لنسأل أنفسنا: من مع من؟!/ الدد ولد الشيخ إبراهيم

 تعيش النخب السياسية الموريتانية مرحلة مكافيلية عرجاء، ولا غرابة في ذلك إذا علمنا أن نفس تلك النخب، هي التي تبارت في مرحلة بائسة من تاريخنا في تأليه قائد ثورة " المرأة تحيض والرجل لا يحيض" الدكتاتور الليبي الراحل معمر القذافي،

 والذي كافأهم بفرض استمرار الأحكام العسكرية، مستعينا بالدكتاتور السنغالي عبد الله واد، والرئيس الفرنسي المسجون ساركوزي... فأين رفاق دكتاتورنا الآن؟
اليوم تستعد نخب ولد الطائع لزف عريسهم بعد أن تفننوا في سباق المبادرات التي لم تسلم منها الأسر والأفراد ولا حتى الحنفيات... جميعهم تخنثوا على الشاشات بعدما تطاير رثاث ريقهم على عدسات الشاشات المأجورة وهم يساهمون في زرع الأرجل المهترئة للمتمرد المعزول. احرقوا كل الأسماء، وأغدق عليهم تجارنا (مزوري تواريخ البضائع) وعلى تلك الحملة المحسومة مسبقا، وهو عطاء من ينتظر التعويض في مأمورية حالكة خالية من الخطط الاستراتيجية، اخرجت بأيادي جيل لم يقرأ في حياته كلمة "صنع في موريتانيا".
تجار الدين دخلوا على الخط وبلغوا حدا غير مسبوق من التملق للمتمرد ولد عبد العزيز – خلال الشهر المحرم- حيث لقبوه ب "رئيس الإسلام"... كيف لا وهو الذي سبق أن قال في إحدى خرجاته الدينية: "الاسلام ملك للشعب الموريتاني"!
الآن ستدخل موريتانيا في "مأمورية ثانية" بعد أن رفض المتمرد المقال محمد ولد عبد العزيز، الكشف عن ممتلكاته عند نهاية مأموريته كما ينص على ذلك القانون المنظم للشفافية المالية، الصادر سنة 2007، والذي ينص على إلزامية أن ينشر الرئيس للرأي العام الوطني ممتلكاته وممتلكات أطفاله القصر، عند نهاية مأموريته الانتخابية. فأين دعاة القانون من هذا التصرف الخارج على القانون؟

سوف لن تختلف المأمورية الجديدة عن تلك التي سبقتها والتي احتلت فيها موريتانيا المرتبة 119 من أصل 177 دولة في مؤشر الفساد، لتقرير لمنظمة الشفافية الدولية لعام 2013. سندخل مأمورية جديدة طعن أبرز المرشحين (بيرام ولد الداه ولد اعبيدي) في نزاهتها مقدما أدلته التي رفضها اسغير ولد أمبارك (رئيس المجلس الدستوري) ومنها: العديد من المكاتب التي تم تسجيل فيها ما 400 أو 500 ناخب وجميعهم صوتوا للمرشح محمد ولد عبد العزيز، دون أن يتغيب أو يمرض أو يخطئ منهم أحد في تصويته!!!
  سندخل مأمورية الجديدة بنخب سياسية "معارضة" بلا مشروع بديل. تريد التغيير وغير مستعدة لا للقمع ولا للتمسك بموقف مبدئي من الأحكام العسكرية التي تهتم بالبعد الأمني على حساب باقي المجالات التنموية وهو ما أثر على الخدمات الصحية والتعليمية وعلى الأسعار.
سندخل مأمورية جديدة بطوابير من الشباب المعطلين عن العمل، وبشعب يستهلك المنتجات المنتهية الصلاحية كما يستهلك الخطابات والأدوية الفاسدة. شعب تهاجر كفاءاته وطاقاته الشبابية وتتكدس قراراته المصيريةفي احدى مقاطعة نواكشوط "تفرغ زينة".
اليوم ونحن نحمل لقب "أفقر دولة في المغرب العربي" نقرأ يوميا عن الفساد في المؤسسات الموريتانية... دون قراءة أي خبر حول فتح أي تحقيق فيها. وذلك بعدما احتلت بلادنا المرتب 120 على مؤشر السلام العالمي من أصل 162 دولة وذلك نتيجة لانعدام الثقة بين الحاكم والمحكوم.
حاكمنا الذي يريد تجديد الطبقة السياسة يحيط نفسه بنفس الطبقةالسياسية والعسكرية التي حكمت موريتانيا على مدى نيفا وعشرون سنة. إنها لعبة مكشوفة تلك التي يلعبها الجنرال مع وجوه سياسية مستهلكة لا تحسن دور المعارضة الكرتونية ولا تتقن لعب دور الوطني المنفي.
واليوم ونحن نستمع إلى تصريحات "الألعاب النارية" و "قراءة الفاتحة على روح النظام" نشاهد اجتماعات وتصرفات تتناقض وتلك الموافق والتصريحات، وهو تصرف يخدم الحاكم أكثر مما يخدم المنتدى، ويساعده في تسويق أن المعارضة لا تحسن أدب الحوار بل تحاور فقط من أجل المحاصصة لا من أجل الوطن.
  إن أبسط مواطن موريتاني أصبح يعلم أن قرارات مؤلمة تحتاجها بلادنا على المستوى الاقتصادي والاجتماعي والسياسي، لتنتقل من نمط اقتصادي متخلف تواكلي ريعي متسول مهمش للطاقات... إلى نمط مسؤول منتج للثروة مستثمر في الطاقات البشرية ومرشد للدخل القومي.
لكن قبل كل ذلك علينا أن نسأل أنفسنا من مع من؟
هل نكون مع السياسيون الذين يتفاعلون مع الكلام والوعود –حتى وإن كانت عرقوبية-. أم مع أولائك الذين يراقبون الأعمال ويتحركون بالأفعال؟
 

3. يوليو 2014 - 16:40

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا