يسألني أحد الرفاق : لماذا تستغرق وقتا بين البوح و البوح ؟
أنا يا صاحبي أستغرق بعض الوقت كي أصنف نوع أحزاني الوطنية .
فلدي حزن صحي ، و لدي حزن تعليمي ، و لدي حزن سياسي ، و لدي حزن اقتصادي ، ولدي أحزان أخرى .
يا رفيقي ...
لقد سمعت أن منسقية المعارضة قاطعت الانتخابات ، إنها يا رفيقي أول مرة في تاريخ معارضتنا تتخذ موقفا عقلانيا ، فمشاركتها كانت ستكون تفاهة كبيرة ، و هذا يعني أن مقاطعتها بديهية جدا .
يا رفيقي المعارضة تعلم أن نصيبها من هذه الانتخابات سيكون الاحباط فقط ، هذا ليس لأن الانتخابات ستزور كما يروجون ، و ليس لأن الشعب يحب جلالته ، لكن فقط لأن الشعب صار يكره تلك الوجوه القديمة جدا و يتشاءم منها كثيرا ، لأن مواقفها كانت دوما متذبذبة ، و غير عقلانية على خلاف موقفها من الانتخابات الآن .
الكل يقول أن الآخر مفسد ، و أنه هو سبب فساد وطننا الفاسد جدا ، لكن الحقيقة أن قضية الفساد مجرد فاحشة وهمية لم يقترفها أحد يوما ، لأن الفساد يقتضي بالضرورة أن يكون جاء بعد صلاح ، و نحن منذ نشأتنا هكذا ، لم نعرف الفساد يوما ، و لم نعرف الاصلاح يوما ، نحن لم نعرف بعد أي شيء لأننا مازلنا في سن عدم التمييز .
نحن ولدنا حديثا ، ليس من المعقول أن يكون لنا ذنوب ، و مازلنا صغارا جدا ، إلا إذا كنا ورثنا ذنوبا مثل : موقع العاصمة ، إعلان الاستقلال بالفرنسية ، عدم فهم الفلاركس للمسؤولية الحقيقة المناطة بهم .
جلالته يريد أن يجمل حكمه للوطن مرة أخرى ، بإجراء إنتخابات و الفوضويون يريدون أن يظهروا للعالم زيف ديمقراطية جلالته ، لكن هل تعلمون ماذا يريد الشعب ، البسطاء من الشعب ؟
الشعب يريد القليل من الخبز ، القليل من الدواء ، القليل من الهدوء و السلام .
أشعر برفاهية نفسية أخاذة ، و أنا أمارس حقي في الكتابة و حريتي في التعبير ، إن الحرية في وطني هي أتفه شيء لأن لا أحد يحتكرها لذا يمارسها مثلي من البسطاء ، أشعر مثلا بالسعادة حين أقول أن المعارضة الموريتانية مجرد أسد ورقي ، و حين أقول أن الوطن لا يحب بالجهل ، و لا يبنى بالجهل ، و حين أقول أن الانتخابات في موريتانيا مجرد مسرحية مكلفة ، و حين أقول أن جلالته لن ينام كثيرا في مأموريته القادمة بسبب ضوضاء المعارضة القائلة ببطلان الانتخابات .
دعوني أمر ....
جلالته ، لست معارضا لك ، لأني إن عارضتك واليتهم ، و لست مواليا لك لأني إن واليتك شاركت في كذبة الديمقراطية و الحكم الرشيد في دولة لا توجد فيها طبقة و سطى ، و لا يملك شعبها أهلية التمييز .
أنا مع الشعب ، و أحب الشعب ، و حبي له ليس الحب الموسمي الذي يغدقه فيه الساسة زمن الانتخابات ، أنا أحب الشعب دائما ، جدا و كثيرا .