أنشدت وأنا أشاهد بعض المساكين في بلاد المسلمين ينالون من عدل الإسلام وصلاحية الشريعة قول شاعر الإسلام محمد إقبال :
قد كان هذا الكون قبل قدومنا @ شؤما لظالمه وللمظلوم
لما أطل محمد زكت الربا @ واهتز في البستان كل هشيم
لقد كان إقبال رغم أنه عاش في الهند في بلد يعبد البقر ولايتكلم العربية أكثر معرفة بحقيقة الرسول العظيم وأكثر إنصافا لرسالته من كثيرين عاشوا في البلاد العربية دون أن يتذوقوا ثقافة الإسلام ويحسوا بعظمة هذا الدين الذي كرم البشرية وحررها من الخرافات ودعا إلى العدل والرحمة وصيانة حقوق الإنسان.
ولم يكن بودي أن أرد على الشبهات المغرضة التي يروج لها أعداء الإسلام وضحايا الغزوا الثقافي الأجنبي لاكن علوا صوت القوم وشيوع أفكارهم الدنيئة جعل الرد عليها واجبا ليس دفاعا عن الإسلام فهو لايحتاج إلى دفاع من أحد وإنما توضيحا لمسلمات الفطرة وحقائق التاريخ وإبرازا لعظمة الشريعة ومقاصد الإسلام حتى لايظن المسلمون أن دينهم يحتوي على مايتصادم مع الفطرة ويتعارض مع حقوق الإنسان وحتى يؤمن من آمن عن بينة ويكفر من كفر عن بينة .
في تدوينة لها على الفيسبوك حاولت إحدى المفتونات بالفكر الأجنبي أن تنال من عدل الإسلام وتشوه موقفه من المرأة معتمدة على الحكم الشرعي في عدة المرأة المتوفى عنها زوجها .
واعتبرت المسكينة أن سماح الإسلام للرجل بالزواج بمجرد أن تموت زوجته ومنعه للمرأة من الزواج بعد وفاة زوجها مدة طويلة من الزمن تصل إلى أربعة أشهر وعشرا يعد إهانة للمرأة وعنصرية من الإسلام تجاه البنت تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا.
ولعل مشكلة الكاتبة التي باتت مواقفها وآراءها تحظى بشهرة دون أن تجد من يرد عليها بالبرهان والعقل بدل العنف والشتم أنها لاتريد أن تعرف موقف الإسلام من المرأة الذي بينه بكل وضوح في آيات محكمات بينة وتشريعات واضحة جلية وأنها تقدم الأحكام الجزئية على النصوص القطعية التي لم تدع مجالا لمن يريد أن يسيء الظن بالإسلام في هذا المجال.
وحسبكم آيات الله التي تخاطب الناس خطابا واحدا لاتفريق فيه على أساس الجنس أو اللون ولاتمييز فيه بين ذكر وأنثى ولا بين أبيض وأسود
بل التمييز فيه على أساس العمل والسلوك والكسب والعطاء .
إنه الخطاب الذي جمع بين المسلمين والمسلمين والقانتين والقانتات والصادقين والصادقات والصابرين والصابرات .
إنه الدين الذي يفتح المجال لكل من آمن به من الرجال والنساء ليتسابقوا في فعل الصالحات وعمل الخيرات (ومن يعمل من الصالحات من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فأولئك يدخلون الجنة ولا يظلمون نقيرا )
( فاستجاب لهم ربهم أني لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى)
أفبعد هذا الخطاب الواضح البين يستطيع عاقل أن يتهم الإسلام بإقصاء المرأة أم أن القوم لم يقرؤوا عن الوضعية المزرية التي كانت المرأة تعاني منها قبل مجيء الإسلام أم أنهم لم يقرؤوا عن حال المرأة في المجتمعات الرومانية والفارسية وليست وضعية المرأة حاليا في ظل الحضارة الأوربية الحديثة بأحسن من مكانتها في ظل الحضارات القديمة فقد تحولت المرأة من إنسان مقهور إلى حيوان للمتعة والشهوة وأصبحت مجرد متاع لاقيمة له!!!
وهل يستطيع القوم أن يقارنوا بين هذه النماذج السيئة التي احتقرت المرأة وحطت من ماكنتها قديما وحديثا وبين مكانة المرأة في الإسلام !!!!
لا وربي فلم يعرف التاريخ والواقع مكانة حظيت بها المرأة كتلك المكانة العظيمة التي حظيت بها في حضن الإسلام وفي عهد الرسول عليه الصلاة والسلام .
إن الشريعة الإسلامية كرمت المرأة أما فأوجبت برورها وكرمت المرأة بنتا فحرمت وأدها وأعطتها حقوقها المسلوبة وكرمت المرأة زوجة فدعت إلى الإحسان إليها ومعاشرتها بالمعروف .
والمرأة في الإسلام ليست إنسانا مقهورا مظلوما كما أنها ليست حيوانا مباحا للجميع بل هي إنسان مكرم ومستخلف في هذه الأرض لكي يؤدي رسالة ويخدم فكرة ويحقق هدفا .
وهي مربية الأجيال وصانعة الرجال وهي من شغلت في عصر النبوة وظائف شتى في الجهاد والتربية والتثقيف والدعوة .
فكان النساء في عصر النبوة مجاهدات ومربيات ومعلمات ومارسن أعظم الوظائف فأثبتن قدرتهن على التعليم وتميزهن في العمل والتضحية .
فكانت منهن أم المؤمنين عائشة وسمية أول شهيدة في الإسلام وكانت من هن أم سلمة وزينب وحفصة والخنساء.
لاكن كاتبتكم المسكينة همها الوحيد هو انتقاد الإسلام والتشكيك في عدله وليس هدفها الدفاع عن المرأة ولاالحفاظ على حقوقها وإلا لقدمت لنا على الأقل تراثا يستحق أن يدون في مجال حقوق المرأة غير تراث الإسلام وتاريخ المسلمين الحافل بالعدل والعظمة والمساواة واحترام المرأة .
وهي تسير في طريق سار فيها كثيرون من ضحايا الغزوا الأجنبي وهو طريق النيل من الإسلام والتشكيك في عدله ورحمته ولاأظنها تحقق أفضل مما حققه أولائك المفكرون العباقرة الذين باءت محاولاتهم بالفشل وحملاتهم بالخيبة فانتصر الإسلام وهزموا ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين.
وبما أن الشبهة التي استندت إليها المعطوف عليها هي شبهة واحدة تتمثل في حكم جزئي فلن يكون من العسير إبطال منطقها الغريب الذي يبدو في ظاهره دفاعا عن المرأة وهو في جوهره جهل بالمصلحة الحقيقية لها .
وقد لعبت المسكينة على وتر السعادة والتسلي عن الزوج التي ترى أن الإسلام يمنحه للرجل ويمنعه المرأة ونسيت أن هناك قضية أخطر تتعلق بحفظ الأنساب هي قضية الرحم !!!
فلو سمح الإسلام للمرأة أن تتزوج بمجرد وفاة زوجها فهل يؤمن براءة رحمها وخلوها من الحمل ؟؟؟
أم أن المسكينة تريد أن تتزوج المرأة بمجرد وفاة الزوج دون أن يتأكد من براءة رحمها فتختلط الأنساب ويلتبس الحمل ويكون عرض المرأة بذالك في خطر بسبب وساوس الرجل الجديد !!!
إن الحقيقة أن علم الله الذي خلق المرأة وعلم أسرارها وأحاط بظاهرها وباطنها لايمكن أن يقارن بعلم المسكينة التي تظن أنها تستطيع أن تضع تشريعا للمرأة تظن أنه يصلح لها وهو سبب في اختلاط الأنساب وضياع الأعراض فسبحان من هو أعلم بما يصلح لعباده.
وعلى أي حال بما أن مايهم الكاتبة والمدونة المشهورة هو السعادة فإنني أتحداها أن تأتيني بامرأة واحدة في بلاد الإسلام قامت بالإنتحار لآتيها بمئات القصص الإنتحارية التي دونتها المرأة في بلاد الغرب .
فإذا كانت المرأة المسلمة حتى في أبشع صورها وعصر تخلفها أحسن وضعية وأكثر سعادة من المرأة الأوربية فأيهما إذا أكثر إسعادا للمرأة : الإسلام أم الحضارة الغربية وخطها المزعوم في تحرير المرأة !!!!
وسأختم هنا بمقولة لكاتب أوربي يقر فيها بعدل التشريع الإسلامي وعظمته وهو المفكر إدموند بيرك الذي يقول :
(إن القانون المحمدي قانون ضابط للجميع من الملك إلى أقل رعاياه وهذا القانون نُسجَ بأحْكَم نظام حقوقي وشريعة الإسلام هي أعظم تشريع عادل لم يسبق قط للعالم إيجاد مثله ولا يمكن فيما بعد )
وحسبنا هذه المقولة من كاتب لايدعي الإسلام لتكون شاهدة على عدل الشريعة وروعتها .
وإذا كان هذا الكاتب قد لقب الإسلام بالقانون المحمدي فإن الحقيقة أنه قانون الله الخالد وتشريعه الصالح لكل زمان ومكان وذالكم هو سر عظمته ومصدر ثباته وخلوده .