في مقاله "نكبة بعد نكبة إثر أخرى.." للأستاذ : الشيخ ولد لحبيب تخصيص معتبر للرد على مقالنا "كل العيون تبقى مفتوحة على القاصرات بأنواكشوط"، ويبدوا ان المقال كان قد كتب في وقت سابق من مايو 2011، على صفحة "الرؤية" الفايسبوكية ولأن الكاتب؛
كان قد حذفني من تلك الصفحة لأمر ما ! فقد تأخر إطلاعي على الرد القيم.
حين وجه المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية السيد :"لويس أوكامبو" الإتهام لرئيس السودان الطاغية "عمر حسن البشير" بالتورط في جرائم حر ب وإبادة جماعية إرتكبت في دارفور، وطلبه بتسليم نفسه أو إعتقاله لأجل محاكمته، وصف واحد من جوقة الدفاع عن الرئيس السوداني، قضية "دار فور" بالنبيلة، ولكنها رأى أنها لم تكن تستحق كل هذا الضجيج لأن القائمين عليها ليسوا سوى مجموعة تافهة من الحثالة، ومن المفارقات التي لا ينساها ضمير الضحايا، أن الأستاذ "الشيخ ولد لحبيب" يدبج صدر مقاله المثير بإعترافه بأن القضية مثار رده تبقى "نبيلة"!!، وكأنه ويا للمفارقة يحقر –في المقابل- حامليها من "الحقوقيين الجدد"، ألا يعد الأمر مجرد "دويتو" حافل بالتناغم النخبوي بين طلائع الثقافة العربية من المحيط إلى نهر النيل؟ وربما أبعد وأعمق؟، أم أن الأجساد الهزيلة والأعراض المنتهكة والمعدمة من ذوات البشرة السوداء والتي تنهشها العبودية والعنصرية و الإغتصاب، لا تستحق من أبنائها تنظيم الصفوف والكفاح، والتنديد؟! وهل يمكن ببساطة للقضية النبيلة إلا أن تولد عملا نبيلا؟.
يستخدم الأستاذ الشيخ ولد لحبيب، معياريا صورتنا العالقة في ذهنيته بمحتوى إحدى مجلات "السوبر موديل" الرخيصة فكتب ببساطة متناهية كان "طبيعيا أن أنتبه إلى رمزية الصورة: كرافتة بيضاء صغيرة فوق قميص أسود عريض!، هل يريد عبيــد أن يقول لنا شيئا بإختياره لهذه الصورة؟ أم أن الأمر مجرد صدفة، وكل ما يريده الرجل قاله فعلا في مقاله؟؟". والحق أن جوهر الإستغراب لم يكن بريئا البتة فالشيخ ولد لحبيب إنما يتحسس وجودي عبر قماش قوامه "كرافتة"ملامحها غير مميز في وسط عتمة يلفها السواد، وكأننا نعيد قراءة كاريكاتورية لمشهد تحقيري من أداء الممثل الأبيض "رايس توماس"، إن الصديق القديم يظهر في كل مرة المزيد والمزيد من الأراجيف "البريتورية" الخالصة، فتارة يجمل كل أنصار وقادة حركة الحر التاريخية في تحد مشترك! وفي مقالات لاحقة يصف "الحقوقيين الجدد" بأشباه الجرذان!!، فهل هناك تحقير لنضالات لحراطين أكثر من هذا؟، هل يمكن أن يغفر الرجل العادي للكاتب نهج لغته الملتوية والميالة إلى الغموض في تبرير الإجراءات التشريعية للواقع؟ هل يمكن للكتابات ذات المقصد الحقوقي أن تتمترس خلف جدار لامرئي من الرمزية؟ إن لم يكن الكاتب يسعى من خلال ذلك إلى تفعيل ومسايرة موجة "الأبارتيديون الجدد"؟!!!.
وسأتوقف قليلا لتبيان خطورة الأطروحات "الفلكلورية" لصديقي القديم، الذي يزعم بإمكانية تقبله لمضمون مقالنا –محور رده- ضمن قائمة الأشياء التافهة، وطبعا من تلك الأشياء "منشورات العبيد في هايتي"! وخطابات قادة " Black Panthers/الفهود السوداء" بالولايات المتحدة الآمريكية!!، ولسنا في حاجة لمزيد الفحص والبحث لإكتشاف موقف الكاتب الحذر، والعنصري الذي يختبؤ في مقالاته الأخيرة، ولا سيما في مقالة "نكبة بعد نكبة بعد أخرى" و أرى من الضروري الإشارة إليه، ففي مقاله "أشهر الساقطين : إخوة جميل ورفاق بيرام1" تهيمن على ذهنية الكاتب الكراهية بأبشع أصنافها فهو لا يتوانى عن وصف "الحقوقيون الجدد الانعاقيون" بــالانتهازية والمتاجرة بمعاناة الإخوة الزنوج، وكمثال يعتبرنا قد قمنا بدس أنفنا فيما لاناقة لنا به ولاجمل، في حالة رغبة التيار الانعتاقي بإحياء إعدامات بلدة "إينال"، ولأن الكاتب يتجاهل عامدا طبيعة المبادرة الإنسانية التي تتشكل من العشرات من المنظمات الحقوقية ورابطات الضحايا، وطبعا المبادرة هي من يتزعم الدعوة لها، فهو يكلف نفسه عناء النصح المرفوض عبر قراءات تأويلية لا تستقصي على الإطلاق الحقيقة الميدانية ففي حين تسعى المبادرة إلى إقامة "لوبينغ" لصالح عدالة إنتقالية يلتمس الكاتب للرئيس الحالي العذر، باعتباره كان قد قدم أقصى ما يملك.
وطبعا فنحن لم نتفاجأ من نزعة الإزدراء وثقافة الإساءة والتنفير التي تجثم على كتابات ولد لحبيب بإعتباره أحد الأقلام الوفية لــ"الأبارتيديون الجدد"، ونقصد بذلك النزعة إلى الإستهداف المباشر لتيار جارف، ولأن هذا التيار من حيث هو كذلك، ينتمي إلى مجموعة مصابة بعاهة العبودية التي لايمكن التخلص منها، وهذا الشعب المغلوب لن يتسنى له أبدا رفع الرأس، فسيكون من السهل وصفه بأقذر النعوت "الجرذان" و"الذئاب" و"الشرذمة الضالة" يقول الأستاذ الشيخ ولد لحبيب في الجزء الأول من نفس المقال ما يلي: "لن يملئوا الصحراء الشاسعة أبدا، سيظهرون للعالم وكأنهم مجرد ذئاب معزولة وقليلة العدد..."، قبل أن يعود في الجزء الثاني من مقاله ذاك ويقول :" وكلما شعر أولئك أنهم تحولوا إلى جرذان" عفوا....تلك العبارة تسربت إلي من خطابات القذافي"؟؟؟؟" و في كلتا الحالتين فالكاتب، لا يتوانى عن الاعتداء لفظيا على "الحقوقيون الجدد-الانعتاقيون" الذين يعمل الكاتب على تقديمهم في إطار صورة مؤطرة نمطيا من قبل النظام القيمي-السائد- الرافض للخضوع لقوانين الاجتماع الانساني.
وفي هذا السياق، لا يجد الكاتب غضاضة من السير بأمانة وفق عقيدة مجتمعه التقليدي..، فزعماء حركة "الحر" مجرد باعة متجولون!، و"الإنعتاقيون" عملاء وخونة!!، وحتى أن الصحوة الدينية للحراطين لم تسلم هي الأخرى من استنكار "الابرتيديون الجدد"..، و لأن الأستاذ الشيخ ولد لحبيب هو أول مثقف أقرأ له في حياتي ما يشير إلى صوابية سياسات الجنرال "محمد ولد عبد العزيز" فإنني أحيله إلى أحد خطابات ولي نعمة الجنرال الديكتاتور "معاوية ولد سيد أحمد ولد الطائع" بمدينة أكجوجت قبيل الإطاحة به وهو الخطاب الذي لازال محل مسرة من قبل مجتمع "البيظان" بعامة!!.
ألا يعني ذلك أنك إنما تصك أسماعك عن تفهم نضالاتنا حين تنعتها بالعبثية في أبرز تجلياتها، ثمة ما يريب أيضا في خواطرك المبثوثة على صفحات المواقع الالكترونية وشبكات التواصل الاجتماعي، فأنت تنعت مثقفي لحراطين المتحررين، بنعوت دونية لاتليق، فهم تارة منحرفين قيميا ولا يمكن - تبعا لمخيلتك العنصرية- الإقرار بإنتمائهم كقيمة مضافة للفسيفساء الحقوقية والسياسية الوطنية، و لكن اللافت أكثر أن الاستاذ الشيخ يتجاوز في تحليلك البطريركي مقاسات اصحاب النزعة "الابارتيدية"، فيتجاوز إلى البخل المفاهيمي حين يرفض حتى وصف التيار الانعتاقي بأصحاب الخطاب المتطرف، فنشطاء التيار تبعا للعقلية المفاهيمية للأستاذ الشيخ..، لا تلوح في الأفق أمارات الاعتراف بأهليتهم، وهذا ما يعفيهم من الضوابط القيمية المؤثرة في الآخرين ففي مقاله نجد لآتي: "إن حقوقيينا الجدد فيما يبدو يعجزون عن إيجاد خطاب وطني حتى ولو بدا متطرفا، ما أقصده بالوطني هما هو معناها المرادف للمحلية، إن متابعة بسيطة لما أنجزته التلفزة الموريتانية واذاعتها الموقرة من بث لندوتين عن العبودية وحقوق القصر....".
ثمة موقف غير بريء يختئ في كتابات ونقاشات "الأبارتيديون الجدد" أرى ضرورة الإشارة إليه، وتكشف عنه مقالة الكاتب في الفقرة الموالية : " إن متابعة بسيطة لما أنجزته التلفزة الموريتانية واذاعتها الموقرة من بث لندوتين عن العبودية وحقوق القصر، سيرى أنهما " ربما لأول مرة تستضيفان ناشطين حقوقيين قدماء ولهم عراقتهم ومصداقيتهم في النضال من أجل العبودية وتشغيل القصر: أبوبكر ولد مسعود، آمنة بنت المختار"، و ربما لأول مرة أيضا يكون النقاش مفيدا" هذه المقابلة بين أجيال المدافعين عن حقوق الإنسان في موريتانيا، سيقابلها الرفض لا محالة من قبلنا على الأقل، لأنها بحق قد ترقى إلى مستوى الوقاحة حين يتعلق الأمر بــ"الحقوقيين الجدد" والذين إستلهموا نضالاتهم من مواقف الجيل الأسبق..، و إن كنت تنسى، فذاكرتنا قوية لا تنسى مقالاتك الحاقدة على نضالات لحراطين غداة الــ13 من دجمبر 2010، ومنها ردك على عضو "حركة الحر" ورئيس معهد لحراطين للتنمية والتطوير!.
وسأكتفي بأن أسألك وأمثالك يا الشيخ ولد لحبيب.. ما الذي قدمته أنت كمواطن موريتاني للقضية "النبيلة"، وهل كلفت نفسك يوما عناء الوقوف إلى جانب السيدة آمنة منت المخطار؟ التي تتعرض على الدوام للتهديد حد التصفية! وهل عبرت يوما عن إمتعاضك من الفظاعات التي ترتكب ضد ضحايا الظل في موريتانيا؟ ومنهم العبدة "أمباركة منت أساتيم" التي تعرضت للإغتصاب المتكرر من طرف أسيادها (أهل أبوه)، وتمنع السلطات العمومية حتى إستدعاءهم للمثول أمامها لمجرد أنهم أقارب للرئيس الحاكم؟؟ يا ولد لحبيب أراك على غير ما عرفته منك شخصيا مغتبط بإنجازات التلفزة الموريتانية وإذاعتها، ألا يمكننا أن نقول وبملء أفواهنا أنك تمارس "العادة السرية" مع محطة تلاحقها الإدانات المجتمعية!.
من الضروري التنبيه إلى أن مقال "نكبة بعد نكبة إثر أخرى" بأجزائه الثلاثة يبقى ملئا بالتناقضات والمغالطات، ولذلك لا يستحق علينا الرد، شأنه في ذلك شأن الكثير من المناشير الالكترونية..، غير انه إكراما لتلك الصداقة القديمة والمميزة التي ربطتني في السابق بالكاتب الأستاذ الشيخ ولد لحبيب فقد أردت أن أجدها مناسبة لأن أقول له "كفى.. كفى فإن الحق أبلج ".