قصة انحطاط مستمر / أحمد جدو

مبادرات داعمة مبتذلة،استعداء مستفز للصحابة والجان، تبار مقزز  في النفاق والتملق،خطاب قادم من عصور الجاهلية،تبرير ساذج للانبطاح وبيع الضمير،عودة قوية للطرح الجهوي والخطاب القبلي التعيس،

هذه هي الأجواء التي نعيش الاَن قبل انتخابات الجنرال المرتقبة في ٢١ يونيو.
أجواء تبعث على الضجر والاشمئزاز،لكنها ليست بالمفاجئة و لا المستغربة،فنحن نعيش لحظة فرز النوايا و اتضاح المناضل من أجل الوطن والمواطن و اللاهث وراء المنافع الشخصية... نعيش لحظة تجديد الولاء للظلم ودعم الطرح الرجعي المتخلف.هذه الحالة تشهدها بلدنا عند كل مفترق طرق.
حيث تخرج القيادات القبلية التقليدية والسياسية الموالية من جحورها المظلمة،لتجديد بيعتها للنظام الذي يمكنها من تقويض فرص حدوث دولة المواطنة والمساواة ويسمح لها بالاستمرار في جرائمها بحق ضعفاء الوطن و يحافظ لها على امتيازاتها الضارة بالدولة.
وتقوم بعض النخب التي كانت تظهر نوعاً من المعارضة بالقفز المشين إلى مركب النظام،محاولة استغلال رصيدها في المعارضة كي تظفر ببعض فتات النظام وماله الحرام.
والنظام بدوره يتلقف الأمر ويروج لفكرة الانتصار،ويحاول أن يتخذه كبرهان على قوته وصدق مسعاه ،ومن أجل إحباط بقية المناضلين الصادقيين و تشويه الحركة النضالية و ربطها بالارتزاق وتجارة المبادئ .ويستغل القافزين من مركب المعارضة وحملات الدعم التقليدية في حملته ومرحلته الجديدة.فيقوم باستخدام الفريق الأول كواق ذكري في عملية اغتصابه الجديدة للوطن يتم رميه بسرعة بعد أن ينتهى دوره المحدد له.و يواصل حلفه الشيطاني مع الفريق الثاني.
ذلك التحالف الذي ينتهى حين يضعف الحاكم،فالفريق الثاني متعود على التنكر للحاكم عند ضعفه ودعم من يتغلب بكل سماجة و برود،فقد حدث الأمر مع المختار ولد داداه أول رئيس لموريتاني،حيث  سرد الرجل في كتابه موريتانيا على درب التحديات بعض ملامح الانتهازية و النفاق التي عقبت الانقلاب عليه،و تحدث عن تلون وانتهازية من كانوا يظهرون له الولاء،حيث قال:
"لقد بدأت إذاعة نواكشوط "تغتاب"النظام المخلوع وتتهمه "بكل خطايا بني إسرائيل ".وبكل بساطة،تحولت تلك الإذاعة إلى بوق دعاية يمجد الانقلابيين ويخيل إلى السامع أن البلاد ستعيش في ظلهم عهدا فردوسيا.وعند سماعي قائمة من ساندوا الانقلابيين،حقا كانت أم باطلة،لم أتمالك عن الضحك،لأن هؤلاء كانوا بالأمس القريب يتبارون بحماس نضالي داخل حزب الشعب الموريتاني".
لم يكن مصير عصابة العسكر التي انقلبت على المختار ولد داداه أفضل مع الفارق الشاسع بين رجل الدولة و العصابة، فقد تم لعن ولد هيدالة من قبل من نافق له و لعق حذائه وقام بتمجيد معاوية ولد سيد أحمد ولد الطايع،وتكرر نفس المشهد مع الأخير حين سقط.
ومن القصص المضحكة أن أحد المتملقين المنافقين للرئيس سيدي ولد الشيخ عبد الله ظهر في اطلالتين إعلاميتين  في نفس الفترة،واحدة يشتم فيها الرئيس سيدي و يمجد الانقلابي عزيز والاَخرى يمجد فيها سيدي،والسبب بسيط و هو تأخر في بث حلقة التمجيد وحدوث الانقلاب قبل بثها.
انها رحلة سيزيفية نعيشها مند تأسيس دولتنا،رحلة سقوط وانحطاط مستمر تمنعنا من قطع أي خطوة في طريق النماء،لكن يبقى السؤال الوجودي المطروح متى تستفيق النخب وتشفى من حالة الحربائية المرضية المقززة و يتعظ الحكام من قصص من سبقوهم؟

27. مايو 2014 - 13:04

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا