هل نحن مع الاستبداد والطغيان والفساد والضياع وعودة الحكم السابق في شخص رأس أو ذنب، أم نحن مع العدالة والديمقراطية الموعودتين، ومع التغيير الذي طالما حلمنا به، وكافحنا من أجله؟
سؤال يطرح نفسه بإلحاح، وقد مرت ثلاثة أسابيع على بزوغ أمل الانعتاق الذي داعب بلادنا، دون أن يصدر عن قواها الحية رد حاسم يضع حدا فاصلا بين الماضي والحاضر، ويرسم الخطوط الحمراء التي لا يمكن تجاوزها بحال من الأحوال، ويقطع طريق العودة على العابثين بمصير وطننا في الداخل والخارج.. وما أكثرهم!
* المجلس العسكري للعدالة والديمقراطية بتر رأس النظام الفاسد وحيد بعض أعوانه العسكريين دون إراقة دماء، وفتح طريق العدالة والديمقراطية، وهذا إنجاز تاريخي عظيم ندين له به ونشكره عليه؛ لكنه لم يتقدم بعد بخطوات أخرى في الاتجاه الصحيح، ولم يرسل ما يكفي من الإشارات لتحديد هويته الإصلاحية، وتوضيح مراميه:
* الحكومة التي جاء بها تتشكل - في غالبيتها- من الحزب الجمهوري المسؤول عن خراب البلاد، وبعض أفرادها مجهولون، وبعض آخر لا ينعقد الإجماع على ملاءمته لهذه المرحلة.
* السجن لا يزال يغص بعشرات الأئمة والدعاة والشباب المظلومين الذين قدموا قربانا على مذبح آلهة الحرب على "الإرهاب"! ناهيك عن عشرات الضباط الشجعان الذين لهم شرف الضربة الأولى التي زعزعت الصنم، والذين حرموا منذ ستة أشهر من الاتصال بمحاميهم ومن زيارة ذويهم.
* الجلادون وأركان الفساد لا يزالون في حصونهم المنيعة لم يتزحزحوا ولم يساءلوا.
* الأحزاب والقوى الوطنية الأخرى لا تزال مشلولة، تحت تأثير المفاجأة، لا تحرك ساكنا؛ إما لأنها لم تصدق بعد ما جرى. وإما لأنها منهمكة في تحضير نفسها للحصول على نصيب الأسد من غنيمة لم يتأكد سقوطها بعد! لحد أن بعض قادة تلك الأحزاب أعلن ترشحه سلفا لرئاسة الجمهورية!
فما هو المطلوب إذن؟
المطلوب أن يعي الجميع أن حفظ الموجود، وحماية المكاسب التي تحققت، والدفاع عنها وتطويرها، هي المهمة التاريخية الواجب عليهم الاضطلاع بها.
فليخطُ المجلس العسكري خطوات إلى الأمام تقربه من ملامسة أحاسيس الشعب وتمكنه من تحديد طبيعة العمل الذي ينوي القيام به.
ولتهب كافة الأحزاب والقوى الوطنية الأخرى للدفاع عن مكاسبنا الوطنية، ومنع عجلة التاريخ من التقهقر.. حتى لا نركع مرة أخرى.