بالفعل تم تشكيل حكومة موريتانية لا أقول جديدة ولكن بدليه بسبب ظروف قدومها ، ظروف شابها الغموض والترقب لأزيد من شهر دون تسرب أي معلومة حول ما يجري خلف جدران القصر الرمادي و ما يدور من كواليس ،
و إن كان إعلامنا الناشئ لم يهتم بظروف تشكيل الحكومة بقدر اهتمامه بها بعد تشكيلها ، فإن بعضا من وسائل الإعلام الدولية لمحت إلى وجود أزمة في البلاد قد تعصف برأس الهرم .
بالفعل وُجِدت أزمة ولا تزال قائمة حتى هذه اللحظة ، لقد تخلى الرجل عن الرجل فجأة ، فسقط الأخير مغشيا عليه من هول الصدمة ، لقد قرر ولد محمد الأقظف التخلي عن ولد عبد العزيز دون إشعار مسبق ، ودون أن يظهر من سلوك الرجل الرزين والمتمرس ما يوحي منه بذلك ، ودون أن يقبل أي مساومة للعذل عن القرار الأصعب في تاريخ المرحلة ، لينتهي بذلك أحد فصول الرحلة الجهنمية ويبدأ فصل جديد يطرح آلاف الأسئلة .
بالفعل أختار ولد محمد الأقظف عدم المواصلة وعدم شغل أي منصب في ظل هذا الحكم ، مما يدفع بنا إلى طرح سؤال وهو : هل كانت هناك ضغوط دولية غربية تمارس على الرجل ؟ إن إضعاف الخصم يتطلب إبعاده عن مصدر قوته ، فإن كان الخصم هو محمد ولد عبد العزيز فإن مصدر قوته مولاي ولد محمد الأقظف ، هذه المعادلة السهلة تبرر الزيارات المتكررة التي كان يقوم بها السفراء الغربيون للرجل ، فالخصم سلك نهجا شاذا و اتجه إلى الممانعة ، ولم يكن الغرب راضيا عنه وإن أظهر عكس ذلك ، و عندما تتضارب المصالح بين الدول ، هناك من يجيدون اللعب ، و الدول العربية تشهد على ذلك .
بالفعل خلفت استقالة ولد محمد الأقظف صدمة للجميع ، إلا أن المعارضة التقليدية حافظت على صمتها ولم تخرج عنه ، كأنها على علم مسبق بما حدث وما سيحدث لاحقا ، أو أنها تعمل في الخفاء على أجندة مشتركة و مترابطة كان الحدث أحد نتائجها ، ومهما يكن فهذا الصمت الطويل يثير الخوف إن كان غير معهودا من قبل .
بالفعل يظهر الاضطراب تباعا ، فاستقالة ولد محمد الأقظف رافقتها أحداث أخرى من نوع خاص ، حيث ظهر بقوة العقيد ولد محمد فال بشكل المنتصر ، وبكل ثقة يتحدث عن نهاية حكم المارد ، وبغض النظر عن ما صرح به العقيد ، فإن التسلسل الزمني للأحداث يجعلنا نربط كلا من هذا و ذاك ببعض الريبة والشك ، فالعلاقة الوطيدة بالغرب تجمع الرجلين باعتبارهما محل ثقة كبيرة ، و ربما تجد العديد من العوامل المشتركة الأخرى .
بالفعل جاءت تصريحات العقيد القوية لتطرح أسئلة مثيرة مبنية على الكثير من الأسس القوية ، فهو من مكانته السابقة لا يمكن أن يخطو خطوة خاطئة ، فالتصريح أتى متأخرا جدا ، هل كان ينتظر شيئا ما مثل استقالة ولد محمد الأقظف ؟ و لماذا هذا الوقت بالذات ؟
بالفعل هي مجرد تصريحات ، لكنها حين تأتي من العقيد ، هنا يجب الانتباه جيدا ، فالعسكري يجيد الفعل أكثر من القول ، لعله فقط ينتظر الضوء الأخضر من شركائه ، ولعل شركائه ينتظرون ولد محمد الأقظف ، ربما لتكليفه بمسؤولية أكبر أو الاعتماد عليه لدعم توجه جديد في المنطقة .