مرؤوسا بأنها آتيه لا ريب فيها ، ومعلوم أن الآخرة لا دين فيها ولا سياسة بل هي ظرف للجزاء في العمل أيا كان تسميته دينـــــا أو سياسة .
فمن أين يجوز للمسلم أن يقول لصلاته وصومه وزكاته أن هذا دين مخاطب به وأن وجوده في الصف الأول للقـتال وتدريبه عليه قبل أن يقوم به وجلوسه بين الوزراء لمناقشة وضع خطة لأمن الدولة  المسلمة أو المدينة أو مناقشته لإصلاح تعليم أو أي شؤون وزارة كذلك ، فالأول يسمى دينا وهذا يسمى سياسة من أين أذن له الله في هذا التقسيم والمسمياة ، كما قال تعالى:  (( إن هي إلا أسماء سميتموها أنتم وآباؤكم ما أنزل الله بها من سلطان )).
فمثلا إذا أخذنا فحوى الحديث الصحيح المتفق عليه : .
هذه الأسئلة التي تطرح عليه ساعة الموت أي عن عامة عمره فيم أفناه ما هو الفرق بين من أفناه في أنواع العبادة وفي الوزارة أو المصنع أو المزرعة ....الخ .
فمثلا قوله تعالى : (( قد أفلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون والذين هم عن اللغو معرضون )) .
وقوله تعالى في آيات الاجتماع على مصالح البلد :(( إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله وإذا كانوا معه على أمر جامع لم يذهبوا حتى يستاذنـوه )) .
وقوله تعالى في القتال : (( يأيها الذين آمنوا إذا لقيتم فئـة فاثبتوا واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون ))
وقوله تعالى (( يأيها الذين آمنوا إذا لقيتم الذين كفروا زحفا فلا تولوهم الأدبار ومن يوليهم يومئذ دبـره إلا متحرفا لقتال أو متحيزا إلى فئـة فقد باء بغضب من الله......))  
وقوله تعالى في العدالة : (( يأيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم أو الوالدين  والأقربين .... )).
وفي الشؤون الأسرية (( يأيها الذين آمنوا لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرها ولا تعضلوهن لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن )) (( يأيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم)) إلى آخر الآيات.
قوله تعالى (( يأيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين )) وهذه هي أصدق كلمة تقال في الحملة الانتخابية التي هي الآن على الأبواب 
فمن يقرأ هذا القرآن المحفوظ بين المسلمين من نزوله حتى الآن ولم يترك المولى للمسلمين أن يستـغنوا عنه بأقوال المجتهدين أو المفكرين أو العابدين ليوجهوهم كيف ما فهموا في عبادتهم أو سياساتهم .
فكيف يقوم المسلم من تلقاء نفسه ليقول هذا يقال له الدين وهذا يقال له السياسة ولا جمع بينهما مع أن الرب واحد والشخص المسؤول عن الحركات والسكنات من بلوغ المرأ إلى موته واحد  والموعد في الآخرة واحد ، ولذا يقول الله لجميع البشر (( وقـل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون)) هذا في الدنيا(( وستردون إلى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون )) وهذا  في الآخرة.
وختاما فعلى رؤساء الدول الإسلامية إذا أرادوا أن يقولوا قولا أو يفعلون فعلا والمفروض أنهم مسلمون أن يتذكروا قوله تعالى (( أم يحسبون أنا لا نسمع سرهم ونجويهم بلى ورسلنا لديهم يكتبون ))
وقوله تعالى (( استجيبوا لربكم من قبل أن يأتي يوم لا مرد له من الله ما لكم من ملجإ يومئذ  وما لكم من نكير )) صدق الله العظيم  

15. مايو 2014 - 12:46

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا