الوحدة أساس الأمن / محمد المختار ولد سيدي محمد

لاشك أنه من المسلمات أن الاتحاد قوة وأي نظام سياسي يريد بناء دولة يلزمه أن سيلك نهجا يستوعب جميع فيئات النسيج الاجتماعي ويقوم على مبدأي العدالة والمساواة، لذا من المفروض – ونحن نمر بهذه المرحلة الحاسمة من تاريخ موريتانيا –

 أن يقف كل واحد منا  مع ذاته  ويمعن النظر في العالم من حوله ليلاحظ كيف كانت عاقبة الدول التي انهارت بنيتها الداخلية بسبب دعوات انفصاليين أو عرقيين أو طائفيين...
موريتانيا قدرها أن حوت مجتمعا متعدد الأصول والأعراق ومتنوع الثقافات وربما يكون هذا مصدر فخر واعتزاز إن نحن شاعت بين مكوناتنا روح التضامن والتماسك والتآخي، لكن مع ذلك من السهل قلب البوصلة إلى الوجه الآخرفي الاتجاه السلبي.
فتوظيف هذا التنوع البيولوجي لدى الكائن البشري على هذه الرقعة من الأرض في إيقاظ ذاكرته الجمعوية على نعرات أمة قد خلت لها ما اكسبت وعليها ما اكتسبت وإحياء الفئوية والشرائحية امر بالغ الخضورة، ويجب الوقوف أماه ليلا يفجر فينا صاحبه، كما تجب الإشادة بكل الجهود التي تبذل في بناء صرح اجتماعي قوي بغض النظر عن رأي ذويه السياسي.
وإذا ما نحن تتبعنا جهود الأنظمة السياسية عبر تريخ موريتانيا من الاستقلال إلى اليوم بقدر كبير من الموضوعية والاتزان لا نكون مخطئين حنيما نخلص بالقول إن دولتنا لم تعرف رئيسا عمل على توحيد شعبها بمختلف أطيافه سوى محمد ولد عبد العزيز الذي قطع خطوات – تذكر فتشكر – على درب ترسيخ مفهوم اللحمة الاجتماعية من خلال تسوية الإرث الإنساني بالاعتماد على العاملين المعنوي والمادي، تجلت تلك الرغبة في طي هذه الصفحة السوداء من تاريخ موريتانيا في صلاة الغائب على ضحايا 89 والتعويض لذويهم والتكفل بإدماج المبعدين العائدين وإنشاء وكالة للتضامن ومحاربة الفقر ومخلفات الرق واستحداث برنامج أمل لتحسين ظروف الشرائح الأكثر هشاشة وحرمانا وولوج مجموعة من أبناء الطبقات الاجتماعية التي عانت من الظلم والتهميش خلال فترات سابقة لقطاعات الدولة عن طريق المسابقات بعد أن أصبحت الكفاءة والتأهيل هما سبيل النجاح فيها بالإضافة إلى نشر وإشاعة القيم الإسلامية كالتسامح والعدالة والمساواة وجعل معيار الأفضلية على أساس الدين والمعرفة.
يبدو أن هذا النهج يقوم على قطيعة مع الماضي الذي مازلنا ندفع فاتورته باهظة الثمن عبر شكات تهديد وحدتنا الوطنية في الصميم المتجسد في ارتفاع أصوات تؤيد التجافي بين مكونات هذا الشعب وترويج رسائل مغرضة لا تخدم أيا من فئاته.
وحسب رأيي المتواضع والمتولد من حبي الوطن والغيرة عليه أرى أنه من اللازم الانتباه إلى خطورة دلالة الخطاب الذي يرسي دعائم العنصرية وندرك أن مصلحة الوطن الأولى والأخيرة هي في استتباب الأمن والاستقرار المتأتيين من التعايش السلمي الذي ينبني على فكرة جوهرية مفادها أن الوحدة أساس الأمن. 

14. يونيو 2014 - 22:22

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا