ان انتشار ظاهرة التسابق الي الحزب الحاكم والى المرشح الفائزمن طرف نخبنا تستدعى منا بحثا موضوعيا عن الدوافع وراء انتشار هذه الظاهرة وهل اسبابها عائدة الي عوامل جذب داخل الحزب الحاكم ام الى عوامل طرد داخل المعارضة
ام انها مجرد غلط يتكرر من طرف النخبة ولا يمكن تبريره والمتتبع –غير المنحاز-لهذه الظاهرة لن يستطيع تبرير الغلط الكبير الذي تكرره هذه المجموعات امام كل مناسبة انتخابية الا انه كذلك لن يستطيع ان يتجاهل عوامل جذب واضحة لدي الاحزاب الحاكمة مقالب عوامل طاردة لم تستطع المعارضة بعد التخلص منها
1 - عوامل الجذب داخل الحزب الحاكم مما لاشك فيه ان لدى الحزب الحاكم عوامل جذب لعل اهمها وابرزها تلك الاغراءات والامانى التى تعرض علي منهم خارج الحزب من طرف كل له ابسط علاقة بالسلطة وكأن الامر منهاج مفروض علي هؤلاء لايمكن لاي منهم الشذوذ عنه فأنت اذا كنت احد النخب المنتسبة للمعارضة ستفاجا بمد ى الاستعداد اللامشرط لك وستشعر بأن كل مصالحك معطلة ستشعر بذلك بالكلام الصريح من طرف القائمين علي السلطة وستشعر به كذلك عن طريق المحيطين بك من عامة الناس – والذين قد تصلهم الرسائل بأوضح مما تصلك – وهذا الجو يجعل الشخص محاصرا يدافع عن نفسه وسبب اقتناعه بالمشروع المعارض- ذالك المشروع الذي سنتكلم لاحقا عن صعوبة الدفاع عنه- ومن عوامل الجذب كذلك داخل الأغلبية ما يعرف بالتقليد او وضع القدم علي مكان القدم الذي هو سمة من سمات المجتمعات غير المتطورة التى لا تعتمد علي المناهج العلمية في النظر الى الامور اللاحقة وانما تكتفي بتقفية الاثر والسير علي المنهاج وتكرار القول والفعل فالطريق الوعر المسلوك افضل من الطريق السهل المهجور والخطأ الشائع افضل من الصواب المهجور وعلي هذا المبدأ من لايسير في الاغلبية هو شاذ متمرد مع كل ما يصحب هذه الصفات من منفرات لا يرغب أحد بألأتصاف بها هذا طبعا اضافة الي ما يتحقق بالفعل لكل من انضم الي الاغلبية مما لا يحتاج الي تنويه او ذكر لانه واقع مرئي تستوى فيه المطالب الفردية والطائفية والقبلية والجهوية بل وحتى القروية فكم من قرية حوصرت بسبب موقفها المعارض ؟ وكم من اخرى قدمت لها وعود مغرية ؟ وكم من شخص عديم الكفاءة عين في منصب لم ينله الابسبب مواقفه مقابل اصحاب الكفاءات المهمشين ؟
2 –عوامل الطرد من لدن المعارضة وتقا بل هذه العوامل الجاذبة عوامل طرد داخل المعارضة وهذه العوامل ابرزها الخوف من الشذوذ وعدم الاستعداد للتفرد عن الجماعة العائد الى ما ذكرنا سالفا من التقليد والمشي علي طريق الاخرين اضافة الى ما يمكن ان نسميه التقوقع حول الذات او عدم القدرة على الاستيعاب من لدن هذه المعارضة ذالك أن نخب الاحزاب المعارضة اقتنعت بصعوبة الطريق التى اختارت وملت ممن يمرون بها ويجعلونها سلما للوصول الى السلطة وممرا الى الحزب الحاكم فتكونت لديهم قناعة أن الهم همهم وحدهم وأن النخب الاخرى التى قد تلتحق بهم أنما تريد تنفيذ ادوار خبيثة مثل التجسس والمتابعة أو تتحين الفرص للانضمام الى الاغلبية ثم أن هناك عامل طرد اخر يعود الى صعوبة ان لم نقل استحالة التنظير للمستقبل –والذي هو الدور الاساسي للمعارضة - سواء كان ذلك من طرف هذه الاحزاب او من طرف النخب ويعود ذلك في الاساس الي ان المجتمعات التى تعيش اوضاعا اقتصادية وسياسية مضطربة مثل مجتمعنا يشغلها الواقع الملح عن التفكير والتنظير للمستقبل فلا تكاد تخرج من ازمة الا وتدخل في أخرى وعليه فأن الدور الابرز للمعارضة غائب وينحصر دورها في ابراز سوءات النظام وهو احد ادوار المعارضة المهمة الا انه لا يكفي لشغل النخب وينتج عن عدم التنظير للمستقبل ضبابية في المشروع المعارض وبالتالى صعوبة الاقناع به كهدف يستحق التضحية هذا اضافة الى عامل الطرد الاول والاخير وهو استحالة الوصول الي السلطة عن طريق المعارضة
وامام هذا الواقع تجد النخبة نفسها امام جهتين بارزتين جهه تستهويها وتغريها ولديها الوسائل لذالك –وان كانت قد لا ترضى الضمير –وجهة تتحفظ بل وتتخوف منها وليست لديها وسائل اغراء لكنها ترضي الضمائر وتشبع الرغبات الدفينة كحب الوطن والتضحية من اجله فلا تملك هذه النخب الا ان ترتحل ولسان حالها يكرر مع شاعرنا :لعمرك ما ترتاب ميمونة السعدي ""
بأنا تركنا السعي في امرها عمدا
جهة تستهوى وتغري النخب ولديها الوسائل لذلك لكنها قد لاترضى الضمير وجهة تتحفظ بل وتتخوف من النخب –ولها دوافعها لذالك- ثم انها عاجزة ولا تملك حتى الوسائل النظرية للاحتفاظ بالقلة التي قد ترتضيها