في سنة 2009 اعتقدت المعارضة الموريتانية أنها قاب قوسين أو أدنى من الوصول إلى السلطة ، نجحت يومها فعلا في إقناع طيف مهم من المجتمع الدولي – خلافا للواقع – بأن غيرتها على الديمقراطية ورفضها للانقلابات العسكرية
هو ما يبرر تحركها الهادف إلى تجويع الشعب ومحاصرته كانت في الحقيقة تستقوي بالمجتمع الدولي على أحد أطراف اللعبة السياسية في البلد حتى تنتزع منه السلطة بالحيلة والدهاء بعد أن أعيتها الوسائل الأخرى كصناديق الاقتراع والانقلابات ( فقد كان الإخوان المسلمون أبرز الداعمين لانقلاب صالح ولد حننه الفاشل سنة 2003 كما تبين بعد ذلك ،
وذكرت مصادر مطلعة أن أحمد ولد داداه حاول عدة مرات إغراء الجنرال محمد ولد عبد العزيز بالانقلاب على الرئيس المنتخب آن ذاك سيد ولد الشيخ عبد الله دون جدوى ) كانت المعارضة سنة 2009 ( الجبهة والتكتل ) تمني نفسها بالتربع القريب على عرش السلطة في البلاد ، وجاء اتفاق داكار كله في مصلحتها فالاستيلاء على الوزارات السيادية الداخلية والمالية والإعلام والدفاع إضافة إلى تأجيل الانتخابات عن موعدها في 06/06 جعلهم يظنون أن الطريق إلى منصب رئاسة الجمهورية بات هو الآخر سالكا وقصيرا ، كانت الانتخابات السابقة في 2007 هي المرجع الذي يقيسون عليه حيث لم
يحسم أي شيء قبل الشوط الثاني مما يعني فتح الباب أمام تحالفات واسعة بين المتعطشين إلى توزيع الكعكة . لكن فوز الرئيس محمد ولد عبد العزيز يومها في الشوط الأول خلط كل الأوراق وأفسد كافة الحسابات وخيب جميع التوقعات ، جاءت صدمة الزعماء المعارضين أعظم من قدرتهم على الاحتواء فإذا بهم يفقدون صوابهم ويبحثون عن تبريرات لفشلهم لدى مصانع الورق الأوروبية ، مثلت تلك التبريرات المضحكة والمثيرة للسخرية والشفقة معا استفزازا جديدا لجمهور بلغ الاستخفاف بوعيه درجة المراهنة على سوقه كالقطعان إلى حيث يشاءون . كان هذا هو حال المعارضة البائس سنة 2009
مع منافس جديد على المشهد السياسي محاصر من الخارج يحكم بلدا منقوص السيادة بفعل التدخلات الخارجية الغاضبة من إغلاق سفارة إسرائيل والطرد المهين لطاقمها ، تقاطعت تلك التدخلات مع رغبات أطراف داخلية طامحة دوما للوصول إلى السلطة بأي ثمن أما حال المعارضة اليوم فلا شك أنه أدهى وأمر ، كيف لا والرئيس الذي يعارضونه عمل بلا كلل لخمس سنوات على إطلاق مشاريع واتخاذ مبادرات وتحقيق إنجازات لا ينكر جدوائيتها على حياة المواطن البسيط إلا مكابر جحود كيف لا وقد انتقل البلد في الساحة الدولية من وضع المفعول فيه إلى وضع الفاعل المؤثر في دول الجوار
والإقليم والعالم أجمع .. أما الغيرة على الديمقراطية الشعار الذي امتطي كثيرا في تخريب بلدان وتهجير شعوب وانقضاض الدهماء بوحشية على السلطة فلا يستطيع المعارضون مهما فعلوا التباكي على أن أي عهد من العهود السابقة في تاريخ هذا البلد كان أحسن فيه من العهد الحالي سواء تعلق الأمر بشفافية الانتخابات أو حرية التعبير أو تعدد الأحزاب وهيئات المجتمع المدني . لقد شارك هؤلاء العارضون أنفسهم في انتخابات أقل شفافية بكثير من تلك التي يقاطعونها الآن بحجة انعدام الشفافية ، ورضخوا في السابق لنظام يحصي عليهم كلامهم ويحاسبهم على آرائهم ويتابع
كالظل حركاتهم تكيفوا معه وقبلوا بحكمه ولم يطعنوا في شيء من شرعيته لكنهم يعلمون علم اليقين أن مشاركتهم اليوم في الانتخابات تنزع عنهم الثياب التي تستر تراجع شعبيتهم وخشبية خطاباتهم التي لم تعد قادرة على التحريك كما شهد بذلك أحد قادتهم مؤخرا إضافة إلى هرم قياداتهم التي أصبحت في واد في حين تعيش الغالبية العظمى من مواطني البلد وهم شباب دون الثلاثين في واد آخر مختلف كليا . لقد سوق قادة معارضتنا الأبطال لمقاطعة تستبطن بامتياز كل معاني المخادعة !!