اجتمع أفراد الأسرة الغزاوية حول مائدة الإفطار المتواضعة بعد يوم شاق من الكد والصوم.. وبدون أدنى إنذار انفجر صاروخ في المكان ليحوله إلى ركام.. وفي نفس اللحظة غص الحاكم العربي الذي يتفرج على الخبر في قناة الجزيرة المدفوعة،
بقطعة من ثروة البلد المشوية المطروحة بين يديه.. تناول كأسا من الماء المعدني الذهبي، تردد قليلا قبل أن يرمي بمحتواها في قرار مكين.. راوده خاطر مفزع: ماذا لو وضع أحد المتسللين إلى القصر السم فيها؟! وفي نفس اللحظة انبعث في صدور المتفرجين دعاء خالص: "اللهم أرحنا من هذا الحاكم الجبان"..
لعلي لم أبالغ في التمثيل لشراسة العدو الإسرائيلي، أو العدو الحاكم الذي لا يهتم بغير منافع بطنه و.. إن المتفرج اليوم – في رمضان- على ما يجري في غزة ليدرك بجلاء أن شر اليهود يتمادى ليبلغ ذروته – وفي ذلك هلاكهم إن شاء الله- ، خصوصا في ظل العجز الإسلامي عن مد يد العون إلى إخوتهم في الدين! وذلك أوجب الواجبات عند من يعرف أسس هذا الدين!!
وما الذي كان يقيم أركان الدولة الإسلامية أكثر من الجهاد ونصرة الموحدين المظلومين؟ والأمثلة من التاريخ الإسلامي كثيرة..
اليوم أصبحت الأمور بالمقلوب، الجهاد فرغ من معناه، بل حُول إلى إرهاب، وتم اختزاله في قاعدة الجهلة الخوارج، الذين يدافعون عن الدين بغير ما أمرهم به، كما فعل جدهم ذو الخويصرة من قبل..
أصبحت موالاة الكفار بضاعة رائجة يتاجر فيها كل جاهل وباحث عن مصالحه الدنيوية المبنية على الفجور والثقافة الغربية الرعناء (بلا مبالغة)، قال تعالى مبينا صفة المنافقين: " بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا* الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا" (النساء 138-139)، بشرهم بأسوأ بشارة وهي العذاب الأليم (جاء في تفسير الشيخ السعدي: فالمنافقين ساء ظنهم بالله وضعف يقينهم بنصر الله لعباده المؤمنين، ولحظوا بعض الأسباب التي عند الكافرين، وقصر نظرهم عمّا وراء ذلك، فاتخذوا الكافرين أولياء يتعززون بهم ويستنصرون. والحال أن العزة لله جميعا.. والعاقبة والاستقرار للمؤمنين، وفي هذه الآية الترهيب العظيم من موالاة الكافرين؛ وترك موالاة المؤمنين، وأن ذلك من صفات المنافقين، وأن الإيمان يقتضي محبة المؤمنين وموالاتهم، وبغض الكافرين وعداوتهم) انتهى.
وقال تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَتُرِيدُونَ أَنْ تَجْعَلُوا لِلَّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا مُبِينًا" (النساء – 144).
جاء في تفسير السعدي: (لما ذكر أن من صفات المنافقين اتخاذ الكافرين أولياء من دون المؤمنين، نهى عباده المؤمنين أن يتصفوا بهذه الحالة القبيحة، وأن يشابهوا المنافقين، فإن ذلك موجب لأن "تَجْعَلُوا لِلَّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا مُّبِينًا" أي: حجة واضحة على عقوبتكم، فإنه قد أنذرنا وحذرنا منها، وأخبرنا بما فيها من المفاسد، فسلوكها بعد هذا موجِب للعقاب) انتهى. وتأمل في عقابنا اليوم.
إن صولة أعداء الإسلام علينا عظيمة تكاد تذهب بريحنا إن لم يتداركنا الله تعالى برحمته. والنقاش اليوم أصبح حول ربوبية شيخ الطريقة، أو إمامة الإمام الهارب (إن لم يكن هؤلاء هم الأنداد فمن هم)، أو جواز الحجاب، أو سياقة المرأة، أو المساواة بين الذكر والأنثى في الميراث ومقاعد البرلمان!!
يولد المسلم اليوم في البلد العربي – إلا ما رحم ربي- فيرمي به في مدارس المناهج الغربية التي كان أحرى بها أن تسمى مدارس الإلحاد والعلمانية (والعلمانية منتصرة على نصرانيتهم ظاهريا، أما المحرك الأساسي لشرهم فهو دينهم)، تلك المدارس التي تدرس أبنائنا لغة الأعاجم، وتعلمهم طريقة تقبيل نسائهم، وتجندهم ليكونوا شوكة في حلق أخلاقهم ودينهم ومآلهم المتنعم..
فإذا تخرج من الجامعة تلقفته أيادي العلمانية والإلحاد بسبب الأسئلة الفطرية التي تدور في خلد كل أحد حول حقيقة الكون والخالق والرسل والجنة والنار، والتي لا جواب لها بعيدا عن الدين، وأين الدين من شهادة جامعية بادر إلى تحصيلها وأفنى شبابه فيها، فهو أعلم بالماركتينغ، والفلسفة، والنظريات الماركسية والديكارتية والنيوتينية من دينه..
وكما كانت أيادي المخرفين من أصحاب الطرق الضالة تتلقف بسطاء الناس من الجهلة والعوام وتغرهم ببعض الألاعيب الشيطانية كإيهامهم بقدرة الشيخ على إنزال المطر، وشفاء المرضى ببركته الوهمية (وأين البركة في أجواء الضلال؟)، أصبحت العلمانية والإلحاد اليوم طريقة المتعلمين الجدد الذين أقل ما نرى منهم هو تواطؤهم المخزي على الفتك بإخوتهم في الإسلام بنفس الحجة والذريعة التي يشيعها أعدائهم عنهم!! فهم متفقون معهم في أن الشعب الفلسطيني والسوري والعراقي، شعب إرهابي...
ولا يتحرك الغرب إلا إذا كان في تحركه خسارة للمسلمين، وانظر إلى سعيهم لضرب شعب العراق الثائر متبعين في ذلك أسلوب الكذب المفضوح، كما لفقوا من قبل لدخول العراق، يقولون داعش داعش، وهي صنيعتهم، خيب الله مساعيهم..
يتحركون لتحقيق أهداف المعتوهة إسرائيل، ونصرتها على من يتعرض لظلمها ليل نهار، أذلهم الله وإياها وكل من يدور في فلكهم من أشباه المسلمين، يشترطون للظالم ويتركون المظلوم، فالظالم في منطقهم العجيب يجب أن يعان على ظلمه، أما المظلوم فعليه السكوت وإلا صُنف من داعش والإرهاب، لعنهم الله..
وتتحرك أذرعة الأخطبوط الأمريكي التي أصبحت معروفة رغم التزييف والأكاذيب، لتحقيق الآمال الأمريكية والإسرائيلية، فحكومة مصر تحتضن الفكرة الشيطانية القائمة على نزع سلاح المظلومين الذين لا حق لهم في الحياة قي نظر المجرمين وأتباعهم..
وينكشف العملاء أكثر فأكثر، فكل من ساهم في هذا المسعى فهو عميل، كما انكشفت إيران وحزب اللات، في حرب سورية والعراق، وظهر للعالم كله أنهما وأمريكا وإسرائيل جبهة واحدة ضد المسلمين، وإذا لم يكن المسلمون أهل السنة والجماعة فمن هم؟
المسلمون اليوم (الطائفة الموحدة) مستهدفون من طرف سدنة الحضارة الغربية الظالمة الذين يحكمون معبد الشهوات والشبهات، وأتباعهم كالعدو الإسرائيلي، والروسي، والإيراني، وغيرهما من أهل البعد لا قربهم الله..
قتل المسلمين اليوم أصبح مقربة يتقرب بها هؤلاء الشياطين إلى سيدهم إبليس، ولا توجد أمة اليوم على وجه الأرض مستهدفة من قبل الأبالسة أكثر من الأمة الإسلامية، وأنظر حولك في كل الإتجاهات، ولن ترى سوى الفتك بالمسلمين، ميانمار، ووسط إفريقيا، وسوريا، والعراق، وأفغانستان، واليمن، والهند، وحتى منطقتنا - شمال إفريقيا- لم تسلم لأن فيها مساجد يعبد فيها الله عز وجل وحده، فهي الحلقة القادمة في مسلسل تخريب البلدان الإسلامية، فالأفاعي الفرنسية والأمريكية تزحف فيها اليوم مصدرة فحيحا مقززا لكل من يتابعها من غير العملاء، وهي نذير شؤم كالمقنعين الذين تزعم أنها تحاربهم، والذين قد يكونون من صنع مخابراتهم ليظلموا بهم المسلمين ويشوهوا دينهم في أنظار مواطنيهم، لأن الإسلام لا يسفك دماء الأبرياء، ولا يفعل ذلك إلا عميل أو جاهل في حاجة إلى إعادة النظر في عقليته المقززة..
فهذه الأفاعي تمثل تهديدا لأمن المنطقة كلها، أكثر من تهديد القاعدة والجدار، وإني لأعجب من رئيس عاقل يوافق على تواجدهم بجواره، ألم يسمع بغدرهم، فهم لا يتبعون غير مصالحهم الأنانية، والأحمق من يقربهم من كرسيه مهما كانت الإغراءات، ففي قربهم من الشر أكثر مما فيه من الخير، وتكفي طائرة واحدة من طائراتهم لغزو بلدنا المسكين، لكننا نؤمن بأننا أقوى منهم (مفارقة أليس كذلك!).
إن هؤلاء المرتزقة القتلة يخططون لأمر ما في هذه المنطقة من إفريقيا، لكن يمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين، كفانا الله وإياكم شرهم..
إن الألم والدموع هما الثمن الذي يدفعه المسلمون اليوم في العالم لإيمانهم بالرسالة المحمدية الخالدة، حسدا وأذية من محرك الشر الأكبر: الشيطان، وفي هذا دليل على أننا على الحق إذ لو لم يكن الأمر كذلك لما جند ابليس أمريكا وإيران وفرنسا لهز أركاننا الثابتة المبنية على الإيمان والجها (بعيدا عن سوء فهم الدين الذي سأتحدث عنه باستفاضة فيما يلي)، وقل لي بالله عليك أين يُحارِب إبليس في غير بلداننا التي لم تعد آمنة؟
وهذا هو التفسير الوحيد للتصرفات الخسيسة التي يقوم بها بعض من يزعمون أنهم قادة الحضارة البشرية الراقية ممن يعدلون مع الكلاب والقطط، ويعجزون عن إنصاف بشر مثلهم يدعونهم إلى مقارعة الحجة بالحجة لا غير!..
ألا تبا لهم ولكل من أعجبته حضارتهم التافهة إلى درجة تبرير دينه وطريقة حياته الموروثة من أشرف الخلق عليه الصلاة والسلام بسقطاتها (يستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير)..
ألا سحقا للعلماني وأخوه الضال الآخر، ألا يفهمان؟ دينهم له مرجع محفوظ من الدس والتدليس هو القرآن الكريم، ليرجعوا إليه إذا حيرتهم الأكاذيب والشياطين التي تؤزهم أزا، ففيه كل شيء، من رد الشبهات والشهوات إلى وجوب نصرة الأهل في غزة..
إن الكيد للدول الإسلامية بدأ منذ عهود بعيدة، وذلك أمر طبيعي كما قلت من قبل، فالشيطان لن يدعنا نرتاح ما استطاع، لكن نجاحه في إبعادنا عن ديننا وصل إلى مداه في هذا العُصير الحالي، خصوصا بعد اختراع مرتزقة الغرب للبارود، والهجوم على الشعوب المتخلفة الآمنة التي هي أعظم حضارة منهم بدليل عدم انتهاجها الفتك والظلم، ونهب الثروات، والتدخل في شؤون الدين كما يفعلون، فالمتخلفون أشرف منهم، فهم يدعون إلى الحق (عبادة الله وحده) لا عبادة الشيطان، ويحثون على معالي الأخلاق لا الرذائل والوضاعة..
ملاحظة: لو كان دينهم صحيحا لعقدوا المناظرات بين علمائهم وعلمائنا (وأهل البدع مثلهم) مستغلين آلتهم الإعلامية الجبارة التي تتابع كل شاردة وواردة، لكن الحق لا يقف بجانبهم لذا يعتمون على التعتيم كما يفعل كل أهل البدع، وتلك علامة الضلال والبعد كما سيأ ذتي..
بعد سقوط الدولة العثمانية تفككت البقعة الإسلامية إلى دويلات، وتم زرع العملاء في مراكز التحكم كالحكم وغيره ليتسنى للمرتزقة مواصلة النهب من بعيد دون بذل أدنى تكلفة (لا من المال ولا من الأرواح التي تزهقها المقاومة)، وهذا هو الحاصل حتى اليوم، ومخطئ من صدق أكذوبة الإستقلال، فالإستعمار باق بيننا، يتحكم فينا من خلال حكامنا، ودبلوماسيته الكاذبة، ولو كان حكامنا أحرارا لأنسحبوا من مجلس الخوف (الأمن)، ولعملوا على بناء أمتهم أكثر من بناء بطونهم، لا أشبع الله الضال منهم..
وعلى مدى أكثر من قرن من الزمان، تتالى علينا هؤلاء المهرجون البؤساء، أصحاب الزعامات الزائفة الذين لا ندرك مدى سخافتهم إلا يوم يريحنا عزرائيل - أو الإنقلاب – منهم.
جلبوا لنا مناهجا لا تتماشى مع أسسنا الإسلامية كنظام التعليم الغربي الذي يصل الطفل فيه إلى مستوى الباكالوريا وهو لا يعرف طريقة الوضوء!
وكالقومية التافهة (التي تغفل أنه لا فرق بين يهودي وعربي إلا بالتقوى)، وكالعلمانية السخيفة التي أقل ما يقال عن أهلها أنهم أخبر بفلاسفة أوروبا الأغبياء من علماء الإسلام، وشتان ما بين الصنفين، فواحد يأخذ من الهوى وزجاجة الخمر وقعر الزنا، والآخر يأخذ من القرآن وسيرة أفضل خلق الله.. فمثلا: لا يعترف كبار مفكريهم بالأخلاق، يقولون أن الإنسان يولد خيرا أو شريرا ولا يمكنه التغير ومعاكسة طبعه! يريدون بذلك رد إرسال الرسل الذين يغيروا الناس إلى الأفضل، فهل بربك يقول مثل هذا القول عاقل في وعيه؟
ثم ها هو الغرب اليوم بعد أن أكل ثرواتنا، يسعى إلى تفكيك دويلاتنا إلى دويلات أصغر وأصغر ليسهل التهامها أكثر وأكثر (سوريا، والعراق وربما بلدنا، في طريقها إلى التقسيم، من يدري فهم أقرب إلينا من حبل الوريد، أبعدهم الله)، ولتتقوى الجرثومة المسماة إسرائيل التي لو صدقوا لتركوا بينها وبين المضاد الحيوي الإسلامي ليريح العالم من شرها، ألا تبا لهم ما أظلمهم، ألا يشبعون، ألا يقنعون بحضارتهم المتفسخة المتمايلة التي يفجرون بها في كل صباح ومساء، ويدعونا وشأننا؟
إن أهم مشكل يواجهنا اليوم هو أنفسنا، لابد من عودتنا إلى الحق وترك كل ما سواه من الباطل (تصوف، تشيع، تعلمن، والحاد) فالحق أبلج، والدين أوامر نواهي، فإذا كان الأمر والنهي من رب العالمين فلا مجال للرأي فيه، ولا للسفسطة ولا للتخريف والهذيان..
أمثلة:
أمرنا الله تعالى بعدم اتخاذ الكافرين أولياء من دون المؤمنين، وحذرنا من فعل ذلك، ومع هذا انظر حولك تجد منا من يواليهم أكثر من موالاته لنبيه عليه الصلاة والسلام، وهذا واقع لا يمكن إنكاره..
وأمرنا الله تعالى بعدم دعاء غير الله فيما لا يقدر عليه إلا الله، كدعاء الشيوخ لشفاء المرضى، وحصول الرزق، ورغم ذلك ترى الكثير من المخرفين يعتقدون في شيوخهم من القدرات ما لا يجوز فيهم لا عقلا وشرعا، فهم بشر كانوا في أحضان أمهاتهم وصاروا اليوم ركاما في قبورهم! وسيوقفون بين يدي ربهم، وقد لا يؤذن لهم فيتكلمون إن كان ما جاؤوا به وحي الشيطان، فأدلة أكثرهم مبنية على الرؤى والمنامات والمزاعم الفارغة التي لا شاهد لها غير قائلها والمقربين منه من اتباعه (وهذه الأصول ليست من مصادر الدين بل من مصادر الضلال)..
لقد أمضى المسلمون قرونا طويلا ليضعوا قواعدا لدينهم تحميه من الدس والغش، ورغم ذلك نجح بعض الأبالسة في اختلاق أديان كثيرة (72 دين، كلها في النار) بالزيادة والنقصان في الدين (وهو مفهوم البدعة)، ومن أجل المحافظة على ولاء أتباعهم اتبعوا طريقتين:
الأولى: الإنغلاق على النفس والباطل والأتباع، فتراهم لا يناظرون خصومهم، ويحذرون أتباعهم من سوء الخاتمة المترتبة بزعمهم على الإستماع إليهم، أو الإهتمام العلمي بما لديهم! وهذا ظلم للدين قبل أن يكون للأولئك الأتباع المساكين، لأن كل ما في الدين يناقش بالعقل والدليل العلمي الواضح، فلا أسرار فيه، ولا خوارق يفهمها البعض دون البعض، ولا معاداة سخيفة بسببه كتلك التي بين الوهابية والصوفية أو الوهابية والشيعة!
بل الدين واضح جلي (كالمحجة البيضاء)، معروفة طرقه بدليل من الكتاب والسنة وعمل المقربين من النبي صلى الله عليه وسلم ومن اتبعهم بإحسان، فمن أراد النجاة فليحطم حاجز الشيطان، وليسأل وليبحث عن الحق، أين هو؟ كيف هو؟ وليدع الله أن يوفقه إليه، وفي انفتاحه على غيره خير، فهو إما هاديا له إن كان مصيبا، أو منتفعا منه إن كان مخطئا، فلا انغلاق على النفس في الإسلام، لأن صاحب الحق لا يكتمه ولا يحوله إلى سر مصان (فذلك ضد مبدأ الجهر بالدعوة)، والإنغلاق على النفس فكرة شيطانية الهدف منها حماية الباطل، وهو سبب استمرار التشيع والتصوف الكاذب حتى اليوم إذ لا حجة لهما.
الثانية: وهي تابعة للأولى، تعليم التابعين لهم الكذب، بحجة أن ذلك تقية، فترى المبتدع مشفر القلب، نسي هو نفسه كلمة سر قلبه، متخفيا وراء قناع الخداع، كمن يخشى ضبطه متلبسا بجرم البدعة، غير صادق الحديث، ولا المحبة، كأنك وإياه من دينين متناحرين! وهذا خطأ كبير لأن المسلم لا يكذب، ولا ينافق، ولا يسب أخاه المسلم، ولا يكتم الدين، والمشكل الموجود، موجود بين توجهاتهما لا بين أشخاصهما، وكل من يستحق الإعتراض والنقد يجب نقده والإعتراض عليه بالحسنى، وإن كان صحابيا، فما بالك بشيخ من شيوخ آخر الزمان؟!
إن قصص المآسي التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني اليوم كثيرة، وعجيبة، والكفار وأزلامهم اليهود يضربونهم ببراميل المتفجرات كما لو كانوا يدكون جمادا! والغرب المتحضر يبارك هذا القتل كما لو كان أمرا طبيعيا، يقولون: للعاهرة إسرائيل الحق في الدفاع عن شرفها!
نعم، وللمتعرضين لظلمها الحق في الدفاع عن أنفسهم، فخلوا بين الطرفين المتنازعين إن كنتم منصفين، وأقسم لكم أن غزة وحدها بربع ربع سلاح جيش الجبن الإسرائيلي تستطيع هزيمته، ولا تحتاج لمساعدة لا مصر ولا موريتانيا العظمى، فالجيش الذي يقتل الناس والأطفال لا يمكنه بأي حال من الأحوال أن يكون فيه رجال، بل هي كذبة اختلقها الإعلام المدسوس، لتمديد عمر تلك البلية اليهودية، لكن المسلمين كلهم يدركون اليوم أنهم يتعاملون مع أحفاد الجبناء الذين سلموا أنفسهم للقتل طواعية في فترة النبوة، فرارا من القتال!
والمضحك أن أحد جنرالاتهم وجه عبر إعلامهم رسالة إلى شعبه الجبان يحثه فيه على عدم السكن في الملاجئ بعد الغارات الفلسطينية لكي لا يأخذ العالم عنهم صورة جبانة مخزية، والجبن هو الحقيقة التي ستكون سبب انقراضهم إن شاء الله، كلما أصاب صاروخ من حماس جدار أحدهم جن جنونه من الهلع والرعب، وأدخل مستشفى الأمراض العصبية والخساسة، وهو نفس ما حدث للجنود الأمريكان الذين جن بعضهم أو تشوه عقله بسبب مشاركته في الحرب في العراق (من الخمارة إلى ساحة الوغى!)، وهذه حقيقة يظهرها إعلامهم اليوم بدون حياء..
إن الذي يقاتل اليوم عن هؤلاء الجبناء هو طائراتهم وصواريخهم، ونحن – للأسف- بدل بناء ترسانة حربية رادعة – ونحن في بؤرة العدوان بسبب إسلامنا المحارب من قبل قوى الشيطان - انشغلنا بهز الغواني وتضخيم بطون حكامنا الشرهين، ومشايخنا المخرفين، وتفكيك أسس ديننا بالبدع والتعليم الغربي الفاحش، وغير ذلك من مضادات الإيمان والعزة..
لكن، حتى لا تحترق قلوبنا كمدا، لنعلم أن كل ما يجري اليوم من ابتلاءات هو بسبب ما كسبت أيدينا من ذنوب وضلالات، فلنستغفر الله ونسارع إلى الرجوع إليه، وكلما كانت العودة إلى الدين أسرع كلما كان النصر أقرب، ولا يكمن الحل في الطيش والحدة والفتك بالناس مهما كانوا، كما يفعل بعض المنتمين إلى القاعدة وأمثالها، فذلك ليس حلا بل تعقيدا للأمور ومعصية كبرى قد يكون مآلها غضب الله ولعنته والعذاب العظيم الذي وعد الله به كل قاتل نفس بريئة عن عمد..
وفي نفس الوقت لا فائدة من الخروج إلى الشارع ضد الحكام التافهين، فهم لم يكونوا أبدا شيئا ولن يكونوا، الأمر بيد الله عز وجل، لا يعجزه قبض أرواحهم كلهم جميعا في لحظة واحدة، وإراحتنا منهم، لكن (كما تكونون يول عليكم) فلنكن صالحين بالمعنى الحقيقي لا المجازي، عندها ستتحرر القدس، وما ذلك بمعجز لله عز وجل..
إذن كما لاحظت في هذا المقال الذي قد لا يعجب الكثيرين، حاولت التعبير عن رأيي في الأسباب الجوهرية للذل والمهانة التي نعيشها اليوم كمسلمين، فلخصتها في مسألتين:
الأولى: الخلل العقدي، ومثلت لذلك بالبدع في شر أنواعها، أي في قمة ضلال أصحابها وإشراكهم بالله تعالى، ولا يعني ذلك أنه لا يوجد من أهل البدع من هو قريب من السلامة متخففا منها.
الثانية: الخلل في الإرتباط بالدين، ومثلت له بعدم أخذ الدين بقوة، وهو حال المتعمدين تجاهله، المقدمين لما سواه عليه، كالتجارة واللعب واللهو، كأهل المعصية، وعدم التمسك بالعبادات، وتناولت كمثال لهم طرفهم القصي، وهم العلمانيون والملحدون (قللهم الله)..
فهذين النوعين لا ينصران دينا ولا يعيدان مجدا، وتاريخ طوائفهم يشهد بذلك، بل هما سبب كل ذل وصغار يصيب المسلمين، فكلما تكاثروا تكاثر الذبح فينا من قِبل الأعداء..
لكن قد يعترض البعض بقوله: حماس نفسها من الإخوان الديمقراطيين! وحزب اللات من الشيعة! وصلاح الدين كان صوفيا! والدولة الكذا كانت كذا! ومع ذلك منّ الله على الجميع بشرف الدفاع عن الإسلام، والنصر والعزة، فما تبريرك لذلك يا مؤذي؟
فأقول بعجالة لأن هذا المقطع يتطلب مقالا مستقلا: إن من سنة الله تعالى أن جعل المجتمعات مختلطة، وحتى المجتمع النبوي لم يسلم من وجود الكفرة والعصاة فيه، فكيف بغيره، فإذا رأيت صاحب بدعة انتصر في الإسلام فاعلم أن ذلك قد يكون لسببين – في رأيي، لم أراجع أقوال أهل العلم بعد، والله أعلم:
الأول: أن تكون بدعته خفيفة، والله ينجيه منها إن شاء، فهذا جرمه أقل وأخف، وليس من العدل أخذ غيره بجريرته..
الثاني: أن تكون عامة المجتمع الإسلامي المحيط به على خير، فلا يضرهم تحكمه فيهم، ولا يؤخر نصرهم قيادته لهم، فيفتح الله عليهم في وجوده..
أما حزب اللات (وليس حزب الله وأنّى له، هيهات) فلا يقاوم غير المسلمين، وهو وأمريكا وإسرائيل وإيران وجوه عدة لعملة واحدة تصرف لسفك دماء المسلمين..