هنيئا لـ"المخلدين" / الأستاذ محمدن ولد اشدو

برسم تشكيل حكومة جديدة، وفي خضم الحديث عن تجديد الطبقة السياسية نعيد نشر هذا المقال لعله يترك صدى..
الخلود هدف ظل الإنسان ينشده منذ وطئت قدماه الأرض إلى يومنا هذا.  وقد اتخذ في سبيله كل ما تفتقت عنـه عبقريتـه الجامحة من أسباب،

 فرسم، ونحت، وصور، وبنى الأهرام والمعابد، واتخذ سلما إلى السماء.. وظل عاجزا إلى وقت قريب!
بيد أن ما عجزت عنـه البشرية جمعاء، في أسمى حضاراتـها، يبدو أنـه تحقق - دون أن تشعر- في الجمهورية الإسلامية الموريتانية "بلد المليون شاعر"! وكان فتحا مبينا، رغم أنـه - ككل عمل بشري - ما يزال ناقصا وخاصا بفصيلة دموية دون غيرها هي فصيلة A السلبية "الجمهورية" التي لا توجد إلا في بلادنا والولايات المتحدة الأمريكية!
وقد يتـهمني المتـهمون - وما أكثرهم هذه الأيام - بأني أروج خلسة للـ"حزب الجمهوري"! وهي تـهمة لا أتبرأ منـها؛ ولكنـها مقام لا أدعي بلوغه بعد! فأنا، ببساطة، إنما أسجل اكتشافا علميا حصل في بلدي ربما تستفيد منـه البشرية!
فمثلا:
- عندما وقعت محاولة انقلاب الثامن من يونيو الذي وصف بالأعنف من نوعه، لم يمت "جمهوري" واحد، رغم أن جميع الموريتانيين "جمهوريون" بالفطرة. فالانتقاء الطبيعي والحس الوراثي منحا "الجمهوريين" حصانة من الموت الذي بقي على السطح يحصد الدهماء الحائرة العاجزة.. بينما هاجر "الجمهوريون" أو نزلوا إلى القاع لمّا استشعروا اقتراب العاصفة. ولم يطفوا إلا بعد أن غيض الماء واستوت على الجودي... دبابة، دبابة!
- وفي انقلاب الأمة الغاضبة السلمي في 3 أغسطس 05 على طغيان "الجمهوريين" لم يتفق المنقلبون على شيء مثل اتفاقهم على تسليم مقاليد السلطة الانتقالية إلى "الجمهوريين" فكانوا بناة الصرح الديمقراطي العتيد! وفي هذا بعض تفسير مطالبتـهم بدم ذلك الصرح لمّا  انـهار، وحملهم قميص عثمانـه!
- وفي عهد الديمقراطية والتغيير "الجمهوري" بامتياز تلقفت عصا "الجمهوريين" كيد السحرة المناوئين، وأشرقت الأرض بنور الوجوه "الجمهورية" التي شكلت الحكومتين الثانية والثالثة لذلك العهد!
- وجاءت حركة 6 أغسطس بردا وسلاما وتصحيحا لما اعوجّ من مبادئ وتعاليم وقيم حركة 3 أغسطس "الجمهورية" المعادية للحكم "الجمهوري" فكنست أول ما كنست طاقم بطانة المستشارين والمكلفين بمهمات الذي كان يحتجز الرئيس. لكن سرعان ما عادت حليمة إلى عادتـها القديمة، فعينت رئاسة المجلس الأعلى للدولة الجديدة أمْسِ طاقما "جمهوريا" قديما جديدا يحل محل الطاقم "الجمهوري" القديم الجديد!
وفي المستقبل "الجمهوري":
* إما أن يتم انفراج في الوضع باتفاق بين الجنرالات والمجتمع الدولي (القوى المهمة في المعادلة ما دام الشعب غائبا) على إعادة وتصحيح "المسار الديمقراطي" وتتم انتخابات حرة ونزيهة! وفي هذه الحالة لن ينجح سوى أحمد أو محمد أو مسعود.. الخ. وبالتأكيد، فإن في جعبة أي منـهم ما يكفي من "الجمهوريين" لتشكيل الحكومة وقيادة وتسيير الدولة.
* وإما أن يكون الانفراج في اتجاه عودة "الرئيس المنتخب" إلى مباشرة "مهامه" و"صلاحياتـه" التليدة. وهنا "فلا إشكال": فالطاقم "الجمهوري" المخلد جاهز! وحدهم بعض الإصلاحيين والاتحاديين المخلصين ربما سيبقون خلف الباب حتى يأتي أمر الله!
نشر في يومية "السفير" 23 /9/ 2008
(من كتاب "أزمة الحكم في موريتانيا)

19. أغسطس 2014 - 16:45

أحدث المقالات

كتاب موريتانيا