تمر موريتانيا بفترة سياسية تختلف عن فتراتها الماضية شكلا ومضمونا ،لذلك لن يكتب لأي حركة إصلاحية النجاح دون أن تعتمد على الشباب ، لأن أمة لاتتجدد محكموم عليها بالفناء .
هذا ماأكده فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد عبد العزيز في أكثر من مناسبة،وهو خياره الحقيقي منذ وصوله لسدة الحكم في البلاد ،وهو على مايبدو شعار لم يرق للحرس القديم مما جعله في صراع غير معلن مع توجه الرئيس.
إن القصد من تجديد الطبقة السياسية ليس ترفيها فكريا ولاسفسطة تمويهية ، بل هو حل جذري لسلسلة من المشاكل التي تطوق عنق الوطن وتمنعه من أن يبارح مكانه منذ نصف قرن من الزمن،وهنا لابد ان أنوه بأن يكون المقصود من تجديد الطبقة السياسية ليس تجديد وجوهها فقط ،بل الأساس والمطلب والهدف هوتجديد عقلياتها وأساليبها ورؤاها، وإن كان من الضروري بمكان ضخ دماء جديدة في إدارة الدولة لتشكل رافدا قويا لترسيخ العقلية الجديدة ،من أجل خدمة المواطن والتقرب منه ، بدل تهميشه وازدرائه والشطط في استعمال السلطة ضده . ــ رغم أن الشعب هو مصدر جميع السلطات والإمتيازات التي يتمتع بها الجميع ــ.
منذ تسلم فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد عبد العزيز مقاليد السلطة في البلد وهويحاول جاهدا انتشال الشباب من الوضع المزري الذي يعيشه ،فدعاه أكثر من مرة لتحمل مسؤوليته تجاه بلده ،ودعاه لخوض غمار السياسة ، ودعاه لتقلد المناصب ،وجلس معه وجها لوجه ودون أي وسيط، واستمع إليه واستلم منه المطالب والمقترحات يدا بيد ،بل أكثر من ذلك فقد تعهد له بأن تكون هذه المأمورية مأمورية تجديد الطبقة السياسية.
فلم يعد سرا إذن أن فخامة الرئيس تعهد بتمكين الشباب ،ولم يعد يخفى على أي أحد أنه يعمل على تجديد الطبقة السياسية ،الأمر الذي ترتعد منه فرائص كثيرين ممن مردوا على النفاق واحْلوْلوْا الفساد وأكل المال العام ،وبطشوا سرا وعلانية .
لقد أكد فخامة الرئيس محمد ولد عبد العزيز ثقته في الشباب وإيمانه بهم في آخر مهرجان بحملته الرئاسية إذ تعهد بتسليمهم السلطة، وأشاد بهم في لقائه بطاقم الحملة، لكن الكثيرين لم يفهموا ذلك ولم يتعاطو مع هذه الرسالة القوية لأن معاقل النفوذ لا تريد لدوي هذا الشباب أن يتردد في مراكز صنع القرار .
ومعروف أن من شاخ في السفاهة، و شب على استحلال ممتلكات الدولة واستغلال النفوذ عصيٌ عليه العودة لدروس التربية وتلقي التكوينات في حسن التسيير والشفافية.
لابد هنا أن نسجل بارتياح شديد أن المسألة ليست صراع أجيال كما يظن البعض ، وإنما هي تباد للمسؤوليات ، بين جيل خدم وضحى وبنى ، وجيل متلهف لإكمال تلك المسيرة التي بدأها الآباء ، ويملك من القوة والتضحية والمسؤولية مايؤهله لذلك.
إنما يترقبه المشهد السياسي هو القطيعة مع أباطرة الأنظمة الماضية والمفسدين وأصحاب الجيوب المنتفخة والمتملقين والمنافقين ، وزمرة الحرباويين، ليتم التحول للكفاءات الشابة المستقيمة ويفسح المجال أمام كل الموريتانيين بمختلف مشاربهم وأجناسهم وأعراقهم ويتم التركيز على الأطر المنحدرة من الطبقتين الكادحة والوسطى، ويشعر كل مواطن موريتاني بمرتنته في جو من الأمن والإستقرا ر ،عندها تعم الفائدة الجميع ، ويتم بناء الدولة الموريتانية الحديثة.