لماذا ترشح الرئيس ضد الرئيس ؟ / محمود ولد السيد

هل هذه انتخابات أم مجرد استعراضات لإثبات الولاء للرئيس الحالي و القادم لا محالة، بفعل بركات اللجنة " المستغلة " للانتخابات  .
فنحن لم نر بعد أن قاربت الحملة نهايتها سوى صور و خيام أشباح لمناصري محمد ولد عبد العزيز،

 و كأنه في انتخابات مع نفسه و ضد شخصه هو ، فهذه صورة له و هو يلبس فضفاضة و هذه صورة أخرى له و هو يلبس لباس الإحرام في الحج ، و تلك صور أخرى بأشكال و أنواع و أحجام مختلفة مع شعارات و عبارات تختلف حسب اختلاف رؤى الداعمين له .
و كأن الرئيس يتسابق مع نفسه للوصول إلى كرسي الرئاسة ، فهل يا ترى سيصل ولد عبد العزيز المتدين ( المرتدي للباس الحج ) إلى الحكم ؟ أم يصل ولد عبد العزيز صاحب الفضفاضة ؟ أم سيتمكن ولد عبد عزيز آخر  من الوصول إلى كرسي الرئاسة  ؟ و الأمر المسلم به أنه لن يصل إلى الحكم سوى هؤلاء المترشحين شاء من شاء و أبى من أبى.
و كأن الأمر لا يعدو كونه مجرد حملة ولاءات أو نسخة مطورة من الاستفتاء بنعم أو لا على الرئيس كما يجري في أعتى الأنظمة الدكتاتورية .
المضحك في هذه المهزلة الانتخابية أن من يسمون أنفسهم مرشحين للرئاسة " بيرام ولد الداه ولد أعبيد، صار إبراهيما، و منت مولاي ، و بيجل ولد هميد " فشلوا في تمثيل الأدوار  المنوطة بهم  لتشريع هذه المسرحية الانتخابية على أكمل وجه، و أكتفوا في النهاية بمحاولة الخروج بأكثر المكاسب المادية قبل إسدال الستار، و خروج الرئيس منتصرا في الانتخابات " الشفافة ".
و لا أدل على ذلك من أن الرئيس ولد عبد العزيز لا يخوض الحملة مع هؤلاء المترشحين و إنما يخوضها مع المعارضة المقاطعة، لذا اقتصر خطابه طيلة الحملة الانتخابية على الهجوم على المعارضة بالرغم من أنها لا تنافسه في الانتخابات ولم يتعرض بسوء للمفترض فيهم أنهم ينافسونه في الانتخابات .
و هل يمكن لأي شخص أن يشكك في " انتخابات " شارك فيها الرئيس ولد عبد العزيز ضد نفسه مع الممثلين الشكليين : بيجل، بيرام ..... و أشرفت عليها لجنة "مستقلة " للانتخابات .
دون أن ننسى أن هذه " الانتخابات " حطمت الأرقام القياسية في البرودة و الملل، لدرجة أنه نادرا ما تصادف صورة لمرشح آخر غير مرشح النظام في نواكشوط و ربما ذلك عائد إلى خوف المرشحين من ضرائب مجموعة نواكشوط الحضرية .
كما أنه توجد بعض المقاطعات ـ بشهادة القاطنين فيها ـ  لم تشعر حتى الآن  بأن البلاد تعيش هذه الأيام في أجواء حملة انتخابية لإثبات الولاء للنظام .
ثم إن هذه " الانتخابات " سجلت أرقام قياسية جديدة مثل كشف الدولة عن وجهها الحقيقي و إسقاط قناع الحياء الديمقراطي و استغلال الدولة لمواردها و وزرائها و مسؤوليها في دعم مرشح السلطة و تصفية الحسابات الضيقة و الضغط على رجال الأعمال و الساسة ووجهاء القبائل لإنشاء المبادرات الداعمة لمرشح النظام ، و رغم ذلك فشلت في إقناع الأغلبية الصامتة إضافة إلى المعارضة المقاطعة بجدية هذه " الانتخابات "
و ما من شك في أن إعلان نجاح ولد عبد العزيز بنسبة خيالية مجرد مسألة وقت لا أكثر ، و لعل محاضر نتائج الانتخابات و مراسيم حفل تنصيب الرئيس تم الشروع في تحضيرها ، و ربما يكون المرشحون الآخرون قد قاموا سلفا بكتابة تهانئهم بمناسبة فوزه .
و السؤال المطروح هو لماذا يصر ولد عبد العزيز على منافسة نفسه ؟ و ما الذي يريد هو و أنصاره إثباته لنا ؟ فلماذا لا ينهي القائمون على هذه المسرحية الانتخابية بقية فصولها و يعلنون تتويج رئيسهم و يريحوننا و يريحون أنفسهم حتى نستريح من صداع هذه المسرحية.
إن أي انتخابات حقيقية و جادة لا يمكن أن تقع دون مشاركة المعارضة فيها و توفر الظروف الملائمة و الجو الصحي لإجرائها ،  و ضمان حد أدنى من الشفافية و الحياد للمتنافسين فيها ، و إقناع الأغلبية الصامتة من أبناء الشعب بجدية و صدقية الانتخابات ،  و إلا لصارت هباء منثورا ، و حملات شكلية لتجديد الولاء و المبايعة من الساسة لرؤسائهم، و لصارت الانتخابات مجرد مواسم كرنفالية لا تقدم و لا تؤخر .

19. يونيو 2014 - 11:05

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا