لا يخفي علي المتتبع لمسار الحملة الانتخابية الرئاسية وما سبقها من شد وجذب بين النظام و المعارضة , انتهي بمقاطعة الأخيرة الاستحقاقات 21 من يونيو , أن المسار الديمقراطي في موريتانيا يأخذ منحا آخر يتسم هذه المرة ليس بالأحادية فحسب ,
وإنما أيضا بإنهاك لٌحمة المجتمع المنهك أصلا بملفات مخلفات الاسترقاق والإرث الإنساني.
فقد شهدت الحملة الرئاسية خطابات للمتنافسين تفوح منها رائحة "فئوية" , باتت تزكم أنوف من دفعهم الجشع إلي الالتفاف حول هذا المرشح أو ذاك.
فعندما يؤكد مرشح لمنصب الرئاسة في خطابه وأمام جماهيره, أنه جاء ليحارب دولة "البيظان", ويخصص آخر جزءا من خطابه للهجوم علي فئة معينة, فإن مشروع الوحدة الوطنية ذهب ادراج الرياح وذهبت معه أحلام الموريتانيين ببناء دولة القانون عندما يداس علي الدستور - والذي ينص علي تجريم الخطاب الفئوي - علي مرئي ومسمع من الجميع.
في غضون ذالك يسابق الرئيس المرشح للرئاسة محمد ولد عبد العزيز الزمن للترتيب أوراق مأموريته الثانية في حملة تشير كل المؤشرات إلي حسمها لصالحه في الشوط الأول.
أما الهيئات القانونية التي تأخذ علي عاتقها حماية الدستور فهي في سبات مفتعل من أجل انجاح المسرحية الانتخابية.
مسرحية تظهر خشبتها "الفوتوشوبية" وسيناريو انجازاتها الشكلية أنها مسرحية سيئة الإخراج.
فقد اعتاد المشرفون علي حملة ولد عبد العزيز الابتعاد عن الواقع وللجوء إلي البرامج الإلكترونية ك"فوتو شوب" لخلق واقع لا يوجد في الواقع , وهو أمر مؤسف للغاية أن يعود المرشح (الرئيس) في صور بخلفيات أبراج وشوارع ظهر بها في حملته الأولى وعجز عن تحقيق ولو جزء منها خلال مأموريته الممتدة خمس سنوات.
وليست الشعارات وحدها من اتسمت بمغالطة الشعب الموريتاني فمثلها كان الخطاب الانتخابي للمرشح (الرئيس), فإذا كانت بقية المرشحين صنفت الناخب علي اساس عرقي وفئوي فإن ولد عبد العزيز صنف الناخبون سياسيا واصفا مقاطعوا الإنتخابات بالمجرمين , وهي أوصاف تسيء إليه أكثر مما تسيء للمعارضة – المستاءة أصلا- وتحشره في الزاوية بترك هؤلاء المجرمين مع أنه جاء لمحاربة الفساد.
خطابات وشعرات ووعود و انجازات , حصيلة أربعة أيام من الحملة الانتخابية الرئاسية في بلد يحتاج مواطنوه أكثر ما يحتاجون إلي الوحدة الوطنية والسلم الإجتماعي والعيش الكريم , وهي أمور لا يبدوا أنها تلوح في أفق أي من المرشحين الخمسة.