المجلس الأعلى للشباب ..سلاح ذو حدين / م . لمهابه ولد بلاّل

برزت  في الآونة الأخيرة " كلمة "  قديمة جديدة ؛ ذات دلالة عميقة  ترددت كثيرا  في  الساحة  الوطنية ألا وهي كلمة الشباب ؛  وطبعا قفزت الى الأذهان مصطلحات مرتبطة لفظيا أو دلاليا  بهذه الكلمة ؛ الاهتمام بالشباب ؛

 دور الشباب ؛ لقاء الشباب ؛ المجلس الأعلى للشباب ..وحتى تجديد الطبقة السياسية ؛ الى غير ذلك من العناوين الفرعية التي أخذت طريقها الى الساحة الاعلامية والسياسية الوطنية مؤخرا وبدت كما لو ان المرحلة مرحلة الشباب بامتياز دون أن يتبلور الى حد الآن أمرا ملموسا يركن اليه باستثناء الوعود بانشاء مجلس أعلى للشباب كهيئة استشارية رقابية تعنى بمصالح الشباب وكوعاء يحتضن افكارهم وآراءهم ورؤاهم ..
في هذا الاطار بودي أن أنبه وبشكل مختصر على نقاط  أراها ضبابية أو اختلط فهمها مع مفاهيم أخرى وأبدأ من آخر نقطة وهو مفهوم أو مصطلح  "تجديد الطبقة السياسية " ؛ وأعرج على ما يخص الشباب فالشباب الموريتاني ليس من أولوياته السياسة  ؛ وما عنوان تجديد الطبقة السياسية إلا عنوان براق يدغدغ المشاعر ويثير الحماس لما يحمله من رؤية تنطبق على افكار جديدة ودماء جديدة وحماس و عنفوان ؛ أكثر مما هو قيمة حقيقية ستتجسد على أرض الواقع ،  وللشباب أولويات أخرى اكثر منطقية ووجاهة كالتشغيل ومحاربة البطالة و خلف الفرص و التكوين والغوص في مسببات امراض عالمية هدامة  تنتشر في صفوف الشباب  ومعالجتها  كالارهاب والتطرف و الالحاد واليأس والعنف والجريمة ووو
أما بالنسبة للمجلس الأعلى للشباب فهو فكرة بناءة لاشك في ذلك لأنها ستتيح لهذه الشريحة وربما لأول مرة هيئة لها امكانات وفرص للتصور والنقاش  ووضع الحلول وارساء أسس حقيقية يبنى عليها ، لكن هذه الفكرة سلاح ذو حدين ، اما ان تنقل الشباب الموريتاني الى مرحلة من الأمل وتعيد بوصلة الاهتمامات الى الطريق الصحيح وتفتح الباب لكل الأفكار والنقاش وتكون نموذجا لكل من يحمل مثل هذه الافكار في المستقبل وعونا له  ؛وهذا لن يحدث الا بأمرين صدق الارادة  السياسية وصدق الشباب المشرفين أنفسهم .
و اما ان يكون وسيلة تفرقة جديدة بين الشباب ومنبر للتخوين والتشكيك والهدم سيما أننا نعيش ساحة سياسية مضطربة ومنقسمة  اصابت شظايا انقسامها  كل مجالات الحياة ولاشك ان الشباب جزء من هذا الصراع وينظر بعضه ان لم نقل جله بعين التسيس لكل مايجري خاصة ان كان صادرا من أحد طرفي الصراع السياسي ؛ والأخطر  من كل ذلك ان يكون وراء كل هذا الحراك نوايا غير صادقة  تراهن على فشل هذا المشروع   وانتقاء مجموعات شبابية محددة وضربها عبر تأجيج الصراعات والخلافات حتى تكون عبرة لكل الشباب او من يحمل هذه الفكرة أو هذا النمط من التوجه ويشغل الشباب في أنفسهم على كعكعة من سراب .
ونصيحتي للشباب المنخرطين في هذا المشروع  بغض النظر عن توجههم السياسي  ـ فذلك حق لكل موريتاني ـ هي العمل بيقظة ووطنية والبعد قدر الامكان عن التسيس السلبي و المصالح الضيقة و بناء مجد وهمي معنوي أو مادي ؛ و الادراك بعمق ان هذه الهيئة ليست سياسية بقدرما هي فنية وتحتاج لخبرات  ، وان يستفيدوا بأكبر قدر ممكن ايجابي طبعا من الارادة السياسية لصناع القرار حاليا اتجاه هذا المشروع  ؛ وأخيرا عليهم  ان يدركوا  أنها تشكل نموذجا لكل الشباب فإما ان تعزز الطموحات أو  تزيد الطين بلة .          

19. أغسطس 2014 - 11:51

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا