· مقدمة التحقيق؛
· معاني كلمات النشيد؛
· تغيير النشيد أطاح بحكم ولد هيدالة؛
· النشيد وآراء الناس فيه؛
· القيمة الرمزية للأناشيد الوطنية؛
· خصائص وأمثلة من أناشيد وطنية أخرى؛
· النشيد الوطني الموريتاني، وغياب الكلمات؛
مقدمة التحقيق؛
عندما تهب الجموع وقوفا، وترتفع الهامات إجلالا، لدى سماع معزوفة موسيقية حماسية قوية، يغلب عليها الضرب والخبط، ويرافقها الإحساس بالشجاعة والقوة، فأعلم أن كل تلك التصرفات والمراسيم تدل على أنك في حرم "النشيد الوطني".
ورغم أنها مجرد طقوس وبروتوكولات رسمية متعارف عليها؛ إلا أنها أعراف دولية ملزمة للجميع، ولا يمكن التخلي عنها في بعض المواقف والمناسبات الرسمية، فلدى زيارة أي رئيس أو ضيف كبير للبلد تجد الجميع يقفون بانتباه ساعة مرور سيادته، وتبدأ المقاطع الموسيقية بالعزف معلنة ترحيبها بالضيف، وإذا ركزنا قليلا سنعرف منذ البداية انه النشيد الوطني للدولة المضافة، يليه النشيد الوطني للدولة المضيفة، ومن غيره لا يمكن أن يتم مثلا الشروع في مباريات دولية لكرة القدم؛ رغم أنها رياضة وليس لها علاقة بالسياسة إلا أنها فرص لتحفيز اللاعبين والجمهور في آن واحد.
أما في طابور الصباح أو المساء المدرسي فالأمر سيان حيث يصر المعلم أو مدير المدرسة على وقوف التلاميذ بانضباط لأداء النشيد الوطني، ليصيح الكل بأعلى صوته:
"كن للإله ناصرا و أنكر المناكرا
وكن مع الحق لذي يرضاه منك دائرا"
ومع ذلك يتذكر ) ب، م( أحد أشهر لاعبي كرة القدم بموريتانيا إبان التسعينيات من القرن الماضي وهو في مراحل تعليمه الأساسي، وكان قد رفض ذكر اسمه، فيقول:" كنت لا أحفظ إلا هذين البيتين الأولين فقط، أما الباقي فكنت قد رددته يوما مع تلاميذ القسم أو سمعته أياما ولكنني لم أدرك معانيه أو مقاصد كاتبه أيامها" ويستطرد قائلا " أما التلاميذ الآخرون فحالهم كان ربما أشد وقعا" هذا الأمر أثر على اللاعب الهداف خلال مشواره الرياضي حيث ظل محرجا كلما وقف لأداء نشيد بلاده الوطني، ) ب، م( يتذكر أيضا أن "كوليبالي" رفيقه في الدراسة ثم الاحتراف كان هو الآخر يؤدي النشيد الوطني بطريقته الخاصة والطريفة حيث يقوم بالعزف بشفرة يده على شفتيه وينشد بنبرة خاصة:
"ول داداه كاس أندر
جاب أزكيبة من (....)" الخ
و رغم تكرار مشاهد رفع العلم المصحوب بأداء النشيد الوطني كثيرا، حسب ) ب، م(، إلا أن البعض من التلاميذ قد لا يحفظ هذا النشيد الموقر، فيبقى كما رأينا يحرك شفاهه في كل مرة.
و الظاهر أن الموريتانيين متضاربون كثيرا فيما يخص نشيدهم الوطني الحالي الذي يبدوا أنه لا يثير داخلهم تلك المعاني التي يريدها من اختار لحنه، أو حتى من حدد أن يكون هذا هو النشيد المعبر عن تطلعاتنا الجمهورية.
ومع ذلك فمن النادر أن يباشر المثقفون في معالجاتهم الموضوعية هذه الإشكالية، بوعي أو بغير وعي، إلا أن ثمة أصوات ظهرت مؤخرا تنادي بفتح باب النقاش حوله، مدفوعة هي الأخرى بدوافع متباينة؛ وهذا التحقيق يلقي الضوء على هذه الدوافع، ومرامي أصحابها الداعية إلى قراءة النشيد الوطني من جديد، وقبل الاسترسال في قراءة هذا التحقيق الصحفي أرجو من القراء الكرام التحلي بقدر من الواقعية المنصفة لكل الآراء والاتجاهات حيث تصب كلها في مصلحة الوطن، كما نأمل الإسهام الجاد والموضوعي في إثراء نقاش أوسع حول محتوى التحقيق بين نخبنا الثقافية والفكرية من جهة، ودوائر القرار والسياسة في البلد من جهة أخرى.
و بإختصار يسعى التحقيق إلى الإجابة على سؤالين اثنين هما: ما رأي الموريتانيين في نشيدهم الوطني بعد مرور46 سنة على الاستقلال؟ وهل لازالت أبيات باب ولد الشيخ سيديا مناسبة حتى اليوم كنشيد وطني للبلاد؟ وما هي الخصائص والمضامين التي تتضمنها الأناشيد الوطنية للبلدان الأخرى؟ وهل يحتاج النشيد الوطني الموريتاني إلى هذه المميزات؟
تقول كلمات النشيد:
"كن للإله ناصـــرا وأنكـــر المناكـــرا
وكن مع الحق الذي يرضاه منك دائــرا
ولا تعـــد نافعــــــا سواه أو ضائــــــرا
واسلك سبيل المصطفى ومت عليــه سائـــرا
فما كفـى أولنـــــــا أليس يكفي الآخـــرا
وكن لقــوم أحدثـوا فــي أمــره مهاجـرا
قد موهوا بشبـــــه واعتــذروا معـــاذرا
وزعمـوا مزاعمـا وســودوا دفاتـــــــرا
واحتنكوا أهل الفلا واحتنكوا الحــواضرا
وإن دعا مجـــادل في أمرهم إلى مــــرا
فلا تمـــار فيهـــم إلا مــــراء ظاهــــرا"
اعتُمدتْ رسميا هذه الكلمات كنشيد وطني للجمهورية الإسلامية الموريتانية سنة1960 عندما أمر بذلك أول رئيس للجمهورية الوليدة، الأستاذ المختار ولد داداه أما مؤلف النشيد فهو الشيخ بابه ولد الشيخ سيديا رحمه الله، الذي كان قــد فرغ من تأليفه أواسط القرن التاسع عشر أيام لم تكن هناك دولة في أرض الشناقطة.
عزف النشيد لأول مرة أمام الجمهور في 28 من نوفمبر1960؛ بمناسبة حصول البلاد على الاستقلال عن فرنسا، على يد الفنان سيدات ولد آبه أطال الله بقاءه، بينما يعود الفضل في تلحينه وتطويعه للنوتة الموسيقية إلى الفنان الفرنسي الراحل توليا نيكيبروفيتسكي، ولا تزال كلمات النشيد حتى الآن نشيدا وطنيا رغم مرور عقود على كتابتها.
معاني كلمات النشيد؛
عند تأملنا لكلمات النشيد نجدها تزخر بمشاعر التوحيد والفداء الروحيين والدينيين، أما مناسبة تأليفه فهي دعوة أطلقها الشيخ للاحتماء بالدين، في وجه الطرق والمراجع الصوفية، ومن البين لكل مطلع أن القصيدة الأصلية كانت قد حذفت بعض أبياتها عند اعتمادها نشيدا وطنيا للبلاد، و تبدأ الكلمات بالدعوة لنصرة دين الله، وهجر البدع والشبهات، والتمسك بالدعوة المحمدية الخالية من المنكر والاختلاقات، التي أحدثها بعض مشايخ البلد لتلتقطها الدَهماء من الناس، ويختتم بدعوة المسلمين إلى الثبات، وعدم الخوض في الجدال العقيم مع المنكرين، داعيا للتمسك بما جاء به أهل الرأي والبصيرة، أما في جانبه العروضي فهو من بحر مجزوء الرجز.
وقد يلمس القارئ من مضمون كلمات النشيد الذي كتب في فترة تاريخية كنا قد أشرنا إليها؛ أن غياب معانات موريتانيا من أجل الحرية من مضمون النشيد يعود إلى أن النشيد سابق للتأسيس للدولة الحديثة، وكذلك الحال بالنسبة لخلوه من أي ذكر للدفاع عن الحوزة الترابية والشخصية الموريتانية الممتلئة فخرا وعزتا بوطنها، وأدوار رجال شنقيط الحديثة في نشر العلوم والمعارف الإسلامية في أدغال إفريقيا في الماضي والحاضر وربما المستقبل، يقول السيد عال مختار ولد أكريكد؛ رئيس قسم اللغة العربية بالمدرسة الوطنية لتكوين المعلمين:"بالنظر إلى الفترة التي كتب فيها النشيد، فإنه كان ناطقا أمينا باسم زمانه، حيث لم تكن هناك مطامح كبيرة، كالمطامح الموجودة اليوم لدى الشعب الموريتاني، ومع ذلك فهو(أي النشيد) يحمل بالنسبة لي قيمة ضاربة في جذور الموروث الديني والأخلاقي للمجتمع الموريتاني، وسيبقى عامل وحدة بين مختلف فئاته وشرائحه وأعراقه"
ومن البين بحكم إطلاعنا على الأناشيد الوطنية لكثير من الدول؛ كونها تكاد تجمع على تحفيز الجماهير للذود عن أوطانها، وتوجههم للتعاطي بحماسة مع أدوارهم ومواقفهم الوطنية بقلوب ملأى بتمجيد الحرمات، وفق تراث وتقاليد كل بلد على حدة؛ وبالنظر لاختلاف الأناشيد من حيث الشكل والمضمون واللحن الموسيقي؛ وتبعا لطبيعة نظام الحكم السائد؛ ففي الدول الملكية الأناشيد تختص بتمجيد الملك أو الإمبراطور(عنوان النشيد الوطني للمملكة المتحدة فليحفظ الله الملكة ) و(عنوان النشيد الإمبراطوري لليابان هو كيمي غايو أي مولاي في إشارة إلى إمبراطور اليابان)، والواقع على نقيضه في الدول ذات الأنظمة الجمهورية التي غالبا ما يطلق على أناشيدها اسم الدولة ووصف الوطني، كما أن مضامين الأناشيد ذات المرجعيات الأيديولوجية في دول أخرى باتت تحتفظ بطابعها الخاص مثال ذلك نشيد (الأممية السابق للسوفييت) و(مارش المتطوعين الصيني(، وهذا ما يكشف عنه هذا التحقيق في إطار أناشيد مختارة تمتاز بثرائها الفني وتنوع معانيها وجمال وسلاسة ألفاظها، وسهولة حفظ مقاطعها، كما يعمد إلى أخذ آراء وتحليلات أهل الاختصاص في غربلة الأناشيد والكشف عن مكامن قوتها، ونقاط الضعف لديها، وهنا نقتبس من مقال منشور على الإنترنت تحت عنوان "النشيد الوطني" للكاتب المصري عبد الوهاب المسيري يقول في مقدمته: " النشيد الوطني لأي بلد يعبر عن أيديولوجية كاملة نابعة من رؤية للكون، وهو عادة ما يكون رؤية النخبة الحاكمة، في حين تكون مهمة النشيد تجنيد الجماهير في خدمة هذه الأيديولوجية، ومن ثم فالنشيد الوطني شأنه شأن الأيديولوجية قد يكون أداة لخدمة الجماهير(إن كانت النخبة الحاكمة تعمل لصالح الجماهير) وقد يكون أداة لتضليلها".
تغيير النشيد أطاح بحكم ولد هيدالة؛
ومن المعروف أن دور السلطة في اختيار واعتماد النشيد الوطني لموريتانيا كان كبيرا؛ حيث لم يكن الوعي المدني لدى الشعب قد تشكل بعد، ولا تزال الأمة في مراحل التأسيس والظهور على المسرح الدولي، والمصاعب السياسية والاقتصادية المرافقة باتت تلقي بثقلها على كل شيء بما فيها مسألة اختيار رموز الجمهورية؛ كالعلم الوطني، وشعار الجمهورية، والنشيد الوطني، يقول أحمد ولد اليدالي وهو شاهد عيان:"غداة الاستقلال لم تكن هناك أمة أسمها موريتانيا بالمعنى الصحيح، فبينما كان هناك وطن يتشكل في (سينلوي) وبإرادة فرنسية، كانت بعض دول الجوار تتزعم المطالب بإقليم موريتانيا" وواضح أن رئيس الجمهورية الأستاذ المختار ولد داداه عند اعتماده للنشيد الحالي لم يكن يعمد إلى أمر ما غير الحصول على قيمة جمهورية أخرى تؤازر وتكمل جهوده السياسية من أجل انتزاع الاعتراف الدولي بوطن لازال في طور التشكل والظهور على المسرح الدولي والإقليمي، يقول السيد ( الشيخ إسلم ولد سعدن وهو وجيه قبلي من ولاية العصابة)"علمنا أن رئيس الوزراء المختار- رحمه الله- كان يبحث عن نشيد للدولة سنة 1958 أي قبيل الاستقلال، وبأن أحد مقربيه قد أشار عليه بنظم بابا ولد الشيخ نفعنا الله ببركته فأعتمده"، جرى ذلك بعد القيام بمحاولة فاشلة لكتابة كلمات نشيد آخر؛ يتعرض ضمنا لتفنيد المطالب المغربية "بإقليم موريتانيا"،
ويسجل المتابعون للشأن الوطني ردة فعل الموريتانيين إزاء اعتماد نشيدهم "كن للإله ناصرا" حيث سلموا بالأمر في البداية، ولكن سرعان ما دار حوله جدل واسع خصوصا إبان فترة السبعينات، لاسيما مع بدء تشكل الوعي والإحساس بالانتماء الوطنيين المتولدين عن احتكاك الموريتانيين، ونخبهم الفكرية والسياسية بالتجارب الناجحة على المستوى الدولي في هذا المجال، زد على ذلك دور الحركات الطلابية طيلة الأنظمة التي أعقبت الاستقلال حيث شُكلت منتديات طلابية دارت فيها مساجلات بهذا الصدد، اتجهت الآراء والاجتهادات ناحية المطالبة الصريحة بالعدول عن النشيد الحالي كلماتا ولحنا عكس هذا الاتجاه التيار التقدمي أو اليساري، مقابل تيارات أخرى ظلت تطالب بتغيير الكلمات والاحتفاظ باللحن، أو العكس الصحيح، ويتجلى ذلك أكثر في خطاب الإسلاميين، والزنوج، أما اليمينيون أو المحافظون فقد ظلوا يعتقدون بأهمية بقاء النشيد الحالي كلماتا ولحنا، ووصلت دعوات المطالبين بمراجعة النشيد الوطني أوجها إبان حكم محمد خونة ولد هيدالة مما شجعه كرئيس للجمهورية آنذاك على مخاطبة الشاعر أحمدو ولد عبد القادر حول رغبته في تغيير كلمات النشيد والقيام بتكليفه بذلك، يقول الشاعر في نفس الإطار خلال حديث مسجل لدى الإذاعة الوطنية ما مفاده:"استدعيت لدى القصر، وأبلغت بضرورة كتابة نشيد وطني جديد للبلاد، ومع انصرافي للعمل على إكماله، أطيح بالحكم، وتم إعدام محاولتي وهي لا تزال حفيظة الأدراج" ولا نغالي إذا قلنا أن الأمر عانى كثيرا من توجس الحكام، وعدم جدية المطالبين أو على الأقل عدم براءتهم حيث باتت السياسة عاملا دافعا لهؤلاء في كل مرة، وفي المقابل لم يحظ الأمر بكبير عناية من لدن المفكرين والمثقفين في موريتانيا، فهل القضية برمتها تنم عن فقدان الإحساس بضرورة وأهمية الأمر لدى الفئة الأخيرة، أم لغياب أهمية النشيد من حياتنا الجمعية كرمز؟.
النشيد الوطني وآراء الناس فيه؛
لنرى الآن كيف ينظر المثقفون الموريتانيون إلى النشيد الوطني؛ يقول السيد سيدي محمد ولد عبدالرحمن ولد الداهي رئيس جمعية غير حكومية حول النشيد الوطني:"عندما لا أحس بمشاعر تشدني إلى النشيد الوطني، أو لا ارتاح لسماع ترديده بحيث لا يتملكني الخشوع والانصياع وراء لحنه، وكلماته، وأسعد بسماع تكرارها مرات ومرات، فلن أكون مجانبا للحقيقة إذا قلت بأنني بلا نشيد"، وإذا كان هذا الرأي ينطلق من أحد ممثلي المجتمع المدني الموريتاني المطالبة بإعادة النظر في كلمات النشيد، فإن السيد عبد المولى ولد محمود مدير مدرسة لفريوة الأساسية بأرياف أترارزة، يعتقد بأهمية مضامين النشيد الوطني الحالي، وبقدرته على الاستمرارية كرمز إلا أنه يشير إلى ضرورة إضافة أبيات جديدة، ونزع أخرى" ويضيف "تلاميذ الحاضرة أصبحوا يحفظون النشيد بالكامل، ولكني أتذكر عشر سنوات قضيتها في مدارس الضفة، و يندر أن تجد من يحفظ أو يستطيع أن يكرر كلمات النشيد، فلغتة جزلة وليس كل الناس متمكنين من ترديدها"،
أما فنان الكاريكاتير الشهير؛ بونة ولد الدف فلا يرى غضاضة في التخلي عن النشيد الوطني الحالي، حيث يرجع كتابته إلى فترة تاريخية لم يكن حينها لموريتانيا ذكر، بل كنا حينها مجتمعا بدويا غير متحضر فكريا ولا متمدن نظريا"، وهو يطالب في المقابل "بالاحتفاظ باللحن"
أبطال الرياضة الذين سافروا كثيرا إلى العالم الخارجي ومثلوا موريتانيا في المحافل الدولية، لهم هم الآخرون رأيهم في الموضوع، عبر عن ذلك الشاب سيدي ولد بيجل بطل موريتانيا في العاب القوى وممثلها إلى أولمبياد سيدني بأستراليا سنة 2000 فقال:"أنا معجب به بصفته الحالية، وأحفظه عن ظهر قلب، إلا أن النشيد الوطني الموريتاني هذا يخلو من الدعوة للوطنية، والعمل بالإضافة إلى طول كلماته".
من ناحية أخرى، دلت المناقشات حول النشيد الوطني على أن جمهور المثقفين لا يرى مانعا من عمل شيء ما في هذا الصدد، ومن الممكن أن تلمس ذلك جليا لدى عينة اخترناها - لغرض التحقيق- من الطلبة الجامعيين حيث تتلاقح التوجهات الفكرية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية، وقد جرت لنا مع هؤلاء حلقة نقاش حول هذا الموضوع، ضمت عشرة طلاب من مختلف الأجناس، دلت آراؤهم حول موسيقي النشيد الوطني علي أن 8 من أصل عشرة يرغبون في بقاء موسيقى النشيد، في حين طالبت ستة أصوات بتغيير كلمات النشيد.
أما الأستاذ عال مختار ولد أكريكد، فيعود ويؤكد على تميز النشيد الوطني الموريتاني ويقول:"يتميز النشيد بالوحدة الموضوعية، فهو يدعو إلى التمسك بالشريعة الإسلامية، وبالصراط المستقيم، وهذا لا ضير فيه بل ندعو إليه، إلا أننا نرى التنويع أيضا بحيث تكون هناك إشارات ولو قليلة إلى الوطنية، وتدعو إلى حماية الحوزة الترابية، أو أي شيء من هذا القبيل."
على أية حال، المشكلة ليست في طول الكلمات أو جدتها، فالأناشيد التي اطلعنا عليها لمختلف الدول، تتميز كلماتها بالطول أحيانا أو القصر أحايين، بالجدة أو القدم، وهي تعبر دائما عن رؤية للذات والآخر، ونادرا ما تلجأ كلماتها للمجاز، وكمثال على ذلك النشيد الوطني الفرنسي لا مارسييز La Marseillaise)) الذي كتب سنة 1792 على يد جوزيف روجيه دي ليزل، والذي يتجاوز سبع مقاطع طويلة جدا، (وبالمناسبة هذا النشيد يطالب الفرنسيون حاليا بتغيير مقاطع منه لاعتبارات مختلفة)، المشكلة التي تتضح من خلال هذه المقابلات تكمن في الشعور العام لدى الموريتانيين بكون نشيدهم الوطني الحالي لا يستجيب لآمالهم نحو الذات والوطن ولا نظرتهم إلى الآخر.
القيمة الرمزية للأناشيد الوطنية؛
تعتبر أهمية النشيد الوطني رمزية في نظر كل شعب حر يعيش في وطن مستقل وذا سيادة، والواضح أن المجتمع الموريتاني بعامة يفتقد هذه القيمة الرمزية، هذا إذا فتشنا في القيمة التي تبرز من خلالها أهمية الأناشيد الوطنية على المستوى العالمي، والتي غالبا لا تكمن في النص الشعري والكلمات وما أكثر النصوص الشعرية التي باتت تفوق نتاج بلد المليون شاعر، بل تنطلق أهمية هذه الأناشيد الوطنية في الأساس من رمزيتها ورموزها الدالة؛ كما تلعب المناسبة التي كتبت فيها دورا رمزيا كبيرا، وقد يتغير الوضع عند اتفاق الأمة على اختيار نص شعري محدد ليكون نشيداً وطنياً لها؛ إذ يُكَفُ لحظتها عن التعامل معه كنص شعري ويصبح رمزا سياديا للأمة بأسرها لا يخص حزباً أو نظاماً أو فئة اجتماعية بعينها أو جهة بذاتها، لأنه يصبح خير معبر عن روح الأمة المتجددة وسعيها الدائم نحو الازدهار والتقدم وإيمانها بالله الواحد الأحد، كما يزداد الإحساس بأهمية الأناشيد كلما أبرزت مضامينها تكريما لرموز وأبطال الوطن الذين ضحوا بحياتهم من اجل الاستقلال، بالإضافة إلى إعتزازها بدور الجيوش التي تسهر على حماية الثغور، وتهيب في نفس الوقت بالأبناء والأحفاد إلى حمل مشعل الحرية والتقدم، أما الجوانب الحضارية المتعلقة بالتراث والقيم والتسامح مع الآخر فهي مرآة ينظر إلينا من خلالها الآخرون، كما نطمح من خلال "النشيد الوطني" لأن يحتل وطننا وشعبنا مكانة متقدمة بين الأمم تليق به وبتاريخه، والواقع أن النشيد والسلام الوطني الموريتاني ينبغي أن يكون أنشودة ينطقها كل لسان موريتاني لتتردد في الآفاق معبرة عن روح الانتماء لهذا الوطن الذي لا وطن لدينا سواه والذي نبذل من اجله الغالي والرخيص غنياً كان أم فقيراً، متقدما أم متخلفا فهو البداية والنهاية وهو المبتدأ والخبر، وسيكون الهدف من هذه الدعوة وطنيا محضا.
خصائص وأمثلة من أناشيد وطنية أخرى؛
مرة ثانية لا نسعى للقول من خلال هذا التحقيق؛ أن الأناشيد التي كتبت أو اعتمدت في بلدان أجنبية، مثالية أو صالحة ينبغي أن نتخذها قدوة لنا في مشاريع من هذا القبيل، إذ أن فيها أناشيد مليئة بالكراهية والحقد والبربرية (كالهتكفاه الصهيوني، المارسييز الفرنسي) وعلى خلاف ذلك، تكثر على المستوى الدولي الأناشيد التي تدعو إلى المحبة والتآخي والصداقة وسيورد التحقيق بعضا منها، على سبيل المقارنة والاستحسان،
أما أول هذه الأناشيد فهو النشيد الوطني لجمهورية السنغال، بحكم الجوار، و الذي يسمى "(Pincez tous vos koras frappez les balafons) "أي" اعزفوا كراتكم واضربوا البالافونات " ) تقول مقاطع مختارة من النشيد:
المقطع الثالث
"سنغال، يا ابن زبد الأسد،
تبرعم من الليل إلى عدو الخيول.
أعطنا! أعطنا أمجاد آباءنا، رائع كخشب الأبنوس وقوي كالعضل،
نقولها بوضوح - فليس في السيف صدوع."
(الكورس)
يقول المقطع الخامس:
"مثلك يا سنغال ومثل جميع أبطالك،
سوف نكون أشدّاء من غير كراهية وبأيدِ مفتوحة.
وسندخر السيف في غمده عند السلم،
وسيكون العمل والقول هو سلاحنا.
وسيكون البانتو أخواتنا، وكذلك العرب والرجل الأبيض."
هذا النشيد هو الآخر، كان قد تم اعتماده في 1960 م أي سنة استقلال السنغال، أما كاتب الكلمات فهو الرئيس الراحل(ليوبولد سيدار سينغور) أما اللحن فهو (لهيربرت بيبر؛ كاتب النشيد الوطني لجمهورية إفريقيا الوسطى)، وهو ما جعل النشيد يظل محافظا على مذاقه الإفريقي الخالص،
يبدأ النشيد بنداء يصدح من الذات ويعود إليها، إلى السنغال الذي تحول من وطن أو أرض وأناس، إلى ذات تعيش عبر الزمان، أما ربُ تلك الذات فهي الطبيعة، المعبر عنها بدلالات متعددة غابات السافاناه، البحر، خشب الأبنوس؛ كلها أمثولة حية مأخوذة من الطبيعة وتنوعها الحيوي بالسنغال، وإن كانت لها دلالات رمزية في قصص و ملاحم السنغاليين، فالأسد الذي ورد غير ما مرة في النشيد؛ يرمز في حكايات التراث السنغالي والإفريقي عموما، إلى الشجاعة والإقدام، ومع أن سياق النشيد المتواصل يقرِّب لنا حكاية السنغالي مع وطنه، حين البأس أو السراء فنرى المقطعين الأخيرين الخامس والسادس؛ يهيبان بأبطال السنغال الأشداء تحريضا لهم على عدم الرضا بالعار أبدا، ويدفعان بهم للذود عن الوطن، وهو عموما نشيد مليء بالمعاني التي قد تجعله مثالا جيدا وواردا لأي تجربة في هذا المجال.
غير أن هذا النشيد لا يختلف عن الأناشيد الوطنية العلمانية الكثيرة التي عادة ما تجعل تراب الوطن هي الأرض المقدسة، والذات القومية هي العبد والمعبود والمعبد، والوطن فوق الجميع وتظهر قيم مثل الأرض والدم والعرق، باعتبارها مطلقات مرجعية، ويبدو أن نداء كاتب النشيد لحماية السنغال من استئساد الرجل الأبيض قد أخفقت تماما، فالغرب هذه الأيام يخترق جنبات المجتمع السنغالي.
أما في العالم العربي فسنقتبس مقاطع من أناشيد وطنية متفرقة، تلتقي في كونها تمثل رؤى وطنية تكاد تكون متوافقة أو أقرب إلى هدف التحقيق، أما أول هذه الأناشيد فهو النشيد الوطني الجزائري الذي هو وليد ثورة التحرير بأرض المليون شهيد فكان حتما عليه، أن يعكس حتمية التطورات التاريخية التي أدت بدورها إلى تغيير وجهة الجزائريين باتجاه المواجهة مع قوى الاستعمار الفرنسي لأرضهم؛ "قسما" هو عنوان النشيد الجزائري الذي تقول بعض مقاطعه:
المقطع الثالث :
"يا فرنسا قد مضى وقت العتاب
وطويناه كما يطوى الكتاب
يا فرنسا إن ذا يوم الحساب
فاستعدي وخذي منا الجواب
إن في ثورتنا فصل الخطاب
وعقدنا العزم أن تحيا الجزائر
فاشهدو... فاشهدو... فاشهدو..."
أما المقطع الرابع:
"نحن من أبطالنا ندفع جندا
وعلى أشلائنا نبعث مجدا
وعلى أرواحنا نصعد خلدا
وعلى هاماتنا نرفع بندا
جبهة التحرير أعطيناك عهدا
وعقدنا العزم أن تحيا الجزائر
فاشهدوا... فاشهدو... فاشهدو..."
" قَسَمًا" هو نشيد جبهة التحرير الذي سرعان ما تحول إلى نشيد الجزائر الوطني، كتبه الشاعر السجين مفدى زكريا داخل سجن فرنسي عام 1956، ولحّن النشيد، الملحّن المصري محمد فوزي، وليس لدينا تعقيب كبير حوله إذ يعتز الإنسان الجزائري من خلال نشيده بنضال الأجداد(جبهة التحرير) ضد الاستعمار الأجنبي (فرنسا)، وهو بذلك نشيد يشتمل على خاصية فريدة حيث يجمع بين الثوابت والمواقف التي سقط دونها أبطال التحرير شهداء في ساح النضال من أجل جلاء المستعمر الذي كان في وقت من الأوقات يعتبر الجزائر ولاية فرنسية لا تقبل المساومة، كما ينادي النشيد الجماهير من أجل كسب الحرية والاستقلال والكرامة، و يهتف بحياة الجزائر، هذا النشيد يمتاز ببساطة كلماته، وقربها من كل ضليع بلغة الضاد.
أما النشيد الوطني المصري "بلادي، بلادي، بلادي" فهو نشيد حديث؛ إذا ما قورن بسبق المصريين إلى المدنية واستخدامهم للدلالات والرموز الوطنية على غيرهم من العرب، والظاهر أن المراحل التاريخية التي مرت بها مصر الحديثة، بدء بالاحتلال الإنجليزي، فالملكية، ثم قيام الثورة والجمهورية، كلها محطات حملت تجارب متعددة لأناشيد لم يكتب لها الاستمرار، ربما لأنها كتبت أو ألفت لصالح الأنظمة وليس لصالح الوطن، أما النشيد الوطني الحالي، فقد تم اعتماده في عام 1979، وهو من كلمات وتلحين سيد درويش، تقول أبيات مختارة من النشيد:
"بلادي بلادي بلادي لكِ حبي و فؤادي
بلادي بلادي بلادي لكِ حبي و فؤادي
مصر يا أم البلاد أنت غايتي والمراد
وعلى كل العباد كم لنيلك من أياد
لازمة النشيد
مصر أنت أغلى درة فوق جبين الدهر غرة
يا بلادي عيشي حرة واسلمي رغم الأعادي"
هذا النشيد قريب من حيث المعاني الوطنية وأغراضه بعامة من النشيد الوطني التونسي الذي يشتمل بدوره على أبيات مشهورة لأبي القاسم الشابي يقول المقطع الأول من النشيد:
"حماة الحمى يا حماة الحمى
هلموا هلموا لمجد الزمــن
لقد صرخت في عروقنا الدما
نموت نموت و يحيا الوطن"
ولك كقارئ أن تدرك كم يضج هذان النشيدان، بمعاني الوطنية، وعزة النفس العربية، وإن كانا لم يوليا توازنا كبيرا بين الحض على التمسك بالقيم الروحية، وحرمات وتمجيد الأوطان، وهما في ذلك يشبهان إلى حد بعيد مثيلهما السنغالي.
السودان من أكثر البلدان العربية التصاقا بالشناقطة، وقربا لتقاليد المجتمع الموريتاني بزنوجه وبيضانه، وهي لذلك نسخة طبق الأصل لمكونات الشعب الموريتاني، كما تشكل السودان في الذاكرة الجمعية للشناقطة الأوائل، أهم نقطة في المشرق العربي بعد الحجاز كتبوا حولها في أدب التراجم والسير والرحلات إبان عصورهم الزاهية.
النشيد الوطني لهذه الدولة الشقيقة يجمع بين بساطة المفردات وتكثيف وتركيز معان الفداء؛ اقرؤوا كلمات النشيد كاملة:
" نحن جند الله.. جند الوطن
إن دعا داع الفدا لن نخن
نتحدى الموت عند المحن
نشتري المجد بأغلى ثمن
هذه الأرض لنا
فليعش سوداننا علماً بين الأمم
يا بني السودان هذا رمزكم
يحمل العبء ويحمي أرضكم".
وحتى لا نتهم بالتقصير في هذا التحقيق الصحفي، فإننا نضمنه بترجمة لكلمات النشيد الوطني الشيشاني، الدولة البعيدة منا جغرافيا، القريبة منا معتقدا ودينا، كنموذج لنظيراتها الإسلاميات، النشيد الشيشاني يختلف تماما عن معظم الأناشيد التي أعرفها أو تلك التي شملها هذا التقصي، حيث يستخدم الشياشانيون مجموعة من الصور الشعرية المؤثرة إلى جانب التقرير المباشر في نشيدهم الذي لم يسعفني الحظ في العثور على اسم كاتبه، تقول كلمات النشيد:
" في ليلة مولد الذئب خرجنا إلى الدنيا، وعند زئير الأسد في الصباح سمونا بأسمائنا
وفي أعشاش النسور أرضعتنا أمهاتنا ومنذ طفولتنا علمنا آباؤنا فنون الفروسية والتنقل بخفة الطير في جبال بلادنا الوعرة
لا إله إلا الله
لهذه الأمة الإسلامية ولهذا الوطن ولدتنا أمهاتنا
ووقفنا دائما شجعانا نلبي نداء الأمة والوطن
لا إله إلا الله
جبالنا المكسوة بحجر الصوان عندما يدوي في أرجائها رصاص الحرب
نقف بكرامة وشرف وعلى مر السنين نتحدى الأعداء مهما كانت الصعاب
و بلادنا عندما تتفجر بالبارود من المحال أن نُدفن فيها إلا بشرف وكرامة
لا إله إلا الله
لن نستكين أو نخضع لأحد إلا الله فإنها إحدى الحسنيين نفوز بها: الشهادة أو النصر
لا إله إلا الله
جراحنا تضمدها أمهاتنا وأخواتنا بذكر الله
ونظرات الفخر في عيونهن تثير فينا مشاعر القوة والتحدي
لا إله إلا الله
إذا حاولوا تجويعنا سنأكل جذور الأشجار وإذا منع عنا الماء سنشرب ندى النبات
فنحن في ليلة مولد الذئب خرجنا للدنيا
ونحن دائما سنبقى مطيعين لله وللوطن وهذه الأمة
لا إله إلا الله"
يصور النشيد ذهاب المجاهدين الشيشانيين إلى الجبهة الأمامية للقتال ضد الروس المستعمرين؛ حيث لا تزال الأمة الشيشانية في مواجهة حاسمة تحتم على أبنائها الخيار بين البقاء تحت السيادة الروسية أو الانبعاث والخلود من جديد كأمة مستقلة وهو ما يحتم خيار مقاومة البقاء الروسي في الأراضي الشيشانية، ويعبر هذا النشيد عن تلك المقاومة وذاك الكفاح المنبثق من عزيمة الشعب الشيشاني المسلم المندفع من اجل التحرر الوطني، والنشيد مليئ بالإيماءات الدالة على تقاليد الأمة الشيشانية الحميدة المتمثلة في الشجاعة وصلابة العود ومقاومة العدوان بصورة موحدة، يكمل عبد الوهاب المسيري ضمن مقاله الآنف الذكر الرأي حول هذا النشيد بالقول:"النشيد الوطني الشيشاني مليئ بالدلالات التاريخية التي تعبر عن جمال الطبيعة لديهم، إلى جانب صفات هؤلاء المقاتلين وانتمائهم إلى الأمة الإسلامية وإلى وطنهم، أي أن لحظة الميلاد التي أكدت الانتماء إلى العائلة تمتد الآن لتصبح انتماء إلى الوطن والدين والإنسانية جمعاء، ثم تنتقل العدسة من الحديث عن الأصول والجذور إلى الحديث عن الثمرة، أي المجاهد الذي يحمى بلاده وشرفه وكرامته."
النشيد الوطني الموريتاني، وغياب الكلمات؛
في بداية التأسيس للمشهد السياسي والمدني الموريتاني الذي ترافق مع بداية إخلاء الفرنسيين للمنطقة إبان نهايات الخمسينيات، والمراحل اللاحقة عليها، لعبت الدولة دورا مركزيا كبيرا في تحديد معالم ورموز هذا الوطن، نظرا لاعتبارات كثيرة أهمها غياب مفهوم الدولة المدنية من حياة مواطنيها آنذاك، وتفشي العقليات البدوية على نحو واسع في عموم الولايات والأقاليم الموريتانية، مرد هذا الأمر عائد فيما يبدو إلى حداثة مفهوم الدولة على البيضان، غير أن التحولات و الطفرات الكبيرة التي وصل إليها الموريتانيون لاسيما هذه الأيام، من شيوع مفهوم المواطنة لدى الجميع، والممارسة السياسية والتي ستفضي فيما يبدو إلى قيام حياة ديمقراطية بطابع موريتاني خاص، أضف إلى ذلك رجحان كفة هيئات المجتمع المدني على حساب الدولة التي بدأت تفقد بعض أدوارها المركزية لصالح المجتمع المدني، هذه الاعتبارات على وجاهتها تفيد بشيء واحد وهو أن الوعي المدني قد وصل إلى مراحل متقدمة بالنظر إلى ما كنا عليه من جهل برموز الوطن، كالنشيد والسلام الوطنيين، وهو ما يجعل الكرة كما يقال في مرمى التكوينات السياسية والمجتمعية التي يتزعمها الغيورون على الوطن؛ وهو ما يحتم بالتالي ضرورة إجراء نقاش جدي حول النشيد الوطني، الذي يبدو من خلال التحقيق أنه لا يرضي كل المواطنين.
و هناك، خلاصة، يطلقها الدكتور بلال ولد حمزة أستاذ الفكر الإسلامي ورئيس قسم العلوم الإنسانية بالمدرسة العليا للتعليم) والذي يقول: من الممكن أن تلجأ الدولة بقرار إداري أو رسمي أو بمقرر وزاري معين، أو رئاسي تعلن فيه تخليها عن النشيد الحالي، ولكن هل يرضي ذلك الموريتانيين؟ و يردف قائلا"أعتقد أننا لم نعد من الغباء بحيث تنتقي لنا الحكومات رموز وطننا، بل القضية تحتم إجراء مشاورات إن لم تكن في حجم الأيام الوطنية للتشاور فإنه ينبغي أن تراعي فيها جملة من الأمور أولها إجماع الموريتانيين".
نهاية التحقيق
والسلام