المقامة المبادرة / د. محمد يحي ولد الشاه

حدثنا حماد بن شيبان، قال خرجت يا سادتي من أرض البيظان عام انتخاب البرلمان و يممت أرض السنغان فمكثت فيها ردحا من الزمان أتحسر فيه علي ما آلت إليه أحوال
بلاد شنقيط رغم البحر المحيط والوافر و البسيط من نقص الطرق

 و التبليط بعد أن هجرت الكفاف والوسيط وأصبح أهلها خلط خليط  ،لاهم بمستورين ولاهم بمغدورين،
عزين، لم يستعدوا لعاديات الدهر ولا لمتطلبات العصر، ينامون عن الشفع و الوتر و
يمدحون معاوية الخير.

فبقيت يا سادتي علي هذه الحال أدعو من أجل انجلاء الكرب و الإ ستقامة على الدرب، حتي أذن في الناس مؤذن التغيير و أعلن في الناس النفير و بدأ عصر النهضة والتحرير فبادرت مع رهط من الأعراب إلي إنشاء حزب عتيد أسميناه حزب المتحولين الديمقراطيين من أجل التنمية .فلسفته وسطية لا شرقية و لا غربية ، يؤمن بالدولة و يطالب بتنظيم الطريق و العمل بروح الفريق للحد بين العدو الصديق.

قال فمكثنا خمس سنين حتى ظهرت بشائر التغيير البناء والتعمير والنماء، فبادرت
نخبتنا اللا معة إلي الإنضمام للأغلبية الداعمة، لما في ذلك من جلب المصالح و فتح
المرابح وانخرطنا في السياسة و العمل بالكياسة.. و كيف لا والبلد يحتاج كل الجهود من أجل كسر الجمود و تأمين الحدود.

قال بن شيبان، فتكالب علينا الدهماء والعدو الخسيس حني انشق حزبنا وانشطر كالسندويش وصار خبرا بعد عين و ضربا من مين، فقررت يا سادتي إنشاء منظمة غير حكومية تكون لي حصنا منيعا و لأسرتي فتحا سريعا.

فتحولت يا ساداتي خلال أسبوعين من مواطن تعيس إلي  مصاف رئيس يوقع الرسائل و يسير الوسائل، حاضر في كل قطاع و مناد في كل مذياع، متخصص في حقوق
الإنسان، داعما لأدب حسان، مدافعا عن البئة والحيوان..

قال فما زلت علي هذه الحال حتي أظلنا زمان اﻹنتخاب و فتحت الأبواب و نودي أي
حي علي المبادرات و الدعم و الإنتصارات، فقمت يا سادتي و ناديت علي قبيلتي من
أجل التحسيس و دوام التسييس من أجل نصرة الرئيس و شمرت عن سواعد الهمة و
أعلنت التحام القاعدة و القمة  و كيف لا و أنا من الفاعلين المعروفين و الداعمين
المخلصين..

غير أن اﻷمور سارت بما لم يكن في الحسبان فقد جاءت اﻷوامر بالكف عن المبادرات القبلية لما فيها من إلغاء مفهوم الدولة و النفاق و تبديد اﻷرزاق فابتعد عني الناس
و اتهموني بالخيانة و الفساد و وهددتني السلطات بالويل و الثبور و عظائم اﻷمور، قال فأصابني يا سادتي اﻹحباط و اليأس والإنحطاط و البؤس و كيف لا و قد ظهر للناس فساد تجارتي و خطورة مبادرتي و أصبحت كاﻷجرب لا يقربني قريب ولا يزورني صديق..  قال و بقيت علي هذه الحال سنين حتى أصابني الهرم و وهن مني العظم و
أصبح حالي كما ترون لعل في خبري عظة و تفكر لأهل هذا الجيل.

ثم بكي بكاءا شديدا فقلنا له ما يبكيك يا عبد الله، فقال وصوته كالمكلوم، شوقا إلي أيام
حملة الكتاب ثم أنشد قول الشاعر "ليس من مات فاستراح بميت     إنما الميت ميت اﻷحياء.. 

8. يونيو 2014 - 11:38

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا