من المؤكد بأن مقاطعة الانتخابات، أي انتخابات، تحتاج إلى جهد نضالي كبير
حتى تكون تلك المقاطعة فعالة، فالمقاطعة تعد من أصعب أشكال النضال
السياسي السلمي، وذلك لأنها تأتي دائما في المواسم الانتخابية حيث يشتغل
الناس عادة بالانتخابات، وبالحملات الدعائية، وبالتنافس بين المترشحين.
ويبقى التحدي الأكبر للمقاطعين هو العمل على إعطاء زخم إعلامي للمقاطعة،
فالإعلام في المواسم الانتخابية، وبكل وسائطه، ينشغل بتغطية الحملات
الانتخابية بتفاصيلها وبأخبارها اليومية، ومن النادر جدا أن يهتم بأي
أمور أخرى.
ومن هنا تأتي أهمية استغلال كل الفرص المتاحة لتذكير الناس بالمقاطعة،
ومن هنا أيضا تأتي ضرورة إصدار بيان عاجل من طرف المنتدى الوطني
للديمقراطية والوحدة، ومن المهم جدا أن يشير البيان المنتظر أو المفترض
إلى الأمور التالية:
1 ـ أن المتنافسين الخمسة في انتخابات 21 يونيو قد ركزوا في خطاباتهم
الدعائية على التهجم على المعارضة وعلى المقاطعين مما يعني بأن المقاطعة
كانت هي الأكثر حضورا في بداية الحملة الانتخابية لرئاسيات 21 يونيو.
فمن الملاحظ أن الرئيس المنتهية ولايته لم ينتقد ـ ولو بشطر كلمة ـ أيا
من منافسيه الأربعة، وإنما خصص كل خطاباته لانتقاد المنتدى وللتهجم على
قادته بعبارات غير لائقة وغير مسؤولة، وهو ما يعني بأن الرئيس المترشح لا
يولي أي اهتمام بمنافسيه الأربعة ، وهو ما يعكس من جهة أخرى مستوى الصدمة
الكبيرة التي شعر بها الرئيس بعد المسيرة الغير مسبوقة التي نظمها
المنتدى في الرابع من يونيو، والتي أكدت بأن المقاطعة تمثل خيار الكثير
من الموريتانيين.
ويمكن القول بأن الرئيس المترشح لمأمورية ثانية قد لعب دورا كبيرا في
اليومين السابقين، في نزع المصداقية عن انتخابات 21 يونيو، وذلك بتجاهله
المطلق لمنافسيه الأربعة، وبانشغاله بالتهجم على المنتدى وعلى قادته
بعبارات لا يليق بعامة الناس أن يتلفظوا بها، فكيف إذا تعلق الأمر بمن
يرأس البلاد.
2 ـ على المنتدى في بيانه المنتظر أن يعبر عن أسفه العميق لهذا المستوى
الهابط الذي وصل إليه المتنافسون في انتخابات 21 يونيو، سواء تعلق الأمر
بالكلمات السوقية التي يستخدمها الرئيس لوصف المقاطعين، أو تلك العبارات
الأخرى ذات الطابع العنصري التي يستخدمها البعض الآخر.
3 ـ على المنتدى أن يلتزم للشعب الموريتاني بأنه لن ينزل إلى هذا المستوى
الهابط، وبأنه لن يستخدم أي عبارة غير لائقة عند الحديث عن خصومه
السياسيين، وبأنه سيحافظ على خطاب قوي ومؤثر، ولكن دون اللجوء إلى تلك
الألفاظ المشينة التي يستخدمها الرئيس المترشح لمأمورية ثانية في خطاباته
الدعائية.
ومن المؤكد بأن الابتعاد عن لغة السب والتجريح، حتى ولو استخدمها الخصم،
ستزيد من شعبية المنتدى، وذلك لأن الكثير من الموريتانيين لا يرتاح
إطلاقا لاستخدام مثل تلك العبارات الهابطة من طرف السياسيين، حتى وإن
كانت للرد على عبارات هابطة مماثلة كان الخصم السياسي قد استخدمها.
حفظ الله موريتانيا..