لقد شكل فشل الحوار بين السلطة والمعارضة صدمة كبيرة للشعب الموريتاني،
وذلك لأن فشل هذا الحوار يعني بأن الأزمة السياسية باقية، وأنها ستتفاقم
في المستقبل المنظور، وهو ما يعني بالضرورة بأن الطبقة السياسية في
مجموعها، سواء كانت موالية أو معارضة، ستنشغل مستقبلا عن التحديات الكبرى
التي يواجهها البلد، وعن قضاياه التنموية، كما انشغلت عنها في الحاضر وفي
الماضي، بالصراعات وبالتجاذبات السياسية الآنية، وهو ما سينعكس سلبا على
مستقبل البلاد وعلى استقرارها الذي بات مهددا اليوم أكثر من أي وقت مضى،
وعلى أكثر من صعيد.
ولأننا نعتقد ـ بل وبإمكاننا أن نجزم على ذلك ـ بأن الغالبية العظمى من
الشعب الموريتاني قد شعرت بخيبة أمل كبيرة من فشل الحوار، وأن هذه
الغالبية لا تزال تأمل في أن تعود الطبقة السياسية إلى رشدها، وأن تستأنف
الحوار من جديد، وذلك من أجل الوصول إلى اتفاق يفضي إلى انتخابات رئاسية
توافقية وشفافة.
ولأننا نعتقد ذلك، فإننا نتقدم بهذا المقترح الذي قد يشكل ـ إن خلُصت
النيات ـ مخرجا من الورطة التي وقعت فيها السلطة والمعارضة على حد سواء.
فلا انتخابات 21 يونيو ستخرج السلطة من الورطة التي وقعت فيها، ولا
مقاطعة تلك الانتخابات وتنظيم المهرجانات سيخرج المعارضة من ورطتها.
إن كل الطيف السياسي سواءً كان في الموالاة أو في المعارضة قد وقع بعد
فشل الحوار في ورطة حقيقية، وليست تلك هي المشكلة التي تؤرقنا، بل إن
المشكلة الحقيقية التي تؤرقنا هي أن تلك الورطة التي دخل فيها الطيف
السياسي في مجموعه قد تُدخل البلاد كلها في ورطة وفي مأزق حقيقي، ولذلك،
ومساهمة منا في البحث عن مخرج لما أوقعتنا فيه خلافات طبقتنا السياسية،
فإننا نتقدم بهذا المقترح الذي يتضمن الخطوات الثلاث التالية:
1 ـ أن تتقدم المعاهدة ككتلة سياسية، ويمكن للرئيس مسعود أن يتقدم نيابة
عنها بذلك، بطلب موجه إلى الحكومة لمطالبتها بتأجيل الانتخابات الرئاسية
عن موعدها المقرر، وذلك لإعطاء فرصة لاستئناف الحوار من جديد من أجل
التوصل إلى اتفاق يفضي إلى انتخابات توافقية يشارك فيها الجميع.
2 ـ أن ترد الحكومة على ذلك الطلب بالقبول، وان تعلن رسميا عن تأجيل
انتخابات 21 يونيو عن موعدها المحدد لها سلفا.
3 ـ أن يُصدر المنتدى الوطني للديمقراطية والوحدة بيانا متزامنا مع إعلان
الحكومة، يرحب فيه بذلك التأجيل، ويعلن فيه صراحة بأن ذلك التأجيل لن يتم
استغلاله تحت أي ظرف للطعن في شرعية رئيس الجمهورية.
وبذلك تكون الكتل الثلاث قد مهدت لاستئناف الحوار من جديد، ودون أن تشعر
أي كتلة بأنها هي وحدها التي قدمت تنازلات، أي انه لا رابح ولا خاسر من
هذا المقترح، فالكل سيقدم تنازلات، والكل سيحقق مكاسب عند تطبيق هذا
المقترح، والمهم في النهاية أن الوطن سيكون هو الرابح الأول عند تنفيذ
هذا المقترح.
يبقى أن أشير في الأخير بأن هذا المقترح سيتم نقاشه مع بعض النشطاء
الشباب من الكتل الثلاث ( الموالاة، المنتدى، المعاهدة) وكذلك مع بعض
النشطاء المستقلين، وذلك من أجل تشكيل لجنة ستتكفل في الأيام القادمة ـ
وبإذن الله ـ بتقديم هذا المقترح وبعرضه على كل الأطراف المعنية
بالحوار.