عندما تزور نواذيبو يستقبلك الركود والنوم، خصوصا إذا دخلت صباحا، وعندما تميل الشمس إلى كبد السماء، ووقت الزوال وحتى الضحى قبل ذلك، لا تلاحظ كبير نشاط، كما كان أيام 2000، 2001،2002، وقت الحركية، وقمة ذروة الذروة تقريبا، أيام ولد الطايع المخلوع.
اليوم زمن عزيز يعيش نواذيبو فعلا قمة الركود والتراجع!. وسط أزمة تسويق حادة للأسماك، المعدة للتصدير، وخصوصا إلى اليابان والاتحاد الأوروبي. فالمستثمرون الخارجيون، نظرا لطول الممارسة للسوق المحلي للصيد بموريتانيا، ونواذيبو بشكل خاص، أصبحت لهم دراية ودربة تمكنهم بسهولة من الحصول على أدق المعلومات على الكميات وأساليب ضرب البعض بالبعض الآخر. أي خلق مشاكل بين ملاك السمك المحليين، وحتى ما بين الإدارة والمستثمرين المحليين أيضا، من رجال الأعمال المشتغلين بالصيد، وبوجه خاص في مدينة نواذيبو. ونعني بالإدارة بوجه أخص شركة تسويق الأسماكSMCP ، التي أصبحت مثقلة بالفضائح، والبيروقراطية الإدارية، وذلك ما من خلال تزوير الكميات والمداخيل المالية، لصالح البعض أحيانا، دون أن يكون له ذلك بالضبط. هذا بغض النظر عن جملة الاعتراضات العديدة على عمل الشركة المذكورة، والتي ليس هذا مجال سردها تفصيلا وشرحا، نظرا لخصوصية السفر، ومتاعبه التقليدية. وإنما سنؤجل ذلك إلى فرصة أوسع بإذن الله، مع معلومات أدق. وعموما إنها تجربة لا غنى عنها تقريبا، تكرس أحيانا بصورة إيجابية دور الوسيط ما بين الصياد والمشتري، لكنها تحتاج إلى مراجعة جادة شاملة، وإلا لأسقطت كليا قطاع الصيد في بلدنا الضعيف أصلا. وأما إدارتها الحالية فلاشك أنها تسيرها بأسلوب قد يفضي –ولو تدريجيا- إلى قمة الضعف وشيوع الرشوة في كافة مكاتبها، ربما من المدير العام إلى البواب، ودون استثناء تقريبا، ولقد تحول المدير العام إلى إداري فاشل، أضحى من أكثر الأثرياء، رغم أنه يحرص على الإستفادة من كل سبل العطاء المشبوه، حتى أنه حرص على أن لا "يزمك" من أي شيء، وهو من "بابابي" البعيدة من "الكيطنة" وثمارها وتلقي "أكياسها"!. إن SMCP الشركة الموريتانية لتسويق الأسماك، حاليا نالت وسام الفساد الأكبر، فأصبحت من أفسد المؤسسات الوطنية علما، على وجه الإطلاق تقريبا!. وهي من أهم أطراف أزمة تسويق الأسماك في السنة الحالية على وجه الخصوص، والتي سببت أزمة سيولة ونقص نشاط اقتصادي واجتماعي في عاصمتنا الاقتصادية الراكدة بصورة متزايدة وبشكل ملحوظ للأسف البالغ. وفي الضفة الأخرى تنتصب أمبراطورية الوهم، التي يتلاعب بها ولد أوداعه ولوبه الفاشل. وسط تغاضي الانقلابي المرتشي عزيز، لأن وداعه باختصار يذعن حرفيا، -طمعا ورهبا- لطلبات ولد عبد العزيز، والتي تتركز لصالح أسرته ومافياه الواسعة، ذات النفع الخصوصي لها ولرأسها، رأس النظام الفاسد، المنتهي الصلاحية، محمد ولد عبد العزيز!. واقع فاسد في "سنيم" منذر بالخطر، بعد بيع أغلب رصيدها من الحديد في تيرس زمور وفي ضواحي ازويرات بشكل خاص لجهات عربية وآسيوية، قطرية وهندية على سبيل المثال لا الحصر، وهو واقع لا يخلو من بعض الأمل في تحسن الإنتاج ولو مؤقتا قبل إغلاق الشركة لأبوابها في السنوات المقبلة، إذا استمر المدير العام الحالي وطاقمه الراهن بأسلوب العمل القائم على أرض الواقع أيامنا هذه، مع تحسن أوضاع العمال نسبيا، ضمن أسلوب إلهائي تضليلي مراوغ خبيث حتى لا يحتج العمال أو يصل خبر الكارثة المستورة عن الناس إلى مسامع الموريتانيين الذين طالما سمعوا عن "ميفرما" منذ الخمسينات إلى مطلع السبعينات، عندما أصبحت بالإسم الحالي "سنيم"، بعد أحداث ازويرات الدامية التي سقط فيها شهداء من عمالها يطالبون بحقوقهم، وسط انتفاضة عمالية شهيرة، أدت لاحقا لتأميمها وإدارتها من قبل أيادي وطنية، تراوحت بين العجز والنجاح النسبي، لكنها أي "سنيم" لم تهدد بالبيع الصريح إلا أيام سيدي ولد الشيخ عبد الله، وللتاريخ فقد رفض ذلك التوجه، حسب علمنا، لكن عزيز حقدا على أصهاره من "اسماسيد" أبعد عنها التنقراط المتميز محمد السالك ولد هيين، الذي لم يكن يسمح لنفسه بعقاب أي من أطره المعارضين، خصوصا من أبناء مدينة "بوتلميت"، بسبب مثلا انتمائه لحزب معارض وقتها خلال حكم ولد الطايع، وجاءت العهود الجديدة بعد ذهاب ولد هيين بالسياسة والتسيس، بدءا من المدير العام إلى أصغر بواب في "سنيم"، وهو من أكبر عيوب التسيير ما بعد إنقلاب 3 أغسطس، وظلت مهددة بالبيع المباشر وغير المباشر، إلى أن تم ذلك سرا، وسط تقييد وتكميم أفواه وأقلام الصحفيين بعطاء سخية، طالت أغلب المواقع والصحف المعروفة، وبشكل سنوي مستمر، فلا ترى غالبا خبرا عن "سنيم" وظلت جهد فضائحها وعملياتها المتلاعبة الخطيرة بحاضرها ومستقبلها، مخفية عن قصد عن الرأي العام المحلي والدولي على السواء، إلى أن بيعت أغلب أرصدتها من الحديد –كما أشرت سابقا-، ولكم جميعا أن تبحثوا عن بقية القصة المثيرة التي ربما تؤدي في وقت وشيك إلى إيصاد "سنيم" لأبوابها خلال سنوات قليلة. أجل، أقول تحسنت أوضاع العمال نسبيا عن قصد للإلهاء، لأن العمال هم دائما مصدر الإبلاغ والإحتجاج الإيجابي داخل "سنيم"، لكن العمال في الستينات كانوا واعين وليسوا أصحاب بطون فحسب، فيتألمون لأنفسهم ووطنهم، أما الحاليون فقد صب على بعضهم وخصوصا الأطر المال صبا، ليسكتوا و"الساكت عن الحق شيطان أخرس". ورغم ذلك وصلنا صوت بعضهم المبحوح، والذي مايزال يطالب بما وعدهم به المدير العام عبد الله ولد أوداعه، والذي وعدهم فعلا في الشهر التاسع المنصرم "سبتمبر 2014"، بزيادة تتراوح ما بين 12% و13% باحتساب بداية السنة. إلا أن الوعد الذي تخطى موعده لم ينفذ حتى الآن. رغم حديث العمال عن زيادة تصدير اسنيم للحديد الخام إلى مستوى قياسي بالنسبة لسنة 2013 والسنة الحالية كذلك، إلا أن هذا الإنتاج ستظل ثمرته حبيسة الصناديق أو لصالح رأس النظام وجماعة قليلة من النافذين، ما لم يرضى عمال اسنيم بالدرجة الأولى، وخصوصا البسطاء منهم، الذين صنعوا هذا الإنجاز النوعي بسواعدهم مباشرة، فأعطوا الأجير حقه قبل أن يجف عرقه. وعلى مستوى برنامج جمعية اسنيم الخيرية، يبدو أن مقر المستشفى المنتظر في مدينة نواذيبو، بتمويل خالص من شركة "سنيم" قدره 2740000000 أوقية، مازال ينعش نسبة من الأمل في هذه المؤسسة الوطنية العملاقة، التي نرجو بإشفاق وجدية مراجعة وضعيتها "ال ما أجبرنه يجبروه اخوتنه", اقول فعلا مازال مشروع هذا المستشفى، ينعش ويحرك بعض الأمل، حيث يتواصل البنيان دون أن ينجز المقر بصورة كاملة، وقد زرته قبل لحظات، حيث تتحرك ميمنة وميسرة في جو من العمل المحدود البطيئ، رغم أنه لم يتوقف تماما، وذلك بعد تجاوز الوقت المحدد لإنهاء الأعمال، وبعد أن استلم مقاول جديد العمل تحسن الأداء في أعمال التشييد، دون أن يصل ذلك إلى تحويل المشروع إلى واقع ملموس، وللتذكير فإن ما سرب الإعلام الرسمي التابع للتلفزة الوطنية، إبان زيارة سابقة ونشرته "الأقصى" قد حرك الملف –أي ملف مشروع مستشفى جمعية "سنيم" الخيرية والذي أستلمه للإنجاز عباس بوغربال وهو من يواصل عمل لتحويل هذا المشروع إلى منجز مباشر، وربما قربه النظام فأعطى للإدارة العامة لاسنيم الأوامر لتقريبه في المقابل، لأنه باع صاحبه السابق محمد ولد بوعماتو من خلال معلومات مهمة، ربما قد أبلغها للجهات المعنية وقبض بعض ثمنها عن طريق مشروع تناهز تكلفته ثلاثة مليارات أوقية، فمن ترى يبيع عباس بوغربال في السنوات القادمة إن تفرغ بنجاح من بناء مقر مستشفى جمعية سنيم الخيرية!- هذا المستشفى الذي ينتظر أن يساعد في حلحلة بعض الواقع الصحي، المتعثر جدا في عاصمتنا الاقتصادية المتهالكة، وسط سوء التسيير والرشوة وعجز السكان عن التعبير بصورة صريحة وفعالة عن معاناتهم العميقة الجلية، والتي لا تحتاج إلى بيان تقريبا. فلا الصيد بيع منتجه الأول، السمك المعد للتصدير، ومنذ أكثر من ثلاثة أشهر، ربع سنة من الركود القاتل في عمق أهم قطاع في المدينة الاقتصادية "يبره"، بعبارتنا الحسانية الساخرة بجدارة، من قطاع صيدنا المشرف على الانهيار، ومعه طبعا الطابع الاقتصادي للولاية المنسية الفاشلة بامتياز، فكيف تصبح منطقة حرة، وسط غياب مستمر تقريبا لرئيسها أي رئيس المنطقة الحرة، ربما لأنه أدرك فعلا أنه يتعامل مع أشباح الأفكار الإستثمارية الخيالية، التي لا تستند إلى تمويل محلي ذي بال، ولا إلى إقبال لائق من الطرف الخارجي. إذن، ذلك مشروع لا يستحق من أن يدرج في عنوان المقال الحالي. وباختصار اسنيم هي الأمل الوطني الأول، والمهدد بامتياز في المنعطف الحالي من تاريخنا، وسط سكوت العمال، لأن بعض مطالبهم حققت، ووسط كذلك تغاضي الصحافة والمستقلة والرسمية على السواء. فـ"سنيم" تأتي في الأهمية والترتيب قبل قطاع الصيد الهام هو الآخر، إلا أن المدير العام مافيوي مرتهن للنظام الفاسد. فلا النظام تركه لحاله ليفشل دون أن يجد الفرصة ليتحجج بأنه أمر بالفساد، فنفذ خوفا أو طمعا أو هما معا. ولا هو عرف أصلا بالاستقامة وحسن التسيير.فانشغاله بالسياسة لا يدل على فنيته وتفرغه لمهمته الصعبة، لأن مدير "اسنيم"، وذلك ما كشف عن ثغرات بالغة في قدرته التسييرية، لأن مدير اسنيم، عندما ينغمس في العمل السياسي والحزبي بوجه خاص، فما ذلك إلا لاستدرار عطف النظام للتغافل عن عجزه وأخطائه الجمة، الواضحة من خلال إنفاقه الخيالي في السياسة وما سواها من المجالات البعيدة عن مجال عمله، والتي لا صلة لها بزيادة 12% و13% لصالح العمال المكذوب عليهم بشأنها وغيرها!، بينما يمنح الصفقات لمن لا يستحقها من آهل عزيز أخرى أو من أقارب زوجته –نعني المحيط المقرب من زوجة ولد وداعه-، أو من يخاف منه على منصبه، والذي تحول بعد ولد هيين إلى مهب لتولي كل شخص قاصر فاشل، حتى وصلت اللائحة إلى عبد الله ولد أوداعه أفشل مسير في الوطن تقريبا، ولتنظروا إلى حصيلة تجربته التسييرية في شركة خصوصية، مثل شركة اهل انويكظ، جناح مشاريع الماء والكهرباء "ما يسمى بالشركة العامة للماء والكهرباء" والتي كان يديرها ما بين 2006 و2007. فلقد ختمت بالديون الجمة والإفلاس باختصار، ومازالت لوحتها ماثلة على الشارع المفضي إلى "قصر المؤتمرات"، شاهدة على المستوى الحقيقي لولد أوداعه، السياسي الفاشل والمسير الأفشل، وهو ما تسير إليه "اسنيم" إن استمرت على النهج الحالي، رغم تحسن الإنتاج الإلهائي، فما يخفى أخطر وأدهى وأمر. فنواذيبو "اسنيم" والصيد والمنطقة الخادعة، بدل الحرة، يسير نحو تصفية حقيقية، ربما لصالح مقاطعة الشامي الناشئة، والتي توقفنا فيها برهة من الوقت للاستراحة العابرة، ولم تتركنا الخنافيس والأفاعي ليلتها نستقر لوقت الشاي والعشاء على الأقل، رغم أننا حملنا من مؤونتنا!. لان "العاصمة الاقتصادية المنتظرة" بعد انهيار نواذيبو المتعمد، مازالت حتى الآن مجرد مشروع وعاصمة للأشباح و"الخشاش". فليكرر زائرها "أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق وذرأ وبرأ". عسى أن يسلم له جسمه، من السم النقاع. فقد أوشكت على لسع "حنشة" الشامي، لولا تنبيه الرفقة المباركة جزاءهم الله خيرا. فولد عبد العزيز، الذي أضاء بمشروع الطاقة المشبوه مدخل "الشامي"، ربما يفضل بناء عاصمة اقتصادية جديدة بالأشباح، بدل نواذيبو العريق المهدد بالركود، لأن شعار الحاكم الحالي تجديد الطبقة في كل مجال، حتى في مجال قتل العواصم والمدن العريقة، وخلق مدن جديدة هشة، يرتبط بها اسم نظامه ومجموعاته الخاصة الضيقة الشأن والعدد، وسط محاولات تكريس مشروع موريتاني جديد هش طبعا، وربما بعاصمة اقتصادية جديدة "الشامي"، وعاصمة إدارية جديدة بلا ميناء ربما تكون لا قدر الله "العصماء" أو "الحشماء" أو غيرها من المسميات الجديدة، والمشاريع الناشئة، كذلك. وبعلم وطني جديد، بناية شاهقة فوقها قبعة عسكرية، رمزا لإرتهان الوطن لمؤسسته العسكرية الوطنية الإنقلابية، ولا نعرف هل نحكم بحكم عسكري بواجهة قبلية ما أو عن طريق تحالفات قبلية تقليدية بخلفية عسكرية، والعقارات في علمنا الوطني الجديد غير المستبعد رمزا لسرقات عزيزهم وزوجه ومافياه الشاطرة التي لا تستحي طبعا، والتي اشترت هذه العقارات المشبوهة على نطاق واسع المغرب ودبي وفرنسا ولاس بالماس، بينما اهل نواذيبو ينتظرون "امساكين" بيع السمك، ويحزنهم أنه بيعه تأجل وتعثر، مرارا وتكرارا، ألا يتذكرون ويستدركون بيع الوطن كله، فهل يستغرب في هذا الجو، أن يتأخر أو يتعثر بيع سليم لسمكهم. سيباع سمككم وتباعون أنتم، ولن تربحوا إلا العض على الأصابع والمصاريف المرهقة، مهما كان دخلكم الذي يعاني في أغلبه من قلة الزكاة وتسديد مستحقات الفقراء في نواذيبو وغيرها. وأما المنطقة الحرة فمجرد تكتيك للإلهاء والتنوع والتخدير المـستمر للغافلين البلهاء، وهم أغلب سكان هذا الوطن الغالي ونواذيبو بشكل خاص، وخصوصا أخوالي من "أهل الساحل"، الذين "يلحسون" قليلا ويستغلون كثيرا. هذا الوطن المترامي الأطراف، يملك حوزة ترابية واسعة، دون سكان أحيانا إلا لسع الأفاعي وهجوم "الخشاش" على شرفاء وأحرار موريتانيا، وهم في قلة متزايدة، لصالح الرعراع، ومن رضي منهم بالنزر القليل الملوث