مات "المنتدى الوطني للديمقراطية و الوحدة".. هذا المولود لم يتجاوز عمره بضعة أشهر.. رفض لبن المرضعة فمات عطشا.. على أهلها جنت براقش، لكنها لم تجني على الجميع..
تحدثتُ في مقال منشور سابق أن الفرق سيكون بين " المقاطعة " و القطيعة" و اعتبرت أن القطيعة هي التصويت أساسا الذي سيمارسه الشعب في رفض صريح منه لدعوة المقاطعة التي يطلبها المنتدى..
يبدو ان أياً من أصحاب المنتدى لم يسمع يوما المقولة الشهيرة لالبرت اينشتين: ( الجنون هو ان تفعل نفس الشيئ مرات متكررة و تنتظر نتائج مختلفة..)
النتائج الأولية تشير إلى أن نسبة المشاركة في حدود الستين في المائة، الضربة التي قصمت الظهر المحدودب للمعارضة المقاطِعة هي أن النسبة في الانتخابات الرئاسية الماضية بلغت الستين في المائة أيضا ، و هي الانتخابات التي شاركت فيها الأحزاب التي ترى موقف الشعب الموريتاني بنظارات ذات "ماركة صينية رخيصة".. يعني ذلك أن نسبة المشاركة لم تنخفض كما توقعها هؤلاء على حدس منهم.
النتائج التي يمكننا أن نستخلصها من التصويت لحد الآن هي الآتي:
ـ ان الرئيس "عزيز" استطاع إقناع الشعب برفع نسبة المشاركة، و انه استقطبهم للتصويت له بكثرة عن طريق انجازاته الماضية و برامجه المستقبلية.
ـ ان دعوة "بيرام" ذات اللهجة العنصرية الحادة لم تؤثر في المجتمع الموريتاني و خصوصا فئة "الحراطين" التي عَوَّل عليها "بيرام" على جهل منه .. اظهر "الحراطين" أن وطنيتهم فوق جميع الدعوات النتنة الضيقة. كما اظهروا من خلال تصويتهم لعزيز أن الانجازات "العزيزية" لامستهم في الصميم مما جعلهم يكافؤونه على صنيعه بانتخابه مرة أخرى..
ـ ان "بيجل ولد هميد" على الرغم من نتائجه الضئيلة يبقى رجل موريتانيا الوطني الذي يشدد على قضايا الوحدة في كل الأوقات..
ـ ظهور أعمال تخريبية من عصابات "بلطجية" محسوبة على "المنتدى" استهدفت مواطنين موريتانيين في بادرة غير ديمقراطية تلجأ إلى العنف كحل يستخدمه المهزومين الضعفاء..
ـ اظهر الشعب الموريتاني في عمومه انه شعب فاعل في المجال العام السياسي و انه شعب مبادر إلى تخطي الأزمات، شعب يستطيع بذكائه غربلة كل العروض السياسية..
ـ تمت عملية الاقتراع في جو سلمي يطبعه الهدوء على الرغم من الحالات القليلة التي حاولت فيها جماعات محسوبة على المنتدى أن تزعزع تلك السكينة ( حالة توجنين مثلا ) بناء على هذا يمكن أن نقول إن موريتانيا متجهة إلى دخول مرحلة سياسية جديدة لا يحتل فيها الفاعلون المعارضون التقليديون أي دور أساسي.. لن يمثل ولد داداه دور زعيم المعارضة بعد اليوم..
نتيجة "الخبل السياسي" الذي استبد بعقول أصحاب "المنتدى" هي أنهم لم يفهموا اللعبة السياسية و ظنوا ـ على حمق منهم ـ أنهم محقون في وقوفهم في الصف السالب الذي لا يريد المشاركة في تدبير الشأن السياسي إلا من خلال إقصاء الآخر و ليس العمل معه ..
هكذا هي اللعبة الديمقراطية يفوز فيها من الأقوى و الأجدر.. على الفائز أن يكون لسان حال خطابه: لا تثريب عليكم.. و على الآخرين أن يكون لسان حالهم: تالله لقد آثرك الله علينا..
المنتصر الحقيقي في هذه الانتخابات هو الشعب الموريتاني .. عاشت الديمقراطية الموريتانية ... عاشت الوحدة الوطنية.. عاشت مسيرة التنمية.
احمد سالم ولد عابدين.. مركز ابحاث الثقافة و المجتمع 22/06/2014