بأنكر الأصوات / أحمد جدو ولد محمد الامين ولد الجيلاني

تصبح الأصوات منكرة حين يصار إلى اعتصارها بطريقة مبتسرة مع رفض قطاعات عريضة من الشعب الموريتاني، وتستخدم لذلك مختلف الآليات غير المشروعة وغير المألوفة في الحملات الانتخابية بالديمقراطيات المعروفة.

فحين يقرر النظام بمفرده إجراء انتخابات في المستوى الذي يريده هو (انتخابات على مستوى الرئاسة دون تلك المجمدة منذ سنوات على مستوى مجلس الشيوخ)، بعد أن أعد عدته وأخذ احتياطه للاستمرار في التربع على كرسي الحكم سنوات أخرى قادمة، وتجنب أي سبيل آخر لا يضمن هذا، مهما كان صدقا وعدلا ومطلبا جماهيريا ونخبويا.
وحين سخر النظام وسائل الدولة كلها دون استثناء لاستدرار الأصوات بحيث أضحت المكاتب الحكومية مقار للحملات الانتخابية، والهواتف وفواتير الاتصال تدفع من الميزانية العمومية، والسيارات الحكومية في منتهى النشاط مع ضمان أن لا ينفد الوقود، تعطى كمنح ومساهمات ممن يديرون أو يسيرون المرافق العامة للدولة.
وحين يتبارى هؤلاء كذلك ويزايدون في تقديم المبالغ المالية إلى حملة مرشح بعينه (إعطاء من لايملك لمن لايستحق)، وحين يضع النظام المدير أمام حقيقة مفادها: إفد نفسك من ميزانية المرفق الذي أسندناه إليك. وحين يزاد الإطار الموظف أو صاحب الشهادة رهَقا على رهق بأن طريق التوظيف والتعيين والترقية هي حصرا الانجراف بفاعلية في حملة مرشح معين.
وحين يتنافس كبار التجار على تقديم الدعم المالي للحملة بدل الفقراء والمساكين وابتزاز العاملين لديهم بإرغامهم على إظهار الدعم لهذا المرشح. وحين يتخذ النظام من  الضريبة عصا يرفعها أويضعها لدفعهم إلى هذا...
وحين تكون (اتويزة المبادرات) موائد إعلامية يشرع النظام خلالها تعاطي المحظورات الوطنية من قبلية وفئوية وعنصرية، يقضى فيها على الاختيار الديمقراطي الحر، القائم على الإقناع والمفاضلة بين البرامج، على أساس وطني، واستبداله بدعايات أخرى تنافي الروح الوطنية وما يعززها بين أفراد مجتمع لما يذق بعض طعم دولة الاستقلال.
وحين يقصى الحوار وبدائل الاستبداد ويتم تعقيد الحلول بدل تسهيلها، والتحكم في الانسداد السياسي الذي كان مبررا لانقلاب 2008  أصلا لاستخدام بعض تجلياته على أنها فرص للانتخاب والاختيار،   وتتم ممارسة الاستبداد في ثوب احترام الدستور وانصياع للآجال القانونية لزيادة الانسداد السياسي أنسدادا آخر أدهى وأمر.
وحين يساق الشعب البريئ في الداخل بالعصى الغليظة وتحت طائلة من لا يظهر الولاء فهو من المعارضة وبذلك يستحق غضب الحاكم والدركي والطبيب والجمركي ...
وحين تكون ثكنات الجيش  وثكنات قوى الأمن والساحات المعدة أصلا للتمارين الرياضية والعسكرية كانتونات معزولة عن العالم الخارجي لتلقين فكرة "نحن أو الجحيم"، وشيطنة المعارضة وما تدعو إليه.
وحين تعمل الآلة الدعائية بعيدا عن الأخلاق آمنة من الرقابة القانونية بعد أن أمن أصحابها من رقابة الضمير، على تزويق أعمال سيدها وتشويه أعمال مناوئيه.
فحين يتم تسليط هذا كله من غير رحمة لانتزاع صوت المواطن فسوف يكون الصوت منكرا، إذ تم تجميعه بطرق غير مشروعة لأهداف غير مشروعة تخدم نظاما أوليغارشيا همه تكديس الثروة على حساب المواطن. مما سيضر بالسكينة العامة ويهدد السلم الأهلي والوحدة الوطنية ومستقبل البلد.
ذلك أن أية إطالة للاستبداد وتأجيل للإصلاح السياسي تنذر بالخطر، إذ لم تعد الشعوب قابلة لمثل هذه الأنظمة ولا مستعدة للسكوت عن حظها من التنمية وحقها في المشاركة السياسية.
بأنكر الأصوات الانتخابية إذن يمكن أن تهيمن (السيد رئيس الجمهورية) على مقاليد السلطة لسنوات أخرى وأن تخدع الشعب المسكين لفترات أخرى قادمة ولكن لا يمكن أن تقتل الأمل بالتغيير لدى بعض نخبه ولا أن تبدد القناعة بأن وراء الغيوم ما تزال شمس مشرقة.

19. يونيو 2014 - 11:25

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا