هل لجنة الإنتخابات شرعية ؟؟ (رأي قانوني ) / عبد الوهاب ولد محمد

انشئت اللجنة الوطنية للإنتخابات بواسطة القانون النظامي 027ـ2012 الصادر بتاريخ 12 ابريل 2012 .
لم يضع الدستور تعريفا أو تحديدا للقوانين النظامية  والتي تحال وجوبا إلى المجلس الدستوري للتحقق  من مدى مطابقتها للدستور ,

في غياب تعريف للقوانين   النظامية في الدستور  وفي غياب كذلك اجتهاد قضائي فنلجأ إلى الإجتهاد القضائي  المقارن  فقد تكفلت المحكمة الدستورية المصرية في حكمها الصادر بجلسة 15 مايو سنة 1993 بوضع معيار تحدد به هذه القوانين استنادا إلى أن  عبارة القوانين المكملة للدستور وإن كانت جديدة , فريدة في بابها ولا تعرفها الدساتير المقارنة إلى أنها تحمل في طياتها تحديد معناها , وأوضحت المحكمة أن هناك شرطين يتعين اجتماعهما معا لاعتبار مشروع قانون معين  مكملا للدستور "مشروع قانون نظامي" أولها : أن يكون الدستور ابتداء قد نص صراحة في مسألة عينها أن يتم تنظيمها بقانون نظامي .
ثانيهما : أن يكون هذا التنظيم متصلا بقاعدة كلية مما جرت الوثائق الدستورية على احتوائها وادراجها في نصوصها , تلك هي القواعد الدستورية بطبيعتها التي لا تخلو منها  في الأعم الغالب أية وثيقة دستورية والتي يتعين أن يكون القانون النظامي مفصلا لمجملها مبينا لحدودها .
وأضافت المحكمة الدستورية أن الشرط الأول وإن كان لازما لأمر مبدئي يتعين التحقق من توافره قبل الفصل في أي نزاع حول ما إذا كان مشروع القانون المعروض يعد أو لا يعد مكملا للدستور " قانون  نظامي " إلا أنه ليس شرطا كافيا بل يتعين لاعتبار مشروع القانون كذلك توافر الشرطين معا استبعادا لكل مشروع قانون لاتربطه صلة وثيقة بالقواعد الدستورية الأصلية  .
واجتماع هذين الشرطين مؤداه أن معيار القوانين النظامية لا يجوز أن يكون شرطا شكليا صرفا ولا موضوعيا بحتا بل قوامه مزاوجة بين ملامح شكلية وما ينبغي أن يتصل بها من العناصر الموضوعية على نحو ما تقدم بيانه .
بعد هذه الإشارة إلى الإجتهاد القضائي عن القانون النظامي نعرض القانون النظامي المنشئ للجنة على ذلك المعيار للتحقق من مدى توفر الشرطين سابقي الذكر عليه
الشرط الأول : وهو أن يتضمن الدستور الإشارة إليه
أحال الدستور الموريتاني إلى 8 قوانين نظامية هي كالتالي
1. قانون نظامي  يحددشروط وصيغ قبول الترشيح وكذلك القواعد المتعلقة بالوفاة وبمانع الترشح لرئاسة الجمهورية , المادة 26(جديدة)
2. قانون نظامي يحدد الشروط التي يتم بمقتضاها استبدال أصحاب تلك الإنابات والوظائف والمهام ( في التعارض بين الوظائف البرلمانية وكل وظيفة تمثيل مهنية ذات طابع وطني وكل نشاط مهني، وبصفة عامة مع كل وظيفة عمومية وخصوصية وكذا الوظائف الحكومية ) وذلك في المادة4.
3. يحدد قانون نظامي شروط انتخاب أعضاء البرلمان وعددهم وعلاواتهم وشروط الانتخاب، كما يحدد نظام عدم القابلية والتعارض (المادة 48من الدستور).
4. ولقانون نظامي أن يوضح ويكمل أحكام هذه المادة, في إشارة إلى المادة  57 التي تتعلق بمجال القانون .
5.  ويحدد قانون نظامي التعارضات الأخرى ( المادة 82 التي تتعلق بتعارض عضوية المجلس الدستوري مع عضوية الحكومة والمجلس الاقتصادي والإجتماعي )
6. يحدد قانون نظامي، قواعد تنظيم وسير المجلس الدستوري والإجراءات المتعبة أمامه وخاصة الآجال المفتوحة لرفع النـزاعات إليه.  المادة 88
7. يحدد قانون نظامي، تشكيل محكمة العدل السامية، وقواعد سيرها وكذلك الإجراءات المتبعة أمامها (المادة 92 ).
8. يحدد قانون نظامي، تكوين المجلس الاقتصادي والاجتماعي وقواعد سيره (المادة 97 من الدستور ).
فأين إشارة الدستور إلى القانون النظامي المتعلق باللجنة ؟
وعلى افتراض أن الدستور قد أحال إلى قانون نظامي يتعلق بها هل ينظبق عليه الشرط الثاني ؟
الأمر ليس طعنا في لجنة اثبتت جدارتها في الإستحقاقات الماضية التشريعية وكذلك الرئاسية التي استدل الستار عليها قبل ايام بقدر ماهو فتخ لباب النقاش والحوار المهني وخاصة من فقهائنا في مجال القانوني الدستوري فهي دعوة جادة لإبراز رأي فقهي في الموضوع ينير درب المشرع ويوجه لسلوك بناء دولة القانون والمؤسسات .
الغريب في الأمر أن القوانين النظامية تعرض وجوبا على المجلس الدستوري للتأكد من مدى مطابقتها للدستور . ومع ذلك لم يعترض على هذا  القانون النظامي والإشارة إلى وجه الخطأ بوصفه بالنظامي
الأمر لا يعني تنظيم اللجنة وحدها بل صدرت قوانين نظامية  أخرى لم يشر إليها في الوثيقة الدستورية الموريتانية كثيرة أخرى نذكر منها مثالا لا حصرا :القانون النظامي رقم 022ـ2009 الصادر بتاريخ 2ابريل 2009 المتعلق بتصويت الموريتانيين في الخارج والمعدل بالقانون النظامي 033ـ2012 الصادر بتاريخ الصادل بتاريخ 12 ابريل 2012
والقانون النظامي رقم 032ـ2012 الصادر بتاريخ 12 ابريل 2012 الذي عدل أحكام الأمر القانوني 289ـ87 الصادر بتاريخ 20 اكتوبر 1987 .(مع أن الأمر القاموني يكفي لتعديله إصدار قانون عادي كما هو معروف )
مما يدعونا إلى التساءل عن مفهوم القوانين النظامية في موريتانيا
هل هو كل ما اطلقت عليه الحكومة هذا الوصف ؟ أم أن هناك ضوابط وشروط يلزم توفرها خصوصا أن اجراءات  الإصدار والتعديل بالنسبة للقوانين النظامية تختلف عن تلك المتعلقة بالقوانين العادية .
وفي الأخير نشير ونؤكد أن المقال لا يعدو كونه لفت انتباه كل من الباحثين والخبراء في القانون الدستوري وكذا المجلس الدستوري نفسه إلى هذا الأمر بل والحكومة أيضا كا من جهته  إلى وضع ضوابط وشروط تميز  القوانين النظامية عن غيرها وكذا المجال الذي تتدخل هذي الأخيرة لتنظيمه أو تكميله .
مستنيرين بما وصل إليه الإجتهلد القضائي في دول أخرى من تطور في هذا المجال .

6. يوليو 2014 - 22:16

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا