كلمة الإصلاح هذه المرة ستتوجه إلى الموالاة والمعارضة لا بسة ثوب رمضان القشيب ، هذا الشهر الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبـينات من الهدى والفرقان .
ولاشك أن كلا من الموالاة والمعارضة لن يستـنـكف
أن يكون من بين هؤلاء الناس الذي أنزل القرآن لهدايتهم ، والهداية في الإسلام معروفة وهي اتباع الصراط المستقيم الذي يسأل المسلم ربه للهداية إليه في اليوم والليـلة 17 مرة وجوبا وأكثر من ذلك إن استجاب الله دعاءه لهذه الهداية .
وبما أننا الآن داخل أجواء هذا الشهر نلاحظ أن جميع الموريتانيين بغض النظر عن موالاتهم ومعارضتهم يتسابقون إلى فعـل الخيرات فيه فإني انـتـهز هذه الفرصة لتـنبـيههم أن الإيمان رزمة واحدة وأقول كتـلة واحدة لا يقسمها إلا من لم يدرك كنهها .
فكلنا يدرك أن حقيقة الإيمان لا يمكن أن يكون داخلها محل يصح لحياة موالاة ومعارضة على النسق الغربي المسمى بالديمقراطية ، أو ما هو أبعد من الإيمان بالديمقراطية الغربية ألا وهو الموالاة لأجل الموالاة والمعارضة لأجل المعارضة .
فالمولى عز وجل يصف علاقة المؤمنين بعضهم ببعض يصفها بعلاقة خاصة متميزة لا تـتشابه بأي علاقة أخرى يقول تعالى : (( والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويوتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله أولئك سيرحمهم الله إن الله عزيز حكيم )) .
فإذا وجدنا موالاة لا تأمر بالمعروف ولا تنهى عن المنكر بمعنى أن هذه الموالاة لم ترفع عقيرتها داخل عمل أفرادها أيا كانوا من رئيسها إلى مرؤوسها بفعل المعروف وإنكار المنكر في أي حالة من حالات ما يراه المؤمن بعينه ويدركه بقـلبه داخل وطنه أو في جميع أنحاء العالم الإسلامي ولا يتـكلم طبقا لأوامر ربه ، فإن هذا النوع من المولاة لا يزكيه العمل الرمضاني ولا التوجيهات الإسلامية مهما تنوعت وظهرت في جميع أشكالها فالله يقول للمؤمنين أمرا للـتـنفيذ (( يأيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم أو الوالدين والأقربـين )) .
فعلى الموالاة أن تراجع موالاتها قـبـل أن تـترك الموالاة جبرا عنها كل بمفرده يجادل عن نفسه فينظر أيمن منه فلا يرى إلا ما قدم و ينظر أشأم منه فلا يري إلا ما قدم..الخ الحديث ومن هنا أتوجه أيضا إلى المعارضة إلى هذا الاسم أو هذه الصفة التي لو فتحنا لها جميع قواميس الألفاظ الإسلامية فسوف لا نجد لها أي مادة داخل هذه العقيدة يمكن أن يفهم منها خيرها أو شرها أو يفهم منها دخولها في سلوك الطريق المستقيم ، فالمؤمن لا يمكنه أن يرى في إيمانه من المعارضة إلا إنكار المنكر البـين صفته المنكرة ، وبعد هذا التبـين هناك درجات الإنكار المعروفة عند المسلمين كما وكيفا .
أما خارج هذا الإطار فهو عمل مخلوق للفرد لا يستوي المؤمنون في معرفة مدركه الإسلامي إن كان له مدرك ، ومعلوم أن أي عمل للمؤمن سواء كان مواليا أو معارضا فسيراه الله على حالته التي صدر بها من المؤمن ليميز فيه الخبـيث من الطيب على ضوء الصراط المستقيم المبين في القرآن الذي لا عوج فيه ولا ازورار يقول تعالى:(( وإن تـلووا أو تعرضوا فإن الله كان بما تعملون خبيرا )) .
ويقول تعالى: (( وقـل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون وستردون إلى عالم الغيب والشهادة فيـنـبـئــكم يما كنــتم تعملون )) أي ينـبــئــكم بحقيقة عملكم من عند فكرته إلى إصداره إلى هدفه .
فالمؤمن في الإسلام ينضم إلى أهل الخير ليتعاون معهم على البر والتقوى المعروف معالمهما في الإسلام (( يأيها الذين آمنوا اتـقوا الله وكونوا مع الصادقين))،(( واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه )) ، (( محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم )) وبهذا يتكون الحزب المفلح ((ألا أن حزب الله هم المفلحون)) .
فداخل هذا الإطار فعلى المؤمن أن يدخل ويتضامن ويضحي ولكن إطار الموالاة والمعارضة إذا خرج عن هذا الإطار فعلى المؤمن أن يستـعـد لرؤية عمله هذا مكتوبا أمامه ليقرأه أمام الأشهاد بخيره وشره يقول تعالى : (( وما تكون في شأن وما تـتـلوا منه من قرآن ولا تعملون من عمل إلا كنا عليكم شهودا إذ تفيضون فيه وما يعزب عن ربك من مثـقال ذرة في الأرض ولا في السماء ولا أصغر من ذلك ولا أكبر إلا في كتاب مبــيــن )) .
ولا شك أن للموالاة والمعارضة شأن يفيضون أهله فيه أيما إفاضة ولكن قــلم الملائكة أسرع من ألسنـتهم المتصـلـة بقــلوبهم .
ومن هنا نعود إلى الأجواء الرمضانية وإلى الموالاة والمعارضة لنـناقش جميعا أو يناقش كل فرد مع نفسه هل وجد في هذه الأجواء القرآنية والأحاديث الإيمانية والأفكار الربانية والبحث فيها عن الدين الخالص هل وجد فيها مكانا للموالاة والمعارضة بأقوالها وأفعالها الحالية ما ينسجم مع تـلك التوجيهات الإيمانية الواضحة شبرا بشبر وباعا بباع ، فهل اطمأن المسلم أن يتعايش إيمانه ودينه الخالص مع الموالاة والمعارضة في الدنيا ومع ذلك يجد نتيجة عمله عـند الحصاد في الآخرة مرضية عند الله .
وبعبارة أوضح فإن المسلم إما أن يطيع الله في عمله وهنا يتمنى أن يتـقبـله الله منه ، وإما أن يعصي الله بجهالة فعليه أن يتوب إلى الله من قريب فأين يقع عمله من الموالاة والمعارضة هل هو في خانة الطاعة أو في خانة المعصية فيحمد الله أو يتوب ؟ .
وبناء على هذا السؤال فإني أوضح ما نعـنيه بالموالاة والمعارضة :
فالموالاة أعني بها من يسكت على الباطل لأن الموقف موقف موالاة أو يدحض الحق لأن قائـله من المعارضة وأعنى بالمعارضة من يكتم الحق أو يصم أذنه عنه لأنه صادر من الموالاة فالله يقول للجميع: (( ولا يجرمنكم شنـئان قوم على أن لا تعـدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى )) .
أما مجرد الانتساب للأحزاب بدون قول أو فعـل ما تـتـطلبه الموالاة أو المعارضة من السير في منهجهما التـقـليدي من غمض الناس والتـنابز بخلق الاتهامات المبتورة من أصلها فلا أعنيه في كلمة الإصلاح هذه .
لأن الانتساب للأحزاب والعمل داخلها أشار القرآن إلى نية أصحابها وهم على ثلاثة أصناف ولخصها النبي صلى الله عليه وسلم في حديث واحد .
فالله يقول عن نية المؤمن الحاج (( فمنهم من يقول ربنا آتينا في الدنيا وما له في الآخرة من خلاق )) ومنهم من يقول : (( ربنا آتينا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقـنا عذاب النار )) .
أما الصنف الثالث فهو قوله تعالى : (( ومن أراد الآخرة وسعى لها سعيها وهو مؤمن فأولئك كان سعيهم مشكورا )) .
أما حديث النبي صلى الله عليه وسلم فهو قوله : .
فكذلك الانتساب إلى الأحزاب هو من هذه الأبواب وهذه النوايا فليـنـظر المرء أي نية دخل بها حزبه وتحرك داخله طبقا لتـلك النية .
وإذا أردنا أن نضرب مثلا واضحا لما نراه ونسمعه من كل من الموالاة والمعارضة الذي نخاف عليهما منه في الآخرة هي موالاتهما ومعارضتهما لفعل هذا الرئيس الحالي كل على شاكـلته .
وأود هنا أن أبـين حسب نظري ما فعله الرئيس محمد بن عبد العزيز بعد رئاسته لموريتانيا
أولا: هذا الرئيس قام بانقلاب 2005م وموريتانيا نقول فيها لا دولة ـ ولا ـ هنا نافية للجنس
أي انتهت منها مقومات الدولة وهذه شهادة شاهـد من داخلها ومستعـد لتوضيحها بالبراهين المادية .
ولاشك أنه بعد أخذه للحكم بعد ذلك بما يقرب من ثلاث سنوات وهي على حالتها تقريبا .
عمد إلى مؤسسات مهمة وكثيرة من هذه الدولة وأنبتها نباتا حسنا في زمن وجيز ولكنه أيضا ترك منها مؤسسات مهمة جدا و لم يلـتـفت إليها أبدا حتى الآن .
فأنا أظن أنه لأجل سلوك الطريق المستقيم أن تـقر المعارضة بالانجاز الأول وتـقر الموالاة بعدم الانجاز الأخير .
وبناء على ما سبق من الحقائق الإيمانية وبناء كذلك على ما قرأه أو سمعه كل مسلم في هذه الأجواء الرمضانية فإني أذكر كل من الموالاة والمعارضة بتلك التوجيهات القرآنية التي لم ينزل بها الروح الأمين على قـلب الرسول الأمين صلى الله عليه وسلم لتــتـلى فقط وهي قوله تعالى:(( فاتـقوا الله وأصلحوا ذات بينكم وأطيعوا الله ورسوله إن كنتم مؤمنين)) وقوله تعالى : (( واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قـلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا )) .
وقوله تعالى : (( ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم )) .
والأحسن الذي على الموالاة والمعارضة أن يتدافعاه حتى يصبحا حميمين بعد العداوة هو وجود موريتانيا الآن على وشك تشكيل حكومة بعد ذلك الانتخاب ووجود كل من الموالاة والمعارضة الآن خارجين من الأجواء الرمضانية ،ولاشك أنهما يريان ويسمعان التوجيهات القرآنية الموجهة إليهما جميعا وهي التي سوف يحاسبان عليها بعد خروجهما من الموالاة والمعارضة إلى الاستقلالية الكاملة أمام الله.
إذن فإن أحسن نتيجة يتفق الجميع على توفيق الله لهما إن عملا بها هي أن يدخلا مباشرة في حوار هادف بناء مليء بالنيات الحسنة ويجتمعون فيه بعد الفرقة ويفرقون فيه وظائف تـلك الحكومة على الموالاة والمعارضة على حد سواء وبذلك سيفاجئون المواطنين الموريتانيين والعالم أجمع بروح إيمانية صالحة لتـقبـل التوجيهات القرآنية تحت كل الظروف وبذلك أيضا سوف يظهر من هم أهل الصبر وأهل الحظ العظيم كما قال تعالى :(( وما يلـقها إلا الذين صبروا وما يلـقها إلا ذو حظ عظيم )) .
فالمتأمل للشعب الموريتاني موالاة ومعارضة فسوف لا يجد الفرق الكبير بين أفكار وتصرف هؤلاء وأولئك فالامزجه الوطنية الطبيعية متـقاربة الكل ولله الحمد مسلمون ولباس الكبرياء لا يرضونه جميعا لباسا لهم فمن كان عينه على الدنيا فعليه أن يجعل عينه الأخرى على الآخرة فهي أكبر درجات وأكبر تـفضيلا .
ومن هنا أقول للجميع ما يقوله الناصح المفوض أمره لله ((فستذكرون ما أقول لكم وأفوض أمري إلى الله إن الله بصير بالعباد)) .
وما دمنا أيضا في الأجواء الرمضانية والإسلام يطـلب من كل مسلم النصح لجميع المسلمين فإني سوف أقدم هذا النصح الخاص لرئيس الجمهورية الإسلامية الموريتانية السيد / محمد بن عبد العزيز شفــقة عليه في الآخرة .
السيد الرئيس / إني أخوف ما أخاف عليكم في الآخرة بالرغم من ما أحدثـتم من الدفع بالمؤسسات الإسلامية إلى الأمام هو استدعاؤكم أمام الله وأنتم على منبر الوحدة الإفريقية لعبد الفتاح السيسي عندما ناديتموه بقولكم السيد عبد الفتاح السيسي رئيس جمهورية مصر العربية المنتخب .
أما علمت السيد الرئيس أن ملك الموت عندما ينادي على نفس الظالم ليخرجها من جسدها ينادي لها بأسوأ الأسماء عندها وأنتم ناديتم هذا الرجل بأحب الصفات إليه والمسلم عندما يريد الكلام عليه أن يكون لسانه في الدنيا متصل بقـلبه للآخرة .
وأنتم ناديتموه بصفته المزورة وتركتم صفاته المحققة وهي القاتـل السجان .
فكم ترك هذا الرجل وراءه في مصر من يتامى وأرامل وأمهات ثكلى وأعراض تنـتهك فهذه الجبال من الكبائر التي تسبب فيها السيسي وفي نظره في الدنيا أنها مثـل ذبابة نزلت على أنفه فأشار عليها بـيده فهذا الرجل لم يجز لأي مسلم مصافحته مادام لم يتب من ذلـك .
فقد قام هذا الرجل بقـلب أسافـل شعب مصر من قضاة وإعلاميين وعلمانيـين وفنانين على عاليها من عابدين مخبتين آمرين بالمعروف ناهين عن المنكر وحافظين لحدود الله .
السيد الرئيس / فمادام الله تفضل عليكم بأن وفقكم أنكم ذهبتم إلى المؤتمر الذي أنتم رئيسه ولم تتركوا سجين رأي ولا سياسة في بلدكم ولم تتركوا مقتولا بأوامركم ولا على يد شرطتكم فلماذا خاطبتم ظالما بما يغضب ربكم ؟ أما علمتم أنه إذا مدح الظالم غضب الرب .
والله ذكر في كتابه ما يقولونه أخلاء الظالمين يوم القيامة يقول تعالى (( يا ويلتى ليتـني لم أتخذ فلانا خليلا لقد اضـلـني عن الذكر بعد إذ جاءني )) والذكر الذي جاءكم في هذا الرجل هو قوله تعالى (( ولا تركنوا إلا الذين ظـلموا فتمسكم النار )) .
السيد الرئيس / إننا إذا أخذنا ميزانا إسلاميا وخيرنا مسلما أن يختار أن يكون في مكان الشهيد بإذن الله صدام حسين رحمه الله وهو على المشنقة وآخر كلامه تكرير الشهادتين وهو ذاهب إلى الآخرة أو أن يكون على منبر الوحدة الإفريقية ينادي لظالم مثـل عبد الفتاح السيسي بالرئيس المنتخب لأختار المسلم دون تردد طبقا لميزان الإسلام مكان صدام على المشنقة قادم على ربه بالشهادتين عائشا عيشة راضية إلى ما لا نهاية كما نرجو الله له ذلك عن مكانكم أنتم على المنبر في تـلك الساعة وأنتم تـنادون على فاعـل ما يغضب الله .
السيد الرئيس / إذا تركتم مجاملات أهل الدنيا فيها التي قال فيها المولى عز وجل : (( ذلكم قولهم بأفواههم والله يقول الحق وهو يهدي السبيل)) وفكرتم تفـكيرا إسلاميا تـلقون به ربكم لوجدتم أن أظـلم رئيس مسلم خلقه التاريخ المنظور وأقـله حصافة عقل وأعجبه بنفسه وأبعده من روح الإسلام فهو ذلك الرجل الذي تــكلمتم معه وخاطبتموه بالرئيس المنتخب فجميع إسلامه جعله على لسانه جاعلا بين لسانه وقـلبه سدا لا يسمع منه قوله تعالـــــى (( ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون .........الخ )) .
السيد الرئيس / إن نداءكم لذلك الرجل بالرئيس المنتخب وأنتم رئيس لموريتانيا لم تمـثـلوا فيه أغلبية الشعب الموريتاني قطعا حتى لم تمثـلوا فيه 84% من المسجلين الذين انتخبوكم بل كان مثـل استدعاء الرئيس معاوية لسفير إسرائيل ليرفع راية اليهود فوق أرض موريتانيا بالرغم من بغض شعبها لهذا السفير وما وراءه من اليهود .
السيد الرئيس / إنني أتمنى من صميم قـلبي أن يلهمـكم الله من العمل الصالح بعد ذلك الخطاب ما يكفره كما نرجو من الله أن يجعل خير عمركم وخير عملكم آخره ويختم لنا ولكم بالسعادة الأزلية التي هي الفوز المبين بعد رئاسة الدنيا الخيالية .
يقول تعالى : (( فما متاع الحياة الدنيا في الآخرة إلا قـليل )) .