البيعية الثانية / محمد عبد الرحمن الحسن

هل  ستكون الخمس السنوات القادمة هي  أطول سنوات في الزمن  بالنسبة للمعارضة ؟
و ماذا عن جلالته هل ستكون خمس طوال ؟

و ماذا عن الشعب ؟
بالنسبة لي لم أتبنى يوما فكر المعارضة ، و لم يسبق أن كنت رئيسا ، لكن - ويقينا – بالنسبة للشعب ستكون مجرد خمس سنوات عادية ، مليئة بالحيرة ،  فالشعب لا يفقه ما يحصل ،  لا يميز من على الحق و من على الباطل .
و من منظورنا نحن الشعب أي شخص يطلب السلطة فحتما لديه مآرب أخرى غير خدمة الشعب ، لأن خدمة الشعب متعبة مملة ، كذلك أيضا أي شخص يكرس نفسه لتفنيد أقوال و أفعال الحاكم فهو إما شخص يريد السلطة لنفسه ، ليستغلها أو هو شخص ليس لديه ما يفعله فقرر أن يكون مقلقا للراحة ، فنحن الشعب لا نستفيد من المعارض إلا  الإرهاب ، فهو يصور لنا أننا على شفير الهلاك لو ظل الوضع على ما هو عليه ، بينما الحقيقة أن الوضع يبقى على ما هو عليه ، و لا  شيء يتغير !  .
أي يكن الوضع  فنحن الشعب ، معظم الشعب لا نعقل حقيقته .
أيام فقط تفصلنا عن البيعة الثانية  لجلالته ، و لا ننسى أن المعارضة غير معنية بهذه البيعة  ، حيث أخذت استراحة محارب في الاستحقاقات الماضية ، مدخرة بذلك أموالها و خطاباتها و طاقة مناضليها ، و حسن فعلت .
و بالنسبة لي جلالته يستحق بيعة ثانية لأنه  كرس نفسه لمحاربة أكثر أمراض العالم الثالث (محاربة الفساد ) رغم أن طريقته لمحاربة هذه الظاهرة الطبيعية لم تكن المثلى ، لأن القضاء على الفساد لا يتم باستئصال الأشخاص فقط ، بل ببناء فكر إصلاحي يكون موازيا للفساد ، لأن الفساد فكر و ممارسة .
و بمناسبة الحديث عن ظاهرة الفساد لن أنسى أن أخبرك عزيزي الشعب ، بحقيقة  الفساد ، فالفساد ظاهرة طبيعية في دول العالم الثالث تماما مثل الفقر ، و أنا و أنت عزيزي الشعب ندرك بأنك فقير جدا  ، و مثل البطالة و أنا و أنت عزيزي الشعب نعلم   أنك تمتهن  البطالة  عملا ، و مثل الجهل و أنا و أنت عزيزي الشعب نعلم بأنك أمي لا تقرأ و لا  تكتب .
و كل هذه الكوارث حدثت لك عزيزي الشعب لسبب بسيط هو أنك  لم تمهد لقيام دولة ، بل استيقظت يوما فإذا بك تعيش في إطار غريب يسمى الدولة ، لذا فكل ما تحتاجه ليصير وضعك أحسن هو المزيد من الوقت و صدام الإيديولوجيات المدنية الحضرية ، و بعدها ستقوم الدولة المدنية ، و سيذكر المؤرخون في كتبهم أن ما نسيمه الآن ديمقراطية و حكم رشيد و دولة مدنية كان إرهاصات متقدمة لقيام الدولة المدنية .
نحن الآن بمنظور الأجيال القادمة مخطئون في تقييم وضعنا ، و السبب في ذلك أننا ولدنا في البدو وهم ولدوا في المدينة ، أنهم تعلموا و نحن لم نفعل .
جلالته بمناسبة بيعتك الثانية أبايعك و أخبرك بأني أحبك لأنه في دول العالم الثالث المفروض في الشعب أن يعتنق حب الحاكم و إلا كان غريب الأطوار  ، و أوصيك خيرا بهذا الوطن الذي لا نملك غيره .

25. يوليو 2014 - 18:02

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا