أن تشهد سوق التحليلات ومقالات الرأي السياسي رواجا بين يدي كل موسم انتخابي، وخصوصا إذا ما تعلق الأمر بالرئاسيات فذلك أمر طبيعي.
ولكن عودة خطابات التشاؤم والتأزيم جاء هذه المرة للتغطية على مواقف سياسية درجت على التخلف عن الاستحقاقات رغم أنها لا تلبث أن تندم ولات حين مناص.
فريق من السياسيين لا يملون محاولات التعطيل والتهويل، تارة باسم "الرأي السياسي" وطورا بمتابعة مسلسل "المسار الحانوتي" الذي تنقصه عناصر الحبكة والتشويق.
يتمنون على رئيس والجمهورية أن يتوقف قبل استكمال المسيرة، ويحلمون أن تعود البلاد لعهود الأزمات والحكومات الائتلافية، يقدمون حرمة الذات على حرمة الوطن، ويستعدون القريب والغريب ضد بلادهم، لأنه قد حيل بينهم وبين التلاعب بأموال هذا الشعب وخيراته، وينسون أن العاجز من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأماني.
بأي منطق يسلم رئيس الجمهورية مقاليد البلاد للمجهول بعد أن أعاد تأسيس دعائم الدولة ممثلة في؛ الوضع المالي المميز، والجيش المهاب، والحالة المدنية المضبوطة، والحريات السياسية والإعلامية الواسعة؟
بأي وجه يتوقف الرجل في منتصف الطريق وآلاف الأسر الفقيرة تعيش على الأمل الذي بعثه فيهم بعد أن أصبحت مليارات الأوقية تدعم قوتهم اليومي بدلا من ذهابها إلى جيوب المترفين، وتحولت الهكتارات التي كانت إقطاعيات للإداريين الفاسدين إلى قطع أرضية يسكنها المهمشون بعد ضيق العيش في أحياء الصفيح.
بأي معني يخلع الرئيس ثوب المسئولية التي قلده الشعب ومئات الكيلومترات المعبدة تربط أرجاء الوطن المترامي، وشبكات المياه والكهرباء تتوسع، والجامعات الجديدة والمستشفيات المتخصصة وثانويات الامتياز ومدارس الصحة ومؤسسات التكوين المهني تنتشر في البلاد؟
بأي مبرر يتخلى القائد عن شعبه بعد أن ذاق طعم الاستقرار والسكينة، وعاد الاعتبار لهويته العربية الإسلامية، وتمت مداواة جراح الطبقية ومخلفات الرق والإرث الإنساني، وعادت هيبة الدولة وتسنمت منابر القيادة في المحافل الإقليمية والدولية.
سيقول المخلفون عن الانتخابات نريد الشفافية، وينسون أنهم شاركوا مرات ومرات في مواعيد انتخابية بشروط لا تقبل المقارنة مع ما وصلنا إليه اليوم.
ألم يكفهم أننا أنشأنا لجنة مستقلة يختارها السياسيون تشرف لأول مرة في تاريخ البلد على العملية الانتخابية من ألفها إلى يائها، وأرسينا حالة مدنية بيومترية لا تقبل التزوير، وفتحنا حرية الفضاء السمعي البصري أمام الجميع؟
سيقول المخلفون إن غيابهم يعني الأحادية وهذا لعمري مصادرة على المطلوب، فمتى كانت الديمقراطية مرهونة بمشاركة طرف، وهل منعهم إلا خوف الفضيحة وتراجع المؤيدين.
ستكون الرئاسيات القادمة بإذن الله موسما لتزكية شعبية واسعة لرئيس الجمهورية لمأمورية ثانية، وسيكون نصيب المخلَفين هو ذلك "المجهول" الذي طالما بشروا به، وسيحفظ الله هذا الوطن وقيادته بفضل التفاف أبنائه حول التنمية والاستقرار، وببركة دعوات الأئمة الذين أصبح لهم نصيب معلوم في الميزانية، وأصوات التلاوة التي تملأ الأثير عبر إذاعة القرآن الكريم وقناة المحظرة، والحبر الذي أنفق في طباعة المصحف الشريف.
"وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ، الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ"