في الأشهر الاخيرة من الحرب العالمية الثانية و مع تقهقر الجبهات الألمانية نشرت وسائل الاعلام النازية دعاية مكثفة عن قرب اتخاذ الفوهرر قرارا بفتح المخزن 13.
انتشرت القصة كالنار في الهشيم بن صفوف الشعب الالماني
وخرجت تصريحات عديدة لقادة عسكريين تفسر انسحاب القوات الالمانية المستمر بخطة عسكرية مدروسة الهدف منها استدراج اكبر عدد من قوات الاعداء الى الحدود الالمانية لتتم ابادتهم بفضل محتويات المخزن المذكور.
ملايين اليائسين تعلقوا بالأمل و انتشر المحللون في الصحف و الاذاعات و بين اوساط العامة يروجون بحماس منقطع النظير .
تعتبر هذه الاكذوبة مثلا يستشهد به الباحثون و يعتبرونه نموذجا يتوفر على اهم اركان الانتشار و التصديق الذي صاغه الباحثون على شكل القانون التالي :
الاهمية مضروبة في الغموض .
فعلى سبيل المثال يستحيل نجاح اكذوبة في موريتانيا عن ارتفاع وشيك لأسعار الخنازير لإنعدام الاهمية أو لاختفاء الشمس من السماء لغياب عنصر الغموض .
تنبع اهمية اكذوبة المخزن 13 بكونها بالغة الاهمية لكل الشعب الالماني الذي توشك قوات الحلفاء على احتلال بلدهم و اما الغموض فمن المؤكد ان التحقق من المخزن المذكور امر مستحيل.
مشكلة الكذب في بلدنا انه غير علمي و ساذج الى حد الاضحاك فجميع الاكاذيب تقريبا التي ينشرها النظام تنعدم فيها ابسط مقومات قابلية الانتشار و التصديق.
كذبة تصدير الكهرباء تكشفها الانقطاعات المتكررة و فرية الصرف الصحي يسهل تماما التحقق من اختلاقها بالعين المجردة .... ام الاكاذيب فهي بلا جدال مدينة رباط البحر التي ولدت ميتة على قارعة طريق تعبره آلاف السيارات يوميا.
مصنع الطائرات يقترب من العبثية المجنونة فموريتانيا ولد عبد العزيز التي لا تفلح حتى في صنع الطائرات الورقية لن تستطيع تركيب دراجة في في هذ القرن الذي استهلته بسلسلة لا منتهية من الاكاذيب الضعيفة و غير القابلة للتسويق من قبل اي كذاب او دجال محترف.
من المضحكات الكبيرة في هذا العصر الفريد مقال لولد عبد العزيز بالانجليزية و هو مقال حسن الصياغة سليم التراكيب و يحمل صورته و توقيعه. البديهي و المعروف و المتفق عليه ان فخامته لا يستطيع تشكيل جملة مفيدة بلغة المتنبي و لا بلغة موليير فما بالنا و بال وليم شكسبير و اي ذنب اقترفه هذا الاخير ليتلقى هذه الصولات الثقافيةالعزيزية .
في علم الدعاية يٌنصح الساسة بتجنب الكذب في غالب الاحيان و عند اتيانه لضرورة ما يجب ان تكون الكذبة مفيدة غامضة و غير قابلة للتكذيب.
لذلك رغم مهارة وزير الدعاية الالماني الدكتور بول جوزيف غوبلز في الكذب التي يشهد بها المتخصصون تبقى كل اكاذيبه وبالا على بلده و عاملا من عوامل الانهيار الشامل لألمانيا عبر اغراق شعبها في آمال و احلام و تغطية الحقائق بستار كثيف الى ان وقعت الواقعة و انهار كل شيئ .
كانت نهاية غوبلز مأساوية حيث اضطر الى قتل بناته بالسم و الانتحار رفقة زوجته بعد ان وصلت القوات السوفييتية الى مشارف مخبئه الاخير و كان آخر ما نقل عنه:
"الكذب سلاح فعال و عيبه الرئيسي يكمن في نتائجه قصيرة الامد"