إلى الشباب الأعلى.../ محمد عبد الرحمن الحسن

يقول الإمام الحسن البنا في رسائله . . .
إنما تنجح الفكرة إذا قوي الإيمان بها، وتوفر الإخلاص في سبيلها، وازدادت الحماسة لها، ووجد الاستعداد الذي يحمل على التضحية والعمل لتحقيقها.

وتكاد تكون هذه الأركان الأربعة: الإيمان، والإخلاص، والحماسة، والعمل من خصائص الشباب.

لان أساس الإيمان القلب الذكي، وأساس الإخلاص الفؤاد النقي، وأساس الحماسة الشعور القوي، وأساس العمل العزم الفتي، وهذه كلها لا تكون إلا للشباب. ومن هنا كان الشباب قديما و حديثا في كل أمة عماد نهضتها، وفي كل نهضة سر قوتها، وفي كل فكرة حامل رايتها "إنهم فتية آمنوا بربهم وزدناهم هدى " الكهف .

   و بما أن  ذاكرة الدائن دائماً أقوى من ذاكرة المَدين  كما  يقول  بنجامين فرانكلين فإننا لن ننسى وعد جلالته للشباب بإنشاء مجلس أعلى للشباب ، ذلك المجلس  الذي  جدد  حيرتي في الشعب الموريتاني ، فأحيانا  أحس  بأن هذا الشعب أكبر من سنه بكثير ، و أحايين أخرى أحس بأنه  صبي مشاكس  يحسن التقليد شكليا أما من ناحية الجوهر فإنه  يظل دوما ذلك الصبي الذي يقول أشياء لا يعيى ماهيتها مثل :  الديمقراطية و الانتخابات  و  الحكم الرشيد  و الحوار  و أخير المجلس الأعلى للشباب .

المجلس الأعلى للشباب .. و ماذا بعد ؟

في البداية من الخطإ  القول بأن هذا المجلس سيمثل جميع الشباب الموريتاني ، لأن الشباب  التابع للأحزاب المعارضة لن يعترف بهذا المجلس أبدا ، و هذا من حقه طبعا .
و من الجدير بالذكر أن المعارضة في موريتانيا تعني الإقصاء  ،  ليس هذا فقط في زمن حكم جلالته بل في كل الحقب ، فالسياسة في كثير من الأحيان تكون  فن منع الناس من التدخل فيما يخصهم كما يقول بول فاليري .

عارض تنبذ ، تقصى ..

إن جل مشاكل الدولة الموريتانية  سببها أنها حين قيام الدولة لم تكن الظروف التي قامت فيها مناسبة ، حيث الدولة يجب أن تكون تراكم مدني حضري ، و ليست قرارا كما حصل في حالتنا ، حيث قرر إنشاء الدولة مع أقل مقومات الدولة ، و لكن ماذا قد يستفيد الشباب الأعلى من هذا ؟

يستفاد من هذا أن غياب المقومات و انعدام التناسب بين الفكرة و الواقع يؤدي بالضرورة إلى الفشل  ،  فهل الشباب الموريتاني يملك من المقومات ما يجعله أهلا  لتحمل  مسؤولية وطنه ؟

لا شك أن بعض الشباب الموريتاني واصل تعليمه حتى مراحل عليا مما يجعله  أهلا للمساهمة في تقدم وطنه ، و رغم أن  غالبيته غير متعلم ،  و الجهل كما يقول روبرت براوننغ ليس براءة ، بل خطيئة.

  لكننا في هذا الإطار لا  نبحث عن درجات علمية متقدمة فقط ، بل عن مبادئ و قيم رفيعة و أعلم جيدا أن الوطن لا يحب بالجهل و لا يبنى بالجهل ، و لكن وجود قيم و مقاصد نبيلة لا غنى عنه في هذا الخصوص ، و من هنا أشير إلى أن روح الوطنية منعدمة عند جل الشباب ، فسنوات القطيعة بين موريتانيا و شبابها أثرت سلبا على العلاقة الولائية بين الشباب و الدولة .

و إذا كانت  الديمقراطية كما يقولون هي نتاج صدام الإيديولوجيات ، فإن الخلاف كذلك هو صدام الإيديولوجيات و من هنا أقول بأن بوادر الخلاف لاحت منذ الآن في آفاق المجلس الأعلى للشباب .

البعض يتهم البعض باختطاف المجلس الأعلى للشباب . .  .

أخبرونا قديما أن العسكر اختطفوا الدولة المدنية منذ هي طفلة حتى اليوم ، و لكن حين بحثت في الأمر ، و جدت أن هذه  الطفلة كانت تائهة و كان يمكنها أن ترحل مع أي شخص بدون خطف ، و الحمد لله أنها اختطفت – كما يقولون – من قبل العسكر و إلا كنا الآن نعيش في ظل نظام العشائر القديم ، حيث الغلبة للأقوى .

العسكر حينها كان يمتلك القوة لذا استطاع الحفاظ على فكرة الدولة ، و أنا متأكد أن  شباب  المجلس الأعلى يملك أيضا  القوة للحفاظ على فكرة المجلس الأعلى للشباب ، فلديه كل موارد الدولة ، و يدعمه جلالته و ربما  في مرحلة من المراحل يشد أزره بأحد  تلك الخطابات الجميلة التي يلقيها ولد محم الرجل الكبير الذي يذكرني بقول روميل : القائد الناجح هو الذي يسيطر على عقول أعدائه قبل أبدانهم ، ولد محم  ذلك الرجل  الذي قوض مؤسسة المعارضة و جعل موريتانيا كلها موالية لجلالته .

إذن فشباب المجلس  الأعلى للشباب الآن مثل  العسكر قديما ،  يمكنهم الحفاظ على الفكرة ، و ضمان استمرارها ، لكن لن يمكنهم تطوريها أبدا ، لأن عملية التطوير تتطلب  المزيد من الإيمان و الانفتاح ، و إذا  كان  هذا المجلس لن يتطور فهو في هذه الحالة سيكون عبئا على جلالته ، حيث هذا الأخير يسعى إلى تطوير موريتانيا ، و هذا ما جعله أصلا  يتعهد بإنشاء  مجلس أعلى للشباب .

بالنسبة لي أعلق الكثير من الآمال على هذا المشروع الطموح ، و تمنى له النجاح ،  و مهما كانت الصعوبات التي قد تعوق تقدمه فإننا سوف نناضل من أجله  .

1. أغسطس 2014 - 20:59

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا