تعاني موريتانيا من غياب روح الانتماء للربوع وان كان حب الوطن غريزة في الإنسان لكن من حيث الانتماء وترجمة سلوك المواطن على الأرض يتضح خللا تربويا يعاني منه المكوِن والمكوَن في مجال حب الوطن حيث طغت الذات ومصالحها المتعددة على مصالح الوطن
وبذلك طغت الانتماءات الضيقة وبات كل يدعوا إلى جهته بدل جهة الوطن التي تحمل كل مزايا العدالة للإنسان شرط أن يوليها شطره .
المتطلع إلى التعليم في موريتانيا تواجهه معاول هدم وطنية كثيرة و مطبات واضحة المعالم وخلل بنيوي يراه القاصي قبل الداني , ناهييك عن فتحه على مصراعيه للأجنبي ليأخذ زمام العقول الوطنية من مرحلة التهيئة حتى مرحلة العطاء, تكوينا قد يفقد المتعلم الانتماء الجدي لخريطة الإسلام لأن بعض هؤلاء المستثمرين خارج خريطة العالم الإسلامي ويعملون بشكل ممنهج وفعال لزرع ما يريدون في تربة خصبة تخلى عنها أهلاها وسلموها للأجنبي ليعمل فيها ما أراد .
من اجل رصد المؤسسات التعليمية الأجنبية عموما و الفرنسية خصوصا سنحاول ذكرها بالاسم حتى نبرز خطورة هذا الإهمال وفي المقابل التضييق على المؤسسات الأهلية العاملة في مجال الثقافة الإسلامية الوطنية جمعية المستقبل مثلا ومن بين هذه المؤسسات الفرنسية التي تدار بشكل مباشر في بعضها من السفارة الفرنسية وبعضها الآخر بشكل غير مباشر حيث يديرها مواطنون أكثر جرأة على الهدم من الأجنبي نفسه
Les écoles françaises en Mauritanie : l'école des cadres. Les alouettes .les maihares . Le petit centre . La fontaine . Les sablettes .les petits futés . Je te communiquerai le reste après
هذه المؤسسات تخدم من مرحلة التهيئة حيث تتلقف الكثير من الأطفال قبل بداية الدراسة لتهيئهم لما يعدون له من فجور وخروج على نمط العيش الإسلامي الموريتاني ليعدوا جيلا أكثر تمسكا بالمستعمر وأجندته تبعا للجيل الأول وان كان الاختلاف في النشأة بينا حيث فشل الفرنسيون بتطويع الجيل الأول بشكل كلي إلا أنهم حققوا به الكثير فيما بعد وهذا التغلغل السافر في الجسم الوطني ليس إلا امتدادا لتلك النواة , ناهيك عن مدرسة السفارة الفرنسية التي تطبق القانون الفرنسي على بناتنا على أرض الجمهورية الإسلامية الموريتانية حيث تمنع الفتيات من الحجاب بالملحفة أو أي شيء يغطي الرأس وان كان هذا حقهم في مدرستهم داخل حيز سفارتهم لكن السؤال لماذا هذا الإقبال من الآباء المسلمين بأبنائهم إلى حفرة سفور لا تخفي معاداتها لشرع الله , زد على ذلك التهميش المنهجي للغلة العربية كلغة والاستعانة بها لخدمة المشروع الغربي مما يعني ان النصوص القليلة التي تدرس للأطفال ليست بريئة مع ذلك رسوم التسجيل في هذه المدارس غالي جدا مما يعني أننا نصرف أموالا طائلة لإفساد أبناءنا ومن الطبيعي أنهم يبحثون عن أجندة اكبر من المبالغ ولو لم يدفع الأهالي لدفعت هذه المؤسسات الأجنبية المال لأهال الأطفال من أجل التمكن من إيصال رسائلهم الخبيثة لكن سلبت البصيرة وضاع المجتمع وبتنا نصرف على إفساد أحفاد امة محمد صلى الله عليه وسلم .
ومما يثير الاستغراب أن جل المنتسبين لهذه المؤسسات أبناء المسؤولين السامين في الدولة قد يكون هذا الانتساب بريئا لكن مهما تكن الدوافع فهذا خطر جسيم حق لنا ككتاب وصحفيين نذرنا أقلامنا لخدمة وطننا وأمتنا أن ننبه عليه حتى نصحح المسار , وهذا برأيي هو الذي جعل هذه المؤسسات بعيدة عن التفتيش والمتابعة لما يزورها يوميا من مسؤولين جعلها فوق القانون المنظم للتعليم ومضمون المادة التربوية .
لم يتوقف الاختراق للتعليم الوطني على الفرنسيين وان كان لهم نصيب الأسد في الشرخ الوطني الحاصل بسب فقدان الهوية الوطنية التي نص عليها الدستور إلا أن الأيادي التي آثرت مصالح ضيقة على حساب مصلحة الوطن كانت لها اليد الطولي في إفشال منظومة تربوية تحمى الأمن القومي الوطني وتضمن التماسك الثقافي لمواجهة أي تصدع في البنية الوطنية مستقبلا .
من بين هذه المؤسسات الأجنبية الربحية مؤسسات تركية وتونسية وغيرهما حيث أن الأتراك بات تعليمهم متجذرا حيث فتحوا مركز حراء كنواة ثم مدرسة برج العلم التي أسرت الكثيرة من أبناء الوطن قد يقول قائل أن توجههم إسلامي وهذا أمر ايجابي لكن مصلحة الوطن تقتضي ان يكون التعليم وطنيا والأطفال المكونين في المدارس الأجنبية أكثر انتماء لتلك المؤسسات من موريتانيا لما لا؟ وهم من أخذوا بوصلة الطفل من أول وهلة ليحددوا مسارها نحوهم لتبقى موريتانيا بدون جيل منتمي لوطن سيصبح يتيما من أبناءه في المستقبل القريب .
من هنا يجدر بنا التساؤل هل لا تزال ثقافة الترحال مستقرة في أذهان البعض؟ حيث الجميع يتصرف وكأنه على عتبة الرحيل متى سنصلح مؤسساتنا التعليمية لنرى أبناء الوزراء والرئيس في مؤسسات عمومية أم أن المؤسسات العمومية لا تعدوا مقابر للأفكار تجسد البعد عن الواقع المعاش وترجم كفرا أحلام الفقراء الممتطين للحرف لعله يصل بهم إلى بر الأمان , أين الدعاة أين الأئمة أين المثقفون أين الكتاب ؟ ماهي قيمة الطفرة الإعلامية خاصة البث التلفزيوني الذي نرى جل برامجه سياسية وترفيهية ولم نرى برنامجا واحدا يطرح قضايا التعليم التي هي رأس كل مشاكل الحاضر والمستقبل لبلد لما يحسم هويته واقعيا على الأقل !؟