تسابق سلطات منطقة نواذيبو الحرة الزمن في فرض ما تصفه بالنظام في العاصمة الاقتصادية تمهيدا لجلب المستثمرين وبدعم من بلدية المدينة ذات الخبرة الواسعة في محاولات فرض النظام ومن ورائهما سلطة التنظيم .
يتبع هذا الثلاثي إجراءات صارمة ويخوض منذ أسابيع ما يمكن تسميته بحرب تحرير الساحات العمومية والقضاء على المظاهر التي تتنافى والسلوك المدني ومن حيث المبدأ نرحب بهذه الاجراءات ونرى أنها ضرورية في التحسين من صورة العاصمة الاقتصادية .
ولكن مكمن انتقادنا للإجراءات هو استهدافها للشرائح الهشة من الباعة المتجولين على قارعة الطريق وأصحاب المواشي الذين لا حول لهم ولا قوة غير عرض بضاعتهم على الشوارع لعل سائما أو مشتريا يفوز بها في ظل الارتفاع الصاروخي للإيجار .
ومن ما يزيد الطين بله ،هو أن ثلاثي المنطقة الحرة والبلدية وسلطة التنظيم لم يأخذوا بعين الاعتبار الآثار السلبية للإجراءات وبالتالي العمل على التخفيف من تبعاتها على الطبقات الضعيفة من المجتمع .
ويأتي استهداف هذا الثلاثي للأصناف التي ذكرنا في صمت مطبق كصمت القبور عن ملاك مصانع تحويل دقيق السمك "موكا" الذي أجمع الكل على أضرار الأدخنة المنبعثة من مصانعها على الصحة والبيئية .
ويرى كثيرون أن استثناءها من الاجراءات التي اتخذتها المنطقة الحرة والبلدية وسلطة التنظيم يعكس عدم الجدية في هكذا إجراءات وخصوصا أن تأثير "موكا" تم التحدث عنه تحت قبة البرلمان الموريتاني وعن طريق نائبي المدينة في وقت سابق ومتكرر .
وقد تفاقم تأثير مصانع "موكا" بعد ما كشف ناشط بيئي منذ أقل من أسبوعين عن عشرات الأطنان من أسماك "السردينة " الصغيرة التي نفقت على شاطئ "البونتية" معقل مصانع دقيق السمك المعروفة محليا ب"موكا" حيث تنتشر فيها عشرات المصانع .
فهل القائمون على إجراءات تنظيم المدينة يدركون خطورة هذه المصانع على صحة وبيئة العاصمة الاقتصادية إنسانها وبحرها وجوها ؟ أم أن كون المصانع تعود ملكيتها لرجال أعمال تجعلهم يغضون الطرف عنها لتنام بسلام ، في الوقت الذي يخوض القائمون على تنظيم المدينة حربا لا هوادة فيها ضد الضعاف والمهمشين في حين يخرج ملاك مصانع "موكا" من الحرب الرابح الأكبر ؟