اتسمت الفترة الماضية بالكثير من الأنشطة السياسية و التي كان أبرزها حضورا المبادرات الداعمة لترشح ولد عبد العزيز لمأمورية ثانية ، ولأن الكثرة تعكس التنوع فقد شاهدنا جميع الأشكال الممكنة في الاختلاف ، إلا أنها تميزت بصفة مسيطرة ، فالمبادرات في مجملها كانت بيضاء اللون .
شاهدنا في الأيام الماضية مبادرات تمثل الأفراد والقبائل والجهات والمهن وحتى الأموات أيضا ، جميعها أتت بلون واحد فقط ، فالبياض هو الصفة السائدة لهذه المبادرات ، مما دفعنا إلى طرح سؤال واضح وهو : إذا كانت فئة اجتماعية معينة قد حددت قرارها السياسي سلفا ، ماذا تنتظر الفئات الأخرى لتحديد موقفها و إعلانه ؟؟.
اختيار ولد عبد العزيز لمدير حملته جاء بعناية فائقة ووفقا لإيديولوجيا معينة أملتها الظروف الراهنة ، فالحملة الدعائية موجهة لفئات اجتماعية معينة لا زالت بعد لم تحدد قرارها السياسي ، و مجال المنافسة الضيق أقصى فئة على حساب أخرى ، فالصفة المتنحية ليست كالصفة السائدة .
إذن رئاسيات موريتانيا أتت بلونين مختلفين ، لون للمبادرات ولون آخر للحملة الدعائية ، هذا بالطبع بالنسبة لولد عبد العزيز المتأكد من فوزه في الشوط الأول بنسبة تفوق السبعين بالمائة ، أما المتنافسون الآخرون فرؤيتهم للألوان قد تكون مختلفة .
المتنافسون الآخرون يشتركون في لون واحد باعتباره العامل المشترك الأكبر ، في المقابل لا ينتمي المنافس القوي لهذه المجموعة لكنه ينافس بقوة لاكتسابها قدر الإمكان ، وذلك يظهر جليا للعيان فقد اتخذ خطوات واضحة ابتداء من تعيين مدير حملته و انتقالا إلى مكان انطلاق حملته .
اللون الأسود لم يكن ذا قيمة مسبقا ، إلا أنه وفي هذه الظرفية بالذات اكتسب أهمية لدى جميع السياسيين ، و سيتم استغلاله دائما للوصول للسلطة بنتيجة قوية ، و من ذلك سنشاهد حملة دعائية سوداء وقوية في بعض الجهات .
أنا لا أتحدث عن أمور مدبرة مسبقا ، إنها فقط سياسة فرق تسد ، فهذا اللون الذي يمثل الهشاشة في البنية الاجتماعية و الضعف المادي سيعيش أكثر من ذلك بكثير بعد الحملة الدعائية القادمة ، لأنه مطلوب لمهمة صعبة وشاقة ومرهقة !! .