في ذكرى رحيله: محفوظ ولد لمرابط القاضي والإنسان ومن خشي الرحمن / أعل ولد البكاي

لن يستطيع التاريخ بحبره السري أن يمر على الحادي عشر من مايو دون تسجيل وقفة تأمل وتذكر للقاضي الحبر محفوظ ولد لمرابط الذي ترك بصماته شاهدة في الفعل الحضاري المؤثر في مسيرته  المهنية والقضائية.
في مثل هذا اليوم من سنة 2013 رحل الفقيد عن الدنيا تاركا وراءه من المآثر الطيبة 

ما يضمن له الذكرى والتذكر بين من عايشوه أو عرفوه؛ وحتى من سمعوا عنه.
ينحدر العالم الجليل والذاكرة النابضة المعطاء محفوظ ولد لمرابط من أسرة علمية واجتماعية احترفت المجد صناعة، والعلم بضاعة؛ حتى ظلت صورة الكابح السلطوي عندها مختبئة خلف تكدس الألواح وارتفاع صوت الأذان وقراءة القرآن، ومطالعة متون الفقه واجتهادات السلف الصالح...
وبهذا رسخت هذه الأسرة الكريمة المعروفة؛ بأسرة أهل عمار ولد الرقراقي؛ أسلوبها في التربية القاعدية؛ حيث جعلت زادها القرآن: حفظا؛ وتدبرا، وتصنيفا، وتحكيما.
في هذا المحيط العلمي الزاخر؛ خرج بدر المحظرة ومسك ختامها محفوظ ولد حمودي ولد لمرابط محملا بأثقال المعارف، وكنوز العلوم.
اتفق العارفون بالرجل على أنه جمع كل صفات النبل والسمو من إقدام، وسماحة، وحلم، وعلم، وذكاء. ؛ فصدق قوله، وزكي عمله، وحسن بره لأهله وذويه.. يصغي إلى حديثك بقلبه وهو أدرى منك بمرامك وقصدك!!.
رحل القاضي محفوظ ولد لمرابط وترك وراءه ألما ومرارة في النفوس؛ حيث انتقل إلى رحمة المولى عابد يزهو به رتل الكرام، ويعظم أخلاقه عطر يفوح به "قلب أسمى.. والجوارح أسلم".
عرف عنه رحمه الله؛ أنه من أرباب الفهم الثاقب، وأن له في مسيرته القضائية ومناصبه  الحكومية المختلفة مواقف مذكورة، ومواطن مشهورة.
ولاغرو فثمة علامات فارقة في التاريخ يخطها رجال من نوع خاص وثمة لحظات مضيئة تظل محفوظة في الذاكرة ولا تبرحها.
استخرج القاضي محفوظ ولد لمرابط من متون الفقه ومستندات القانون دررا ظلت كامنة تنتظر الغائص الماهر ليغرف من معينها الذي لا ينضب.
خلد الفقيد لنفسه؛ إلى جانب التدريس والقضاء؛ ما اصطلح على تسميته عند تلاميذه بأدب المجلس الذي يقتضي التلطف في الحديث والرفق بالمخاطب وأسر القلوب بحسن الصنيع وكريم الخلق وجميل المعروف وعظيم الأدب.. لا يجد حرجا في الأسئلة إن تدفقت؛ إذ لكل سؤال عنده جواب كاف وضاف وشاف.. هذا مع التواضع في مواطن القدرة والتمكن والإحاطة الذي يعد من شيم العظماء وسمت أهل الإيمان والعبادة والتقوى.
أما العدل عند محفوظ رحمه الله  فهو قاعدة الحياة الآمنة المستقرة حتى يأمن كل على نفسه ويوقن برد مظلمته إحقاقا للحق وردعا للظالمين.
كان محفوظ رحمه الله سخيا كريما ينفق ماله بنفس راضية طائعة تتطلع إلى كسب كثير وربح وفير وزيادة مضاعفة.. ولا غرابة فالرجل يستحضر بذكائه الصورة الحية النابضة بالنماء في البذرة التي يلقيها المرء في الأرض الخصبة  فتنموا وتترعرع وتؤتي صاحبها من غلتها أضعافا مضاعفة.

اللهم ارحمه واغفر له واعف عنه وأدخله  فسيح جناتك، وارفعه من ضيق اللحود إلى جنــات الخلود، واجعل قبره أول منــازل الجنة، واجعله من خيرة من تظلهم بظلك يوم لا ظل إلا ظلك.. واطلب من الجميع الدعوة له بالغفران والرحمة.

15. مايو 2014 - 12:52

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا