الموت أرحم بالمادة السادسة من الدستور الموريتاني!! / محمد الأمين ولد الفاظل

"الموت الرحيم" أو "القتل الرحيم" أو "رصاصة الرحمة" هذه مصطلحات أصبحت
شائعة، بل وتم تشريعها في بعض الدول الغربية، وهي تعني في مجملها إنهاء
عذاب مريض استحال شفاؤه بوسائل طبية غير مؤلمة، وإذا كان يمكن أن يتم

تشريع "الموت الرحيم" في بعض بلدان الغرب إلا أن الأمر بالنسبة لنا نحن
الذين أنعم الله علينا بنعمة الإسلام ليس محل نقاش أصلا، فلا يجوز تحت أي
ظرف قتل أي نفس بشرية، ولا إزهاق أي روح مهما كان حجم العذاب الذي تعاني
منه.
ولكن إذا تعلق الأمر بمادة ولدت أصلا بلا روح، أي أنها ولدت منذ ولدت وهي
ميتة، وإذا كنا نرى هذه المادة تتعذب وتهان وتتألم في كل يوم تطلع شمسه،
ألا يجوز لنا في هذا الحالة أن نستخدم أسلوب "الموت الرحيم" أو "الشطب
الرحيم" فنريح هذه المادة من العذاب ومن الإذلال الذي تتعرض له في كل
حين؟ أليس من الأسلم أن نحذف هذه المادة التي لم يُعمل بها في أي يوم من
الأيام، وذلك حتى لا نظل نهين الدستور الموريتاني في كل حين.
صحيح أن الكثير من مواد الدستور الموريتاني كانت قد تعرضت للكثير من
الإهانة، ولكن ما تعرضت له المادة السادسة من الدستور الموريتاني فهو شيء
آخر لا يمكن مقارنته بما تعرضت له المواد الأخرى.
فهذه المادة تهان في كل حين في وزارة التعليم وفي كل المؤسسات التعليمية
التابعة لها.
ـ تهان في كل المكاتب وفي كل الإدارات، وفي كل التقارير والمراسلات الإدارية.
ـ تهان عند كل عملية اكتتاب يتم فيها تهميش أصحاب الشهادات العربية.
ـ تهان في أغلب خطابات المسؤولين والموظفين كبارا كانوا أم صغارا.
ـ تهان في فواتير المياه والكهرباء.
ـ تهان في الوصفات الطبية.
ـ تهان  في لوائح حجاجنا إلى الأراضي المقدسة، وهي اللوائح التي تكتب
عادة باللغة الفرنسية.
ـ تهان حتى في الدعوات التي توجه بمناسبة الاحتفال بيوم اللغة العربية،
وهي الدعوات التي تكتب عادة باللغة الفرنسية.
حتى في رياضة الرماية، والتي هي رياضة تقليدية، ولها صلة بشكل أو بآخر
بمقاومة المستعمر، حتى في هذه الرياضة فإنه يتم التعليق على  المنافسة
فيها بلسان فرنسي غير مبين، ولكم في مهرجان التمور في أطار الذي نظم منذ
أيام قليلة خير دليل على ذلك.
أبعد هذا كله، أليس من الأولى بنا أن نطلق رصاصة الرحمة على المادة
السادسة من الدستور الموريتاني، وان نشطب على هذه المادة وأن نرميها في
مكب النفايات بتفيريت فنريح ونستريح؟
ألم يحن الوقت لأن نظهر شيئا من الشجاعة أو شيئا من الوقاحة، إذا شئتم،
فنقرر أن نبدل المادة السادسة من الدستور الموريتاني التي كانت تقول :
"اللغات الوطنية هي العربية والبولارية والسنونكية والولفية واللغة
الرسمية هي العربية" بمادة جديدة تقول " اللغات الوطنية هي الفرنسية
والفرنسية والفرنسية والفرنسية، واللغة الرسمية هي الفرنسية".
إن لغاتنا الوطنية تذل وتهان جميعها من طرف اللغة الفرنسية، فلا اللغة
العربية أصبحت هي اللغة الرسمية للبلاد،ولا اللغات الوطنية تم الاهتمام
بها، وذلك كله بسبب هيمنة اللغة الفرنسية، فالذين كان من المفترض بهم أن
ينشغلوا بالدفاع عن اللغات الوطنية ( البولارية والسنونكية والولفية)
بوصفها لغات أم بالنسبة لهم، قد شغلوا عن الدفاع عن تلك اللغات بالدفاع
عن اللغة الفرنسية، ونفس الحال ينطبق على بعض الذين كان من المفترض بهم
أن يدافعوا عن اللغة العربية بوصفها لغة أم بالنسبة لهم.
اليوم عندما يطالب أي موريتاني بأن تعاد اللغة الفرنسية إلى حجمها
الطبيعي تقوم موريتانيا ولا تقعد، ويحتج الآلاف من الخريجين باللغة
الفرنسية، أما عندما يساء إلى اللغة العربية فلا تجد من يتحرك أبدا، ولا
تسألونني عن عشرات الآلاف من العاطلين عن العمل الذين يحملون شهادات
بالعربية، والذين يهمشون عند كل اكتتاب بسبب هيمنة اللغة الفرنسية، لا
تسألونني عن أولئك فهم ليسوا إلا غثاء كغثاء السيل.
في الأيام الماضية تم تمرير مصطلح خطير من طرف مؤسسة تعليمية عريقة (
مدرسة تكوين المعلمين)، وهو مصطلح يصنف اللغة العربية على أنها لغة
ثانية، ونحن بالتأكيد لسنا ضد الدورة التكوينية في حد ذاتها، ونحن أيضا
نعرف بأن هذا المصطلح شائع الاستخدام في العالم، ولكننا نعرف خطورة
استخدامه في موريتانيا والتي ما تزال لغتها الرسمية هي اللغة الثانية أو
الثالثة بعد اللغة الفرنسية التي لا نعرف من أين جاءتنا؟ ولا كيف فرضت
علينا هذه المكانة التي تتمتع بها؟ فهي لغة لم يذكرها الدستور الموريتاني
ولا بشطر كلمة، وليست هي اللغة الأم لأي موريتاني، ولا هي بلغة ديننا
الذي يجمعنا، وفضلا عن كل ذلك فإن مكانتها في العالم أصبحت تتراجع بشكل
لافت؟
حال الفرنسية في موريتانيا يذكرني بفتوى غريبة للشاعر أبي نواس، أجاز بها
لنفسه شرب الخمر عندما اختلف الفقهاء حول شرب النبيذ.
فعندما أباح العراقي ( أبوحنيفة ) النبيذ وحرم الخمر، وحرمهما معا
الحجازي (الشافعي). أستنبط أبو نواس من ذلك فتوى غريبة، أحل بها لنفسه
شرب الخمر:
أباح العراقيُّ النبيذَ وشُرَبَـــــــهُ.........................وقال
حرامان المدامة والسًّــــكْرُ
وقال الحجازيُّ الشرابان واحدٌ ... ......................فحلِّت لنا من
بين قوليهما الخمر

17. أغسطس 2014 - 15:29

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا