في البــدء..تحية إجلالٍ وإكبارٍ (مستحقة) لمناضلي ومناضلات الإتحاد الوطني لطلبة موريتانيا ، وهم يَسْتَعِدُّون - على كُرْهٍ - ليسلموا راية النضال خفَّاقة، لجيلٍ نضالي بامتياز ، بعد أن سَطَّرُوا أروعَ آيات البذْلِ والتضحية والصمود في سُوح النضال.
أيُّها القارئُ المناضل، سيكون هذا المقال في شكل خاصٍ، وبأسلوب خاصٍ ، لأنه كُتب لظرفٍ خاصٍ هو الآخرُ ، وسيأتي في أربعةِ نقاطٍ منفصلةٍ وخاصةٍ أيضا:
(1)..بِطَاقَةُ نِضَــــــــال
قد يَسْمَعُ البعضُ عنِ النِّضالُ، وقد يَلج البعض الآخر ميدانه ويلازم بعضَ قادته وأبطاله، ولا يفهمُ النضالَ على حقيقته الدقيقة، لذا هي مناسبة طيِّبَةٌ ومُحاوَلةٌ أوَّليَّةٌ (أرجو من الله أن تكون موفَّقةَ) لتصحيح مفاهيم نضالية كان من الواجب أن تُصحَّح.
ليس النضالُ أن تكون بينَ صفوف المناضلين في أوقات الرَّخَاءِ- وهي قليلة أو معدومة-. وليس النضالُ أن تكون في مقدمة الصفوف خلال المهرجانات الختامية والافتتاحية ، وحتى الاحتفالية والتَّصعيديَّة التي تنظمُ في كل سنة نضالية.
وليس النضالُ أن تكونَ من رُوَّادِ مَقَارِّ الاتحاد الوطني لطلبة موريتانيا، أو أحد الرُّواة الثقات لأحاديث النضالِ الكثيرة بسَنَدٍ متَّصِل عن المناضلين الأوائل، أو صاحبَ قِصَصٍ مُمتعة عن تاريخِ النضالِ وعَطاء قَادةِ النضالِ، وحتى تاريخِ باعَة النضالِ ، "مخافة أو تقع في شرِّ النِّضالِ" أو يقع فيه الآخرون.
بالفعل كلّ ما تقدَّم ذكره هو رُكْنٌ ركينٌ من أركان النضالِ، ويدخلُ في صميم النضالِ، وجائزٌ في "فقه النضال"، لكنه ليس كلُّ النضال. النضالُ الحق هو أن يتعلَّقَ قلبُك (حقا) بالقضية الطلابية العادلة ، فتعطيها وقتك – باعتبارها قضية عادلة- بدون منٍّ ولا أذى ولا ضجر ، خدمة للفكرة والمبدأ والعقيدة.
النضال الحق هو أن تُجدِّدَ البيعةَ مع الله - في كل صباح - على خدمة المستضعفين وغير المستضعفين من طلبة هذا الشعب المنكوب. النضال أن تكون عَوْناً لطلاب العلم أينما كانوا ، تجسيدا لرسالة الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم في كل مكان ، وامتثالا لأوامر الشرع في كل زمان.
النضال أن تستشعر مسؤوليتك الكبيرة تجاه الطلبة الذين انتخبوك وقدموك فتوفيهم حقوقهم التي عليك كاملةً بدونِ تَطْفِيفْ.
النضال هو أن تَحْمِل الرَّايةَ (اللاَّفتَة) وتقود الجماهير كلما حاول "أعداءُ النُّور" – في لحظة مَكْرٍ - الدَّوْسَ على كرامة قلعة من قلاع العلم والمجد والتاريخ والجغرافيا. النضال أن ترابط في الجامعة أو في المعهد في أيام الحرِّ والبردِ الشديديْنِ ، من أجل أن تقدم خدمة للآخرين بدون مقابل، النضال أن يَحُسَّ الآخرون بأنك فعلا في خدمتهم دائما وأبداً، وأنك لا تنتظر شكرهم ولا ثناءهم أبد الآبدين.
النضال أن يجد فيك الآخرون "النَّجدة" والدفْءَ والمودة والحنان والرفق - أما الابتسامة فهي صَدقةٌ يجب الحرص عليها- ، كلما حاولت الإدارة التلاعب بحقوقهم المشروعة ، أو نتائجهم المستحقة التي سهرُوا ليالي طويلة من أجل حصدها، فحصدوها عن جدارة..والنضال بطريقة خاصة هو أن تواصل النِّضالَ ولو على رابيَّةٍ من الأشواك!!.
(2)..أَبْطَالٌ لاَ يَتَرَجَّلُونْ..
لا يترجَّلُ المناضلُ البطلُ عن صهوة مجده ونضاله المشروع يوما من الأيام مهما كانت التحديات جساما، ولا يُسْلِم قَضيَّتَه العادلة إلا لجيلٍ عادلٍ مناضلٍ ، خَبرَتْه الساحة الطلابية ، وصاغتْهُ التّجارب النضالية، وعركتْه الأزمات الإدارية، وعرفتْه أيام الإضراب والغضب – المشهودة - مناضلاً بطلاً لا يعطي النضالَ فُضُولَ وقتِه، ولا يرضى بالتخلف عن "ركْبِ الأشراف" المدافعين عن قِلاعِ العلم التي تنشر"دين الله تبيانا" منذ زمن، وستبقى كما كانت.
قَدَرُ المناضلين أن يظلُّوا على الدَّرْبِ سائرون، "يَدُكُّـونَ صَرْحَ الظَّالمِينَ"، من أجل انتزاع حقوق الطلاب – على اختلافها واختلافهم- من دَهَاليزٍ الإدارة وأنياب الوزارة، وفي سبيل ذلك يهونُ كلُّ شيء و"لاَ يَسْتَكِينُ نِضَالُنَا"، بل ترتفع وتِيرَتُه، ويعلُو منحى جدِّ المُناضلِ كلما أحسَّ من الإدارة تَمنُّعاَ وتَلاَعُباَ بمشاعِر وحقوق طلابنا الغرِّ الميامين.
في خضم ذلك تبقى كلمات النشيد في الماضي والحاضر والمستقبل تحْدُو المناضلين ، وهم في طريق الصُّمود الشَّاقِّ والعمل الدَّؤُوب:
نَحْنُ شَبَابُ الاتِّحَادْ *** نِضَالُنَا فِيهِ السَّدَادْ
نُرِيدُ خَيْراً لِلْبِلاَدْ *** وَلِلطُّـــــلاَّبِ أَجْمَعِينْ
وَلاَ نُبَاعُ بِالْمَزَادْ *** نِضَـــــالُنَا لاَ يَسْتَكِينْ
بِكُلِّ عَزْمِ وَاجْتِهَادْ***نَدُكُّ صَرْحَ الظَّالمِينْ..إلخ.
(3)..شَرِيطُ الذَّاكِــرَة
يأتي مؤتمرنا السابع هذا تحت شعار: "نضالٌ طلابيٌّ..لجامعة رائدة"، وانطلاقا من هذا الشعار أودُّ –قبل فوات الأوان- أن أنقش مجموعة من النقاط على صفحة الزمن، وجدار الذاكرة الطلابية النضالية من خلال سطور قصيرة، وبالطبع قد لا تَفِي بالمقصود، لكنها بالتأكيد ستشكل تمهيدا له وتذكيرا به وإشارة إليه ، واللبيب تكفيه الإشارة:
1- الاتحاد الوطني لطلبة موريتانيا نقابة طلابية رائدة وعريقة، لا تساوم في انتزاع حقوق الطلاب، ولا تنحني أمام زوابع القضية الطلابية العاصفة.
2- الاتحاد الوطني احترم مؤسسيته وأنظمته الداخلية وجماهيره الوفيَّة، فعقد مؤتمر السابع، والذي يمثل تجْديداً وتجسيداً للنضال الطلابي الجاد، كما يُمثِّل تطلُّعا مشروعا إلى بناء جامعة رائدة ، رغم كل الإكراهات والمضايقات والعقبات الماثلة.
3- الاتحاد الوطني استمر في خدمة الطلاب ووقف إلى جانبهم في الداخل والخارج دون تمييز، سواء على حساب العرق أو الفكر أو الجهة، وسهر على انتزاع حقوقهم ولبَّى مطالبهم وشجعهم على تفوقهم وعطائهم الدراسي والنضالي أينما حلُّوا وحيثما ارتحلوا.
4- الاتحاد الوطني قدم إنجازاتٍ شاهدة على جديته ومؤسسيَّته وعراقته ونضاله المستميت وإيمانه القوي بالقضية الطلابية. وهذه حقائق دقيقة (ليست من باب التمْجِيد)، ولا يمكن لأحد أن يتنكَّرَ لها، إلا مكابرٌ كاذبٌ حاقدٌ أخرصٌ متطرِّفٌ في نقده ، مخطئٌ في تقويمه ، جائرٌ في تصَوره.
5- الاتحاد الوطني سيبقى هو النقابة الطلابية الوحيدة التي تهتَمُّ بالطالب الموريتاني أينما كان ، وتسعى ليْلَ نهار إلى خدمته ، خدمة لثقافة الرباط وتراث الأجداد، والفكرة والمبدأ والعقيدة.
(4)..أَسْئِلَةٌ مُقْتَرَحَة..
وعلى ضِفَّةِ الختام..أقترح هنا شبه أسئلة ، ونحن بين يدي مؤتمرنا السَّابع، مؤتمر التَّجْديدِ والتطلُّع إلى جامعة رائدة، علّها تكون مساهمة في النضال الطلابي الجاد، والتنظير الأولي لبناء جامعة رائدة في المستقبل القريب العاجل:
س1: ألا يكفي كل هذا الإنجاز والنضال الذي قدَّمَه الاتحاد الوطني ليكون دليلا على جدارته بالدفاع عن حقوق طلبة موريتانيا (جميعا)، وتجسيد المؤسسية، واحترام القوانين ، والجماهير الطلابية الأبية في ظرف جامعيٍّ يعيه كل طالب بلغ سنَّ الرشد في النضال ، ووعى مبادئه وقواعده الأساسية.
س2: أكيدٌ سيُقدِّم المكتب الجديد جديدا للساحة الطلابية، وفعلا "كلْ اجْديدْ لُبَنَّ"..ولكن دعونا هنا نتساءل عن حجم ذلك الجديد الذي سيقدمه المكتب القادم للطالب الموريتاني في الداخل والخارج، وعن العقبات التي ستواجه العملية النقابية في السنوات المقبلة، وعن كيفية تعامل الاتحاد - بوصفه نقابة رائدة في مجال النضال - مع تلك العقبات؟؟؟.
س3: ألا يشكل هذا النضال الجاد والعطاء المتميز والمؤسسية الصارمة والوقوف مع القوانين ، سببا في استقالة النقابات الطلابية الأخرى من المشهد الطلابي النقابي بطريقة غير معلنة؟؟!.
س4: هل تتواضع الإدارة وتستفيد من تجربة الاتحاد الوطني الرائدة، وتعلن استعدادها للعمل معه من أجل بناء جامعة رائدة ، وتَكْرِيسِ نضال طلابي جاد يخدم الوطن؟؟.
****
اليوم وغدا..سيثبت المناضلون والمناضلات وفاءهم/وفاءهن للقضية الطلابية، وسيسيرون بنفْسِ الدرْبِ، وسيقدمون عطاء جديدا، وسيدافعون عن حقوق الطلاب المشروعة (قضيتنا الأولى)، قبل أن يُسدلَ الستارُ على المؤتمر السابع، وبعد أن يسدل الستار ويبدأ المكتب الجديد مأموريته المباركة المعطاء بإذن الله تعالى..وقد عرفتم فلْزمُوا وانتَظِرُوا العطاء..ولا تتَعجَّلُوا قطفَ الثمار!.
عاش الاتحاد الوطني لطلبة موريتانيا مؤسسة رائدة..
عاش مناضلوه ومناضلاته لا يترجلون عن صهوات نضالهم أبد الآبدين..
دام الجميع بألف خير..والســـــلام.
.