قضاتنا.. ثمار قطفتها قطر / أحمدو بمب ولد محمدو

رضا الناس غاية لاتدرك، لذلك كنت في كامل الاستعداد لصدى المقال الذي كتبته عن واقع القضاء والقضاة، بين مؤيد ومعارض ومتحامل و مأول ومتهم وغير فاهم لشيء. وهي أمور عادية لأنه من الطبيعي أن تختلف آرائنا

 وأفكارنا كاختلاف ملامحنا وبصماتنا، ورأيي صواب عندي يحتما الخطأ عند غيري والعكس، لكنه لاخلاف لحاجة هذا الوطن لجميع سواعد أبناءه، حاجة هذا الشعب وحقه في أن يعيش في ظروف أحسن، حاجتنا جميعا في أن نتعاون من أجل موريتانيا أحسن، وليس قطاع العدالة إلا طرفا من أطراف جسم الدولة النحيل، النحيف الضعيف، الهزيل.. وبدلا من تكوين قضاتنا ليكونوا أحسن واستمرار تكوينهم ها نحن نتآمر مع دولة قطر لنصدر لها القضاة مع أننا نستورد كل شيء في هذه الأرض.
دولة قطر عبارة عن مجموعة من آل فلان، يمتلكون مال قارون وينتقون من آل الدول العربية الضعيفة مع أن الأموال لا تصنع الرجال لكنه لم يعد هنالك معنى للمقولة الشهيرة " بنات الأفكار أغلى من بنات الأبكار".
عندما تقدمت قطر بطلب لقضاة موريتانيين، تقدم لها عشرات القضاة مع أن قضاتنا لا يتجاوزون العشرات ،مما يجعلنا نتساءل عن السبب وراء رغبة قضاتنا في الهجرة ؟ فإذا كان السبب ماديا فهو أمر غير مقنع على اعتبار أن مرتبات القضاة من أكبر المرتبات في الوظيفة العمومية. وإذا كان السبب بحثا عن واقع عملي أحسن فكيف سيتغير واقعنا القضائي إلى الأحسن والمفترض فيهم حمل مشعل التغيير "مغادرون"؟
وحتى إذا كان السبب تطلعا لواقع مادي وعملي أحسن فكيف يتم ذلك بمباركة من السلطات العليا؟ وحقيقة وحكما أن عقلي عاجز عن إدراك سبب مقنع يجعل صفوة قضاتنا يهاجرون من أجل وطن آخر.
لو قيل لي شخصيا أنه مسموح لي بالعمل كقاض في قطر لقبلت ذلك، ولو قيل ذلك لأحد القضاة المتقاعدين لقبلت ذلك أيضا لأنه لا تجربة لي، ولأن مشايخنا قضوا أعمارهم خدمة للقضاء،أما أن يكون الانتقاء من جيل في عمر الزهور، جيل يمتلك الكفاءة العلمية والخلقية والتجربة لممارسة المهنة، جيل يشغل مناصب حساسة لاتقبل الإنابة بسبب العطلة أو المرض أحرى  أن تترك في صفقة كهذه .
من أهم المسائل التي ميزت الدفعة الأخيرة من القضاة بالإضافة إلى كفاءتها العلمية والخلقية أنها خضعت لدورات تدريبية عسكرية،جمعنا لباس واحد وظروف واحدة في مدرسة الدرك، تحت علم واحد هو علم الجمهورية الإسلامية الموريتانية، تتردد على مسامعنا أنغام النشيد الوطني كل صباح، نقف تحت علم هذه الأرض لايتحرك منا إلا مشاعر مليئة بالحب لهذه الأرض، نصرة للدين الحق  وسيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم،كانت كلمات النشيد الوطني وحدها بالنسبة لنا مدرسة في الدين والأخلاق والقيم والوطنية، كنا نقف تحت علم واحد مدركون أننا امتداد لشهداء ماتوا في سبيل أن يظلنا وطن واحد، رايته شامخة خضرة ومتلألئة بنجمها وهلالها، لامال ولا جمال ولا أرض ولا أغراض تجعلنا نريد بديلا لهذه الأرض وهي الرسالة الخالدة التي ربتنا عليها المدرسة العكسرية.
يقول الشاعر الدكتور أدي ولد آدبه " عندما يضيق الوطن بأبناءه أو يضيق أبناءه به فإن ذلك هو ذروة التأزم الذي لامخرج منه إلا بالثورة أو الهجرة". وهو ما ينطبق تماما على قضاتنا سواء ضاق بهم الوطن أو ضاقوا به فاختاروا أن يكونوا مأجورين عند الغير من أن يكونوا أسيادا في وطنهم.
في هذه المناسبة اختلطت علي التهنئة والمواساة، تهنئة لزملاء قبلت رغبتهم ومواساة لوطن باع خيرة أبناءه، وبصريح العبارة قضاتنا ثمار قطفتها قطر.

8. يوليو 2014 - 3:59

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا